المالية: تقليص للضريبة النوعية لصالح "النسبية" الأكثر عدالة الضرائب: آلية لعلاج التشوه.. وتجريم البيع بدون فاتورة خبراء: القانون يزيد معاناة المواطنين.. ومحدودو الدخل يمولون الزيادات أعلنت وزارة المالية اعتزامها التوجه لتطبيق ضريبة القيمة المضافة بدلاً من قانون الضرائب علي المبيعات، معتبرة أن تلك الخطوةضمن إصلاحات المنظومة الضريبية وتحقيق العدالة الاجتماعية، خصوصا وأنها ستخضع السلع والخدمات للمحاسبة الضريبة علي مرحلة واحدة من مراحل الإنتاج، يأتي ذلك بالتزامن مع انعقاد مؤتمر القمة الاقتصادي الأسبوع الجاري، لتستغل الحكومة فترة انعقاد المؤتمر لتمرير ذلك التشريع كما فعلت في قانون الاستثمار الموحد المقرر صدوره بقرار رئاسي. ولعل خروج قانون القيمة المضافة بعد اكتمال الحوار المجتمعي الذي تجريه وزارة المالية، مع المعنيين بداية من الغرف التجارية واتحاد الصناعات وغيرهما، سيثير العديد من الخلافات رغم تصريح الوزارة بأن القانون تصحيح للمنظومة الضريبية، إلا أن توقعات الخبراء تؤكد تسببه في زيادة التضخم وارتفاع أسعار السلع والخدمات بعد تضمينها للقانون المذكور، ليجد محدود الدخل نفسه محاصرا بسلسلة من القوانين الضريبية التي يتحمل عاتقها وحده. وقال هاني قدري، وزير المالية، إن هناك جهودا تبذلها الحكومة لتحقيق الانضباط الضريبي تكفل مصلحة الممولين الملتزمين، مشيرا إلي أن وزارته وضعت تشريعا يضمن عملية الإصلاح ويمول الاستحقاقات الدستورية، وسينشر عبر صفحتها الرسمية لإبداء الرأي فيه طبقا لإرساء مبدأ الشفافية. وأضاف، أن فلسفة مشروع القانون تتضمنتقليص الضريبة النوعية والاعتماد أكثر علي الضريبة النسبية باعتبارها الأكثر عدالة، وتخفيف الأعباء عن المنشآت المسجلة لسداد حصيلة الضرائب بنظام الدفع الالكتروني وإدخال عدد من التيسيرات للنظام الضريبي بأكمله لتعزيز الثقة بين الممول والإدارة الضريبية، مشيرا إلي ان أهم تلك التيسيرات وضع حد أقصي لتعديل الإقرار الضريبي من قبل مصلحة الضرائب مع حساب مقابل التأخير بدلا من الضريبة الإضافية لمدة 3 أشهر يبدأ بعدها حساب الضريبة الإضافية، إلي جانب مزايا للمسجلين بالضرائب تتمثل في إمكانية رد الضريبة علي السلع الرأسمالية، أما غير المسجل فلن يتمكن من استردادها. وأشار إلي أن وزارته أعدت حوافز لتشجيع الممولين غير المسجلين بالقطاع غير الرسمي، من خلال محاسبتهم علي ضرائب الدخل علي المبيعات بنسب محددة من حجم الأعمال لأن الوضع الحالي تسبب في وجود تشوهات بالمنظومة الضريبية، موضحا أن سيارات الأطعمة سيتم إخضاعها للضريبة وتحديد العبء الضريبي علي الشرائح الأولي بالرعاية، ومشيرا إلي أن الرد الضريبي طبقا لمشروع القانون يتم خلال 6 أسابيع، مع تخفيض سعر الضريبة علي السلع الرأسمالية (السلع المستخدمة في الإنتاج كالآلات والمعدات)، تم خفضه ل5%. الدكتور مصطفي عبد القادر، رئيس مصلحة الضرائب، أكد أن مشروع القانون تضمن نصا يسمح بإجراء مقاصة لمصلحة ممول الضرائب بين رصيده لدي ضرائب المبيعات والدخل والجمارك المستحقة عليه، مع آلية لتصحيح الأخطاء كتعديل الإقرار الضريبي في حالة اكتشاف وجود خطأ ما حتي بعد مضي 3 أشهر من تقديمه، ودون أي عقوبات علي المسجل فيما عدا مقابل التأخير عن الضريبة التي لم يقر عنها. وقال إن القانون الجديد يراعي مشكلة تعدد سعر الضريبة بحيث إن هناك بعض المدخلات الصناعية فئة الضريبة لها أعلي من الفئة المفروضة علي المنتج النهائي وهو ما يعد تشوها يضر بالصناعة الوطنية، ولذا فإن أهم ركيزة لمشروع القانون الجديد هو توحيد سعر الضريبة، إلي جانب عمومية الخصم، كما يتضمن تجريم إصدار الفواتير بدون اسم المشتري باعتباره صورة من صور التهرب من الضريبة. الدكتورة هالة الغاوي، أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية الحديثة بالمعادي، قالت إن تفعيل ضريبة القيمة المضافة يعني خصم الضرائب من المنبع خلال عملية الإنتاج، بعد أن كانت هناك ضريبة مبيعات تضاف لمراحل الإنتاج، معتبرة أن تلك الضريبة يتم ترحيلها في النهاية ليتحملها المستهلك النهائي، لذا فمن المتوقع زيادة معدلات التضخم والأسعار، خصوصا وأن التاجر أو المنتج لن يسمح بتطبيق تلك الضريبة عليه، وبالتالي فالمواطن البسيط سيدفعها في النهاية من إجمالي السلعة المشتراه. وأوضحت أن الحكومة بحاجة لوضع خرائط توضح مراحل تطبيق تلك الضريبة خلال مراحل تداول السلع ومعرفة كيفية حسابها وجداول للسلع المعينة الخاضعة للضريبة، بدون فرضها علي المواطنين بشكل إجباري، ووصفت تصريحات الوزارة بشأن الاستعانة بخبرات البنك وصندوق النقد الدوليين فنياً في تطبيق تلك الضريبة، بأنها نوع من التسويق لها في المجتمع حتي تكون مقبولة، بغض النظر عن تأثيرها. وأشارت الغاوي إلي أن الحكومة تواجه أزمة حقيقية في تدبير الموارد والسيطرة علي عجز الموازنة وهو ما جعلها تلجأ لتلك الخطوة، بغض النظر عن تأثيرها علي الفقراء ممن يشكلون الغالبية العظمي للمجتمع المصري، مشيرة إلى أن عدد السكان يعد ميزة لدى الحكومة لتطبيق تلك الضريبة، فلو تم فرض ضريبة بقيمة 2 جنيه علي سلعة معينة من إجمالي السكان ال90 مليون نسمة، فهذا يعني توفير 180 مليون جنيه للخزانة العامة فقط. وفي السياق نفسه وصف حلمي الراوي، مدير مرصد الموازنة وحقوق الإنسان، قانون ضريبة القيمة المضافة، بأنه موضوع لخدمة المستثمرين ورجال الأعمال والمنتجين، لتخفيض الأعباء الضريبية عنهم في مواجهة الطبقات الأقل دخلا، وأن القانون يطبق لأول مرة في مصر وبالتالي يأخذ بمفهوم الخصم علي مدخلات الإنتاج بعد أن كانت تحسب مرتين، مما يعني أن سعر الضريبة سيتم تحمله في مرحلة إنتاجية معينة مما يعني أن السعر النهائي للسلعة أو الخدمة سيرتفع علي المستهلك النهائي. وأضاف أن كل القوانين التي تصدرها الحكومة سواء القيمة المضافة، أو قانوني الاستثمار الموحد وحوافز الاستثمار، تصب في مصلحة المستثمرين، رغم أن الحوافز التي تمنحها لهم الحكومة ليست مناسبة ولا تشجع علي الاستثمار أو تجذبه، موضحا أن ذلك لن يجذب الاستثمار مادامت الحكومة لا تسعي لتسهيل إجراءات تراخيص الشركات وعدم تعقيد الإجراءات ومكافحة الفساد، مؤكدا أن المستثمر يمكنه تحمل ارتفاع سعر الضريبة نظير تسهيل الإجراءات، بدليل أن أسعار الضريبة في العالم مرتفعة خصوصا في الصين وماليزيا التي تصل ل45%، والولايات المتحدة التي تتراوح بين 27 حتي 35%، في ظل إجراءات ميسرة. من جانبها قالت الدكتورة يمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد والضرائب بجامعة عين شمس، إن قانون ضريبة القيمة المضافة سيزيد من حجم الحصيلة الضريبية، نظراً لإخضاعه بعض الخدمات منها خدمات القطاعين الصحي والتعليمي، بخلاف السلع، موضحة أن القانون يتضمن إلغاء ضريبة المبيعات، ليتم حساب الضريبة مرة واحدة في مرحلة من مراحل الإنتاج. وانتقدت الحماقي تصريحات وزارة المالية بشأن فرض ضريبة 5% علي السلع الرأسمالية من معدات وآلات تستخدم في الإنتاج، مشيرة إلي أن الحكومة سبقت ونفت فرض أية ضرائب علي السلع الرأسمالية، الأمر الذي يضع علامات استفهام يبنغي توضحيها حتي تكون للحكومة مصداقية أمام الرأي العام.