66 عامًا مضوا على نكبة 48، ولا يزال الكيان الصهيوني يزيف الحقائق ويطمس التاريخ، فكم كتابًا أصدره ليدعم مشروعه الاستيطاني في فلسطين، منتهزًا الركود والصمت العربي؛ ثقافيًا وسياسيًا تجاه القضية الفلسطينية، ومن الطبيعي في ظل هذا التخاذل أن يُنسج التاريخ حسب أطماع وأهواء المحتل، فأنتج عشرات الأفلام والأعمال الأدبية التي ترسخ لسياسيته الاستعمارية، ليس هذا فحسب، بل أصبح كل من يعتنق هذا الفكر الاستيطاني يروج له في أعماله، كل ذلك والعرب في سبات عميق! مؤخرًا أصدر الكاتب الأمريكي ريتشاد كوهين، ذو الأصل اليهودي والمعروف بتأيده للفكر الصهيوني، كتابًا بعنوان «هل إسرائيل نموذجًا جيدًا لليهودية؟»، مصوبًا جميع أسلحته لتحقيق أطماع المحتل في الأراضي المقدسة، إذ يتهم الفلسطينين بأنهم المسئؤولون عن نكبة 48، قائلاً: إن محرك الأحداث ليس كما يجادل العالم بأنهم اليهود، بل العرب، لو وافق كل من الفلسطينيون والدول العربية المجاورة على خطة الأممالمتحدة حول التقسيم، وإنشاء دولة إسرائيل، ما كانت حدتثت النكبة ولا نزح 770000 فلسطيني. هنا ماذا يريد هذا «الكوهين» من الفلسطينين؟، أيريد تنفيذ التقسيم وأن يترك الفلسطنين بيوتهم ويرحلون في صمت من أجل التعايش مع محتل سلب أراضيهم؟، الأدهى من ذلك أنه في كتابه حاول جاهدًا أن يبرر الجرائم الإسرائيلية التي اتركبها الكيان الصهيوني في حق الشعب الفلطسيني كمذبحة دير ياسين وغيرها من المجازر، على أنها رد فعل من الإسرائيلين الذين تعرضوا للاعتداء من الفلسطينين!، قائلًا: إنهم ببساطة كان لا بد من طردهم، اللذين صنعوا الحرب و الذين شرعوها والذين قاموا بأفعال بربرية فيها لن يُسمح لهم بالبقاء في مكانهم أو بالعودة إلى منازلهم القديمة، لم تكن هذه حالة عنصرية أو استعمار ولكن لتحيق الأمن على أساس المنطق، كان الفلسطيني هو العدو، وكان على العدو الذهاب. لم يكتفي «كوهين» بذعمه هذا وقلب الحقائق، بل استشهد في أكثر من موضع بنماذج مشابة لما ترتكبه إسرائيل من تطهير عرقي في فلسطين، مروجًا له أنه الحل الأمثل، كسياسة الإجبار العرقية التي ارتكبها الألمان في بولندا وتشيكوسلوفاكيا والمجر فهو يرى أنه رغم وحشيتها إلا انهاكانت فعالة، مؤمنًا بفكر رئيس وزارء بريطانيا الراحل «ونستون تشرشل»؛ حيث قال «الطرد هو الأسلوب الذي بقدر ما استطعنا أن نرى هو الأكثر إرضاء والحل الأخير». «هذا هو عصر ولادة إسرائيل، هذا هو العصر الذي شكل قيادتها وشعبها، كان هذا عصر لا مثيل له، لقد ولدت إسرائيل في الجحيم»، كلمات «كوهين» هذه تثبت حقيقة هامة طالما أكد عليها الدكتور الكبير الراحل جمال حمدان، وهي أن اليهود المعاصرين المُدعين أنهم أحفاد بني إسرائيل الذين خرجوا من فلسطين خلال حقب ما قبل الميلاد، ينتمون إلى إمبراطورية "الخزر التترية" التي قامت بين "بحر قزوين" و"البحر الأسود"، واعتنقت اليهودية في القرن الثامن الميلادي، وليس لهم علاقة بيهود بني إسرائيل، إذ أن كلماته تشير إلى أن وقت ولادة إسرائيل كدولة بدأ مع نكبة 48، إي دولة لا أساس لها وما هم سوى شتات من البشر، بنص كلامه يقول «لقد خدع اليهود أنفسهم بحقيقة إمكانية التعايش بين الجميع، فحقيقة طرد 770,000 فلسطيني من ديارهم كان لا مفر منها بل كانت الحل الأفضل». رغم فداحة ما يرمي إليه «كوهين» من ضرورة تطهير عرقي للفلسطينين، إلا أن الرعب لايزال يدب في قلبه من جراء هذا الأسلوب الذي ينتهجه الكيان الصهيوني، فهو يريد إقصاء أكثر للفلسطينين لأنهم الأغلبية أما الإسرائيلين فقط 20%، وهو ما يثير زعره، إذ يعتقد بذلك إن إسرائيل ستكون دولة عربية ولا وجود لليهودية، فالكثير من الإسرائيليين العلمانيين يفرون من البلاد مما يصعب أن تحتفظ بأغلبية يهودية، وعلى الرغم من أنه انتهى بدعوة العالم لدعم إسرائيل، إلا أنه متشائم بشأن فرص لإسرائيل داخل الأراضي المحتلة.