تقدمت فلسطين خطوة إلى الأمام نحو طريق انضمامها لمحكمة الجنائية الدولية، ما جعل إسرائيل وحليفتها الولاياتالمتحدةالأمريكية تحبس أنفاسهما وترتعدا خوفاً من أن تصبح فلسطين عضوا كاملا في الجنائية، جاءت هذه الخطوة بعد أن عكس "الفيتو" الأمريكي في مجلس الأمن على مشروع القرار الفلسطيني إحباط في الأوساط العربية عامة والفلسطينية بشكل خاص. اصطدم مشروع القرار الفلسطيني الخاص بإنهاء الاحتلال الصهيوني بمسرحية دولية وضغوط كثيرة أدت في نهاية المطاف إلى فشل التصويت على المشروع الذي تم تقديمه إلى مجلس الأمن، لتعيش القيادات الفلسطينية حالة من الإحباط واليأس حاول الرئيس الفلسطيني معالجتها بتوقيعه على ما يقارب من 20 اتفاقية دولية بينها الإعلان الممهد لميثاق روما، تمهيدًا للانضمام لمحكمة الجنايات الدولية. سلمت فلسطين رسمياً في 2 يناير الجاري وثائق للأمم المتحدة للانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، حتى يتثنى لها ملاحقة قادة إسرائيليين بتهمة ارتكاب "جرائم حرب"، وهو الإجراء الذي ردت عليه إسرائيل عبر تجميد تحويل 106 ملايين يورو لحساب السلطة الفلسطينية وتهديد قادة السلطة بملاحقتهم قضائيًا. تلقت إسرائيل الصفعة الأكبر بعد أن اعتبرت محكمة الجنائية الدولية التابعة للأمم المتحدة، الأربعاء الماضي، فلسطين طرفًا في نظام روما الأساسي المنظم لعمل المحكمة، وفي بيان لها، قالت المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقرا لها، إن "رئيس جمعية الدول الأطراف في نظام روما الأساسي، رحب اليوم بإيداع دولة فلسطين صك انضمامها إلى نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وإلى الاتفاق بشأن امتيازات المحكمة الجنائية الدولية وحصانتها"، وحسب البيان، يرفع هذا الإيداع عدد الدول الأطراف في نظام روما الأساسي إلى 123 دولة، وعدد الدول المنضمة إلى الاتفاق بشأن امتيازات المحكمة وحصانتها إلى 74 دولة. حسب بيان المحكمة فإن "كل مصادقة على نظام روما الأساسي تشكل خطوة جديرة بالترحيب باتجاه تحقيق عالميته"، وأوضحت المحكمة أن "الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بصفته وديعاً للنظام الأساسي، قد عمم إخطاراً بذلك الإيداع، في السادس من يناير 2015″، وقالت المحكمة الجنائية في البيان ذاته "قبلت حكومة فلسطين اختصاص المحكمة بدءا من 13 يونيو 2014، وفي 7 يناير 2015، بعث رئيس سجل المحكمة برسالة إلى الحكومة الفلسطينية يبلغها فيها بقبوله هذا الإعلان، وإحالته إلى مكتب المدعي العام للنظر فيه"، وقالت الأممالمتحدة إن الأمين العام "بان كي مون" أكد أن الفلسطينيين سيحصلون رسميا على عضوية المحكمة الجنائية الدولية يوم أول ابريل. على الفور أكدت التصريحات الصادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية نفاق السياسة الأمريكية وازدواجية معاييرها في الخطاب الرسمي عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، حيث قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن الولاياتالمتحدة لا تعتقد أن فلسطين دولة ذات سيادة ولذلك فهي غير مؤهلة لعضوية المحكمة الجنائية الدولية". قدم عضو الكونجرس الأمريكي "راند بول" مشروع قانون للحصول على تأييد الكونجرس لقطع المساعدات الأمريكية عن السلطة، ردًا على انضمامها لمحكمة الجنايات الدولية، ويهدف إقرار مشروع قانون الدفاع عن إسرائيل بقطع المساعدات الأجنبية عن الفلسطينيين لعام 2015، وعلق "بول" قائلاً "هذا الكونجرس سيتوقف عن معاملة أعداء إسرائيل على أنهم حلفاء للولايات المتحدة". من جهتها رحبت السلطة الفلسطينية بقبول "كي مون" طلب فلسطين الانضمام إلى الجنائية، ووصف كبير المفاوضين الفلسطينيين "صائب عريقات" قبول الطلب بالخطوة التاريخية، قائلة إن السلطة الفلسطينية شكّلت فريقًا لتجهيز ملفين سيتم تقديمهما لمحكمة الجنايات الدولية، فور الإعلان عن حصول فلسطين على عضوية كاملة في المحكمة، هما ملف العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، والثاني ملف الاستيطان، وشدد على أن "السلطة ركّزت وبشكل مبدئي على ملف جرائم عدوان 2014 والاستيطان كجريمة لا تسقط بالتقادم أيضًا، حتى لا نراكم الملفات داخل المحكمة مرة واحدة، ولوجود لجنة تحقيق دولية بهاذين الملفين حاليًا". من جهته قال الرئيس الفلسطيني "محمود عباس"، "إن السلطة الفلسطينية توجهت إلى مجلس الأمن بعد يأسها من أي مساع يمكن أن تصل بها إلى حل"، وأضاف "لم نلجأ للعنف أو القتل لأن هذا ليس سياستنا، فسياستنا التوجه للمجتمع الدولي وللمجالس الأممية والدبلوماسية، لنحصل على حقنا وحق تقرير المصير للشعب يعيش لأكثر من 6 عقود تحت الاحتلال"، ونوّه إلى فشل مجلس الأمن في إحقاق الحق الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأضاف "قررنا أن نشكو همنا لأكبر محكمة في العالم فانطلقت الضغوطات وما زالت التهديدات لكن نقول نحن هنا ثابتون في أرضنا في بلدنا هنا ولن نتحرك منها".