وحياة النبي يا جدعان إرسوا على بر، هو السيسي نبي بُعث من جديد لمواجهة خطر الإرهاب والمؤامرات النرويجية القطرية التركية الإيرانية الفلسطينية، وإخراج مصر من التبعية الأمريكية، والحفاظ على مصر بلدا للأمن والأمان بمعاونة وزير الداخلية "هارون هذا العصر"، ولا الرئيس إيديه طلعت مكبلة فعلا، وإن صاحب مصطلح "الأذرع الإعلامية" مش قادر يفكك "أذرع الفساد"؟.. اسكت، انت ماعرفتش بصحيح: مش محمد إبراهيم، طلع "هواه" إخواني آه والله زمبؤلك كده، مع إن القاعدة الأمنية السلفية بتقول "لَهواءٌ يخرج من شكمان سيارة وزير الداخلية خير لك من الدنيا وما عليها"، أيوه الأذرع الإعلامية قالت عليه إخواني خصوصا إنهم بعد ما نخرموا وراه وبالتفتيش في الدهاليز عرفوا بما لا يدع مجالا للشك إن محمد مرسي، هو اللي كان معينه بنفسه! المشكلة إن أي إنجاز بيحصل في البلد، ده طبعا على اعتبار إن سفريات الرئيس إنجازات، وافتتاح الأسانسيرات إنجازات، واختراع الكفتة إنجازات، وافتتاح مقابر جديدة للشباب إنجازات، مثل هذه المشروعات تكتب في سجل الرئيس باعتباره القائد الملهم الذي يقود قاطرة الوطن، ويعرف خبايا البلد، ويعرف من يُسجن في البر، ومن يَغرق في البحر في أي هجرات غير شرعية للهروب من نعيم الوطن، بل ربما "ما تسقط من ورقة إلا يعلمها" (وعشان ماتصطادشي في المية العكرة: التسريبات تسجيلات مش ورقيات) لكن لما الناس تتقتل في مظاهرات سلمية، وفي ماتشات كروية، ومبارك وعيلته ونظامه يطلعوا من السجن، ويمارسوا حقوقهم السياسية، والثوار يدخلوا مكانهم المعتقلات بمحاكمات هزلية يبقى ياجماحة الرئيس كان نفسه يتدخل بس لازم نطبق دولة القانون بأه. ولكن لعل السيسي، شُغِل عن هذه الأمور لأنه يرى أن المعركة التي يجب أن نتصدى لها جميعا هي معركة وعي بالأساس، لذا كانت أغلب البرامج الإعلامية على مدى الأشهر الماضية تركز على تغذية المواطنين في هذا الاتجاه، فشهداء 25 يناير قتلتهم قناصة حماس، وسجناء سجن العقرب أخرجتهم ميليشيات حزب الله، وأقباط ماسبيرو غرر بهم الإخوان، والشهيد عماد عفت، قتله ثائر بلطجي، وست البنات اللي ضربها ماكانشي عسكري ده حتى كان لابس كوتشي شو، والإخوان طبعا قتلوا ولادهم في رابعة وبلا بلا بلا… لتخرج علينا مُتصلة تشربت كل هذه الجرعات المتتالية لتصبها بكل غل في اتصال تليفوني قائلة على شهداء الوايت نايتس: هما اللى قتلوا بعض، وبعد كده اتهموا الشرطة فترد لميس الحديدي، وكأنها أخيرا حصدت ما زرعته "أخيرا الناس بقى عندها وعي هييييح"، لتأتي الخطوة الأخيرة، وهي الدور الإيجابي لكل مواطن شريف في تلك الأحداث، الطريقة التي سنها المشير طنطاوي بعد مجزرة بورسعيد "إحنا عايزين الشعب كله يشترك، أنا مش عارف هو الشعب ساكت عليهم ليه؟!" وأتبعه عبد الفتاح السيسي "لازم المصريين يثأروا لشهداء مصر"، ليَتضح لنا جليا أن هذه هي طريقتهم في الحكم التي وجدوا عليها أسلافهم فيصبح كل معارض إرهابيا، وكل ناشط سياسي متآمرًا، وكل متحدث بالإنجليزي جاسوسًا، وكل متلبس بتصوير مبنى عميلا، كل هؤلاء هم خلايا نائمة أو نشطة يجب أن يتلصص عليهم الناس ويراقبوهم ومن ثم يقبضون عليهم فورا ويسلمونهم لأقرب أمين شرطة.. هكذا تصبح ببساطة أخلاق الناس في الدولة الأمنية، ومهما سمع الإعلام من تعهدات للسيسي في حملته الرئاسية من أنه هو فقط المسؤول عن الأخلاق والقيم والمبادئ والدين.. سيقولون لك "إنتوا عاوزين من الرئيس إيه ولا إيه؟!" بجد أنا تهت مني!