تزعم انتفاضة شعبية سطرت عيدًا قوميًا لمحافظته، التف حبل المشنقة حول عنقه، والتهمة مناضل من أجل وطنه، لم يكن طالبا جاهًا أو مالًا، فقد رحل شاب العشرين، تاركا ثروة طائلة، وفتاة زفته لمثواه الأخير بدلا من عش الزوجية. نشأته وبحسب ما وثقته البديل وأكده أحفاد الثورة، فالدكتور خليل أبو زيد، زعيم انتفاضة شعب المنيا في أحداث 18 مارس 1919، من أبناء ديرمواس، نشأ في أسرة عريقة، فوالده "أبو زيد علي"، كان عمدة المدينة وقتها، يمتلك قصرا كبيرا وقرابة 300 فدان، أنجب خليل و6 أبناء أخر، خصص 29 فدان "وقف خيري" وليس وقف أهالي، وذلك للفقراء وعابري السبيل، ولمساجد ومدافن العائلة، وكان متزوج من 4 سيدات منهم ابنة رئيس المحاكم الشرعية في حينها. الدراسة يقول الحاج جمال الدين راغب أبو زيد، حفيد خليل، سافر زعيم الثورة بينما كان عمره 22 عاما للدراسة في جامعة "لندن" بإنجلترا، بعد مضيه 5 سنوات مكافحا لأجل تلقي العلم، وعاد إلى وطنه في عمر 28 عاما، ليكمل كفاحه ولكن هذه المرة ليس من أجل العلم ولكن لأجل الوطن، حيث مسيرة نضال انتهت بتضحيته بحياته، عندما حكم عليه بالإعدام. زفاف لم يكتمل وقال عدد من أحفاده، إنه تقدم لخطبة فتاة من القاهرة تدعي كوثر عبد السلام، كانت معيدة بإحدى الكليات بجامعة القاهرة، ومات قبل زفافها، لتكتب قصة حياته، وقصة الثورة في المنيا في كتاب بعنوان "مآذن ديرمواس"، لم تتحصل "البديل" على نسخة منه لضياع معظم النسخ نتيجة توقف طبعه، بعد وفاة الكاتبة. سنوات الحرية وأشهر الذل ويقول رفعت مهني الأمين العام المساعد لجامعة المنيا سابقا وأحد أحفاده، إن خليل أبو زيد عايش الحرية والديمقراطية في أثناء دراسته ببريطانيا لمدة خمس سنوات، ولما عاد لمصر لم يجد سوى الإذلال والقهر في وطنه من قبل الإنجليز، فلم يرتضي بتلك الأوضاع، خاصة بعد سنوات الحرية، ولأنه وفدي كباقي أفراد أسرته، انتفض متضامنا مع اعتقال ونفي الزعيم سعد زغلول ورفاقه، ولم يكن يمضي علي مجيئه أسابيع. لقاء المندوب السامي البريطاني..مفاوضات العفو عن سعد زغلول ويضيف "مهني": الدكتور أبوزيد كان يتحدث الإنجليزية بطلاقة، لذا لجأ إليه أهالي القرية بعد نفي سعد زغلول وبعد مضي 3 أشهر من عودته من إنجلترا، وطلبوا منه مقابلة المندوب السامي البريطاني في مصر لطلب العفو منه في عودة سعد ورفاقه، وبالتالي لم يتردد في مقابلة الإنجليز وعرض طلب الأهالي أمامهم. زعيم الثورة يرفض منصب وزاري ولما التقي المندوب السامي ساومه وعرض عليه منصب رفيع برغم صغر سنه وهو أن يكون مسئول ملف الزراعة في مصر بحسب تخصصه ودراسته، وهو يساوي منصب وزير الزراعة حاليا، إلا أن خليل رفض بشدة، وعاد إلي قريته. ..ويخطط للنضال ويكمل..بعد عودته من القاهرة أخذ يخطط وأهالي القرية وأفراد عائلته، في كيفية مواجهة ظلم المستعمر، وبعد عدة اجتماعات انتهت بالاتفاق علي التظاهر أمام خطوط السكك الحديدية، لتوصيل رسالة تنقل لمستقلين قطار الإنجليز وعلي رأسهم مفتش السجون "بوب" مشاعر الغضب لدي جموع الأهالي. ملاقاة مفتش السجون "بوب" وبالفعل توقف القطار وأخذ علي عاتقه التوجه لملاقاة "بوب" والتحدث معه إلا إن الأخير لم يستجيب، وأخذ يشهر سلاحه في وجه الأهالي، لتأتي حادثة مقتله وضباطه وجنوده. حيلة الزعيم الشاب لإنقاذ الثوار ويستكمل الحاج عادل حفيد زعيم الثورة بقية الحديث، فيقول بعد حادثة مقتل الضباط، عاشت القرية شهرين في حالة من الهدوء، بعدها حضرت قوات الإنجليز وحاصرت القرية بالدبابات، وفي هذا اليوم خرج خليل وقرر الاختباء في مكان آمن، ولما استوقفه أحد جنود الإنجليز، لسئواله عن هويته، قال له أخبرني بالأسماء المطلوبة وسأرشدك عنهم، وكانت حيلة منه لمعرفة المطلوبين حتى يتسنى له إبلاغهم للهرب من القرية، ولم يكن يعرف هذا الجندي أنه أمام زعيم الثورة، بالفعل أبلغ خليل رفاقه وهربوا من القرية. نضال لم ينته وبعد خروجهم من القرية، وصلتهم أخبار اقتحام منازلهم والاعتداء علي أهليهم، فما كان منهم إلا أن يسلموا أنفسهم للإنجليز لإنقاذ أسرهم، برغم علمهم بخطورة تسليم أنفسهم وما يترتب عليها من إعدامهم. إعدام البطل وفي 17 مايو 1919 عقدت محكمة عسكرية بمديرية أسيوط، وبدأ نظر القضية التي عرفت بقضية "ديرمواس" حصلت البديل علي تفاصيل المحاكمات، وحكم علي خليل أبو زيد بالإعدام شنقا، بعد مضي 3 أشهر علي قدومه من إنجلترا. تخليد اسمه وتجاهل ذكراه ويخلد اسم خليل أبو زيد النصب التذكاري بمدينة ديرمواس، وكذا النصب التذكاري بمدينة المنيا، في حين غاب اسمه عن احتفالات المحافظة بعيدها القومي، كما احترقت صوره الموجودة بقاعة مجلس مدينة ديرمواس، إبان أحداث العنف التي تلت فض اعتصامي "رابعة والنهضة".