اللي كان الفترة اللي فاتت قاعد في البلكونة ومقضيها شرب شاي ونفخ في سجاير.. وقاعد يلعب المزرعة السعيدة.. وبيشير آخر تحديث من صفحة نكت وقفشات مصرية جميلة، وكان مستكتر –أو خايف أو مطنِّش أو مكبَّر– إنه يقول حتى كلمة يُجبر بيها مَكسور أو يقوي بيها مكلوم أو يُنصر بيها مظلوم، ويحسسهم إنهم مش لوحدهم وسط هذا الكم من الظلم الطغيان والجبروت غير الطبيعي.. لكل واحد كان فاكر نفسه إنه لما يقول بحكمة السنين إن دي معركة ماتخصناش لأنها بين العسكر والإخوان.. فكده هو هينام مرتاح الضمير مطمئن البال خصوصا إنه بينزِّل ذكرياته في كل 25 يناير يمر عليه وبيسرد بطولاته في محمد محمود ومجلس الوزراء وكل ذكرى تأتي عليه؛ ليثبت للناس جميعا أنه كان من السابقين الأولين الثائرين، ومن ثم أصبح ممن رضِيَ الله عنهم ورضوا عنه؛ بعد أن اطّلعت عليه الملائكة في 25 يناير فقالت له "افعل ماشئت فقد غفر الله لك". لهؤلاء جميعا، ولكل واحد كان عامل فيها من بنها، وقاعد يطرطش أو يطنِّش كلام مخبري الإعلام –وكأن الأمر لا يهمه- إن الإخوان هم اللي في رابعة قتلوا نفسهم، وإن أي متظاهر يُقتل في أي فعالية فده أكيد من فوهات مدافع إخوانه المسلمين، وإن سجن أربعين ألف معتقل بمن فيهم "أطفال المساطر وبنات الدبابيس والبلالين" فده لطبيعة المرحلة "الانتقامية" لكن شباب التيار المدني حيرجعولنا بألف سلامة عشان نأسس مصر الجديدة الخالية من الإخوان لأننا نؤمن بالعدالة "الانتقائية" –لكل واحد من دول– نحب نقولك إن محكمة جنايات القاهرة قضت بالسجن المؤبد على 229 آخرين وغرمتهم جميعا مبلغ 17 مليون جنيه، ومعهم بالطبع هند نافع -التي طالما جعلتها أنت أيقونة للوفاء والصمود والتضحية بل نابذت بإنسانيتها خصومك– ولم لا وهي الطاهرة العفيفة التي سُحلت وضُربت وتعرت وعُذِّبت ليقضوا على مستقبلها، ثم قيدوها في سرير ومَنعوا عنها الدواء، فلما رأوها لم تنكسر كانت محاكمتهم العادلة تلك، وإن زهدي الشامي، نائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي متهم بقتل عضوة حزبه شيماء الصباغ، في المظاهرة اللي كانت بتأمنها الداخلية! يعني باختصار الفارق الوحيد بين داعش والدولة العصرية: إن داعش تَرجُم وتَذبح وتَحرق الناس وتفخر بجرائمها بين الأمم، أما عندنا فيقتلون حاملة الورد ويعلنون أن ألم فراقها يدمي القلب.. يحرقون معتقلين مسلسلين في عربة الترحيلات ويبرؤون مرتكبي المحرقة ببعض الاتصالات، يقتلون الطلاب في الجامعات، ويعلنون أن زملاءهم هم من قتلوهم في الساحات، ينسقون أمنيا وعسكريا مع إسرائيل، ويتهمون كل معارض بأنه خائن وعميل، يعذبون البنات ويعتقلون الأطفال ثم يتكلمون في مؤتمراتهم عن حقوق المرأة المهضومة ويجرمون العمالة في سن الطفولة. ولا بأس أن نكرر ونذكر أنفسنا دوما بمقولة مارتن نيمولر"في ألمانيا عندما اعتقلوا الشيوعيين لم أبال لأنني لست شيوعيًا، وعندما اضطهدوا اليهود لم أبال لأنني لست يهوديًا، ثم عندما اضطهدوا النقابات العمالية لم أبالِ لأني لم أكن منهم، بعدها عندما اضطهدوا الكاثوليك لم أبالِ لأني بروتستنتي، وعندما اضطهدوني لم يبق أحد حينها ليدافع عني". يبدو أننا إن عجزنا أن نجد بيننا أي أرض مشتركة ومظلومية موحدة لنلتقي عليها حاليا لننتزع أيا من الحقوق، ستجبرنا الظروف حتما أن نتلاقى سويا ولكن ربما في أقرب حرب أهلية.