«أنا الأرض والأرض أنت خديجةُ! لا تغلقي الباب لا تدخلي في الغياب سنطردهم من إناء الزهور وحبل الغسيل سنطردهم عن حجارة هذا الطريق الطويل سنطردهم من هواء الجليل».. 66 عامًا فلسطين تقاوم الاحتلال الإسرائيلي، متشبثة بالأرض والطين، رغم محاولات التهويد التي يمارسها الكيان الصهيوني لطمس الهوية الفلسطينية، إلا أن أصحاب الأرض لا زالوا صامدين بعد تشريد ما يربو على 750 ألف فلسطيني، وتحويلهم إلى لاجئين منذ نكبة 48. بات الأدب والشعر أحد الأسلحة القوية التي ارتكز عليها مبدعي فلسطين للتنديد بالاحتلال في كل بقاع الأرض، وساندهم في السنوات الأولى من النكبة كُتاب وشعراء العرب، فدشنوا كتابتهم لنصره القضية الفلسيطنية، وفضح جرائم الاحتلال الصهيوني، وعلى رأس هؤلاء: «عبد الوهاب المسيري، أمل دنقل، محمد البدوي، طلعت راضون، فؤاد حداد»، إلا أنه في العقد الأخير للقرن الواحد والعشرين شهدت الكتابات العربية تراجعًا ملحوظًا في الاهتمام بالقضية الفلسطينة، وهو ما رصده النقاد. قال الناقد الدكتور صلاح الرواي: في الفترة الأخيرة قل الاهتمام بالقضية الفلسطينية من قبل الكتاب العرب سواء على مستوى الأعمال الأدبية أو الفكرية، وقليلًا منهم مَن درس القضية الفلسطينة بعمق وتعرف على تفاصيل المعاناة، والجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في حق الفلسطينين، إضافة إلى ذلك ما يكتبه العرب لا يترجم للغات أجنبية، وهو ما جعل الصوت الفلسطيني ضعيف في مواجهه الاعتداءات الصهيونية التي تحاول جذب تعاطف العالم معها، من خلال تواجدها الإعلامي في كل دول العالم، لذا كل محاولات الكتاب العرب لم تنجح نجاحًا كافيًا، ولم تمثل نقطة ضغط على المحتل. أضاف «الرواي»: رغم قله الأعمال العربية في الشأن الفلسطيني، إلا أنه لا يزال هناك اهتمام من الكُتاب القومين –وإن كان شحيحًا- فالقضية الفلسطينية قضية مركزية، لا يمكن نسيانها، مشيرًا إلى أن هناك أسباب كثيرة دفعت كُتاب العرب إلى الابتعاد عن القضية الفلسطينية في أعمالهم، خاصةً في ظل حالة الارتباك الشديد الذي يشهده العالم العربي بعد توقيع "كامب ديفيد" بين مصر وإسرائيل، والانقسامات الحادة في الأمة العربية، والتراجع الشديد لدور جامعة الدول العربية، وظهور ما يسمى بدول العالم الإسلامي. فيما أكد الناقد هيثم الحاج علي، قله الأعمال الأدبية والفكرية التي تناولت القضية الفلسطينية في العقود الأخيرة، قائلًا: لم يهتم كتاب العرب بالقضية الفلسطينية بقدر ما اهتموا بمشاكلهم الداخلية، فمنذ اندلاع مشروع التوريث بعهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، وغليان الشارع المصري بالقضايا المتعلقة بتدني مستوى المعيشة، بدأ الكتاب المصريين ينغمسون في مشاكلهم الحياتية ولم يعد للقضية الفلسطينية مكانًا في كتابتهم كما كان من قبل. أضاف «الحاج علي» كل ما كتب في الشأن الفسطيني محاولات بسيطة لم تنجح في التعبير الحقيقي عن القضية الفلسطينية، ونقل اعتداءات وجرائم الإسرائيلين، فحتى الآن مازلنا نكلم أنفسنا، ولم نتخط حدود اللغة العربية ودول الشرق مما ساعد ذلك في سيطرة الإسرائيلين على الإعلام الغربي، وكسب القضية لصالحة. فيما قال الناقد الدكتور حسين حمودة، إن الأدب العربي، ومنه الأدب الفلسطيني، الذي تأثر بالنكبة، له تجارب مهمه وكبيرة في تاريخ الأدب كله، سواء كتبه أدباء من داخل فلسطين أو خارجها وجزء من هذه التجربة، ارتبط بظاهرة كبرى هي (أدب المقاومة)، إذ تناول النكبة والقضية الفلسطينة عمومًا، وقد تجلى ذلك في أشعار محمود درويش وكتابات غسان كنفاني. أضاف «حمودة»: أتصور أن الأدب العربي الذي اهتم بالقضية الفلسطينة تراجع إلى حد ما خلال العقود القليلة الماضية، بسبب انشغال الكتاب العرب بالقضايا الداخلية وما عرف باسم (ثورات الربيع العربي)، علاوة أن هذه الفترة شهدت تراجعًا على مستويات متعددة، إذ شهدت نوعًا من الالتباس في فهم القضية الفلسطينية في ظل ما طرأ على الأمة العربية من متغيرات سياسية.