بعدما هرب المئات من المسيحيين من أهالي مدينة الموصل العراقية إثر إنذار وجهه تنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية فى العراق والشام "داعش" الذي يشن هجوما كاسحا على مناطق متفرقة في شمال وغرب البلاد، انتقد مهتمون بالِشأن القبطى الحدث واعتبروه بمثابة خطوة نحو تفريغ منطقة الشرق الأوسط من تعداده، كما أدانوا التهميش الإعلامى للقضية وصمت المجتمع الدولى. قال مدحت قلادة، رئيس اتحاد المنظمات القبطية بأوروبا، إن داعش تفريغ لما انتجته مخابرات إسرائيل، معللاً بأنه ليس من الطبيعي أن يظهر بين ليلة وضحاها تنظيم مثل هذا، مضيفا: «بعد فشل إسرائيل في تطبيق خطتهم لتفريغ الشرق الأوسط من المسيحيين، روجوا لحرب سنية شيعية فى مصر، وإسلامية مسيحية فى العراق، كخطوة نحو استكمال مخططها». وأوضح "قلادة" أن كل دولة تمول داعش لا تدرك أن عليها الدور فى التفتيت، متابعا أن مسيحيي الشرق مضطهدون من أصحاب النرجسياتِ الدينية الساعين لدولة الغنائم والجزية وشريعة الغاب، ومؤكدا أن مسيحيي مصر مستهدفون من التيارات الدينية الإسلامية الراديكالية، ومن العناصر المتطرفة النائمة داخل مؤسسات الدولة. وطالب القيادة المصرية بالضرب بيد من حديد والحكم الناجز علي قيادات الإخوان الآن وعلى وجه السرعة؛ لأن البطء في الحكم ليس ظلما فقط بل ضوءا أخضر للمزيد من محاولة حرق الوطن- بحسب قوله. كما أعرب رئيس اتحاد المنظمات القبطية فى أوروبا، عن تمنيه إصدار المؤسسات الرسمية للدولة بيانا شديد اللهجة ترفض تهجير مسيحيي العراق، مستنكراً تجاهل القضية من قبل الإعلام المصرى، الذى يعكس عنصرية وعدم دراية بالتخطيط الهادف في الأساس إلي حرب طاحنة لتقسيم المنطقة- بحسب قوله. ومن جانبه، أكد القس رفعت فكرى، رئيس لجنة الإعلام والنشر بسنودس النيل الإنجيلى، أن ما يحدث مع مسيحي العراق ما هو إلا خطوة نحو تفريغ الشرق الأوسط من مصادر تنوعه، وإعادة رسم الخريطة كما أرادتها أمريكا واسرائيل بعد إصابتها بالفوضى الخلاقة، لتصبح إسرائيل الأقوى بين الدول. كما استنكر رئيس لجنة الإعلام والنشر بالكنيسة الإنجيلية عدم تركيز الإعلام والمؤسسات المجتمع المدنى فى مصر على القضية واعتبارها أمر عابر، مطالبا الكنيسة والدول العربية بمخاطبة المجتمع الدولى لإدانة الموقف بشدة ومحاولة التحرك لإنقاذ ما تبقى من تاريخ العراق. وفى نفس السياق، قال مينا ثابت، عضو مؤسس باتحاد شباب ماسبيرو، إن ما يحدث فى منطقة الشرق الأوسط هو تفريغه من التنوع والتعددية التى يتمتع بها واتجاه إلى تقسيمه لدويلات تتصارع على أسس دينية، مضيفا: «أصبح هذا المشروع يترتب علىيه انتهاكات جسيمة من قبل الإسلاميين المتشددين فى الحقوق الأساسية للأقليات الدينية فى العراق وسوريا وليبيا حتى وصل الأمر لمصر أيضا». وطالب "ثابت" بوجوب تحرك المجتمع الدولى إزاء خطورة الوضع فى الشرق الأوسط بشكل عام والعراق بشكل خاص، والانتباه لخطورة وجود مثل هذه الجماعات المتطرفة، التى من السهل جدا أن تشكل تهديدا على العالم أجمع. وعلى النقيض، رأى الدكتور ميشيل فهمى، الباحث فى الشأن القبطى، أن المسيحية في مصر أبعد من أن يتأثر وجودها بمثل هذه الأحداث، مؤكداً أنها متأصلة متجذرة نمت في وطنها، مضيفاً: «الكنيسة المصرية مؤسسة وطنية منذ أكثر من ألفي سنة، والنسيج الوطني المصري مكون من سدة ولحمة هما المصري المسلم والمسيحي، ولا يمكن أن يكون لما حدث لمسيحيي العراق أي صدي إلا الغضب فقط لدي 15 مليون مسيحيي مصري مع ملايين من أخوات هم المسلمين المصريين».