نشرت الجريدة الرسمية أمس قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بتعديل قانون العقوبات، فيما يخص تلقى تمويلات من الجهات الأجنبية تصل إلى السجن المؤبد وغرامة لا تقل عن 500 ألف جنيه، ما أثار استحسان البعض وتخوفات البعض الآخر من القرار. قال توحيد البنهاوي، الأمين العام للحزب العربي الديمقراطي الناصري، إن ما تم تعديله فى قانون العقوبات أمس فيما يخص التمويلات، يقصد بها التى تأخذ بعيداً عن إشراف ورقابة الدولة، وبطرق غير شرعية، مشيراً إلى أن الجمعيات الأهلية وغيرها من المنظمات التى تتلقى تمويلاً أجنبياً، من المفترض أنها تتبع وزارة الشئون الاجتماعية، ويشرف عليها الجهاز المركزي للمحاسبات. وأضاف "البنهاوى" أنه بعد 25 يناير تلقى أفراد وجمعيات تمويلات بعيداً عن الدولة، وأسىء استخدام هذه الأموال ودخلت فى العملية السياسية، مؤكدا أن تعديل القانون فيما يخص هذا الأمر، لا يمثل مشكلة، ومن حق الدولة أن تضمن مراقبتها للتمويلات الخارجية، وتغلظ العقوبات على من يحاول أن يتلقى تمويلا بعيداً عن أعين الحكومة. وتابع "البنهاوي" أن الأموال التى تتلقاها الجمعيات المشهرة والمعترف بها، يجب أن تدخل بطرق شرعية، وأن يكون محدد سلفاً الهدف من التمويلات وأنشطتها، لافتا إلى أن التقارير والإحصاءات التى تصدر عقب هذه الأنشطة، لا ترجع إلى الحكومة المصرية لمتابعتها، وإنما تذهب مباشرة إلى الجهات الأجنبية الممولة، ما يترتب عليه خطر أمني، مطالبا بضرورة تقديم تلك التقارير والأبحاث والإحصاءات إلى الحكومة المصرية أولاً للإشراف عليها فى إطار من الشفافية ومراعاة مصلحة الوطن. وأوضح أن تعديل قانون التمويل الخارجى لن يطبق بأي حال من الأحوال بأثر رجعي؛ لأنه بذلك يصبح غير دستوري، مشيرا إلى أن من يحاكمون الآن فى قضايا من ذلك النوع، سيكون وفقا للقانون قبل التعديل، ومؤكدا أن القانون قبل تعديله أيضاً به نقاط جيدة تضمن للدولة أن تأخذ حقها من المخالفين. من جانبه، قال كريم عبد الراضي، المحامي بالشبكة العربية لحقوق الإنسان، إن التعديل الذي أصدره الرئيس السيسي علي المادة 78، جعلها فضفاضة، وليس له مثيل في أعتي النظم الديكتاتورية، مضيفا: «من حيث الشكل، فاحتواء النص علي كل هذه الكلمات والعبارات المطاطة، يجرد المادة القانونية من سماتها التي يجب أن تكون خاصة ومحددة وعامة ومجردة، كما أنها المرة الأولي التي أري فيها كمحامي ودارس للقانون مادة تحتوي علي كلمة أشياء أخري». واستطرد "عبد الراضي": «أما بخصوص المضمون، فالمادة توسعت جدا في توصيف من يمكن تطبيق عقوبة الإعدام او المؤبد عليهم، باستخدامها كلمات مرنة ومطاطة ولا يوجد لها ذكر أو تعريف في الدستور المصري، ما يجعل التعديل غير دستوري، ويمكن السلطات من استخدام المادة ضد معارضيها السياسيين أو للتخلص من المهتمين بالشأن العام عن طريق تقديمهم للمحاكمة بموجبها، في الوقت نفسه توسع القانون في تعريف الجهات المانحة، الأمر الذي يجعل تلقيك هدية من صديق أجنبي قد يجعلك عرضه للمحاكمة بموجب هذا القانون». وأكد المحامي بالشبكة العربية لحقوق الإنسان، أن هذا التعديل التشريعي، يعد الأسوأ منذ ثورة 25 يناير، وأسوأ حتي من قانون التظاهر، مضيفا أن التعديل يشكل تراجعا غير مسبوق في مسار الحريات، والمسار الديمقراطي المصري، مطالبا بمراقبة التمويلات الخارجية عن طريق الأجهزة الرقابية والقضاء، ودون استخدام مثل هذا النوع من التشريعات التي تسهم في تآكل أي هامش متاح للحريات، وخصوصا حرية التعبير والتنظيم. وفى نفس السياق، استحسن حامد جبر، عضو الهيئة العليا لحزب الكرامة الشعبي الناصري، قرار "السيسي" بتعديل قانون التمويل الخارجى، مشيراً إلى أن البعض قد يفهم خطأ أن القانون موجه ضد المنظمات الحقوقية، ومنظمات أخرى تختص بقضايا حرية الرأي والتعبير والمنظمات التى تعمل تحت إشراف الحكومة وفق محددات وقوانين مطبقة سلفاً، وإنما التعديل يتضمن من يحصلون على تمويلات من دول أجنبية دون علم الحكومة وبغرض الإضرار بالأمن القومي المصري، ومختتما بأن التعديل لا يمكن أن يطبق بأثر رجعي، بل من يوم إقراره فقط على الحالات التى ستضبط مستقبلاً.