يعلو ضجيج القوى الاستعمارية وأذنابها في حلف العدوان على سوريا منذ الإعلان عن موعد الانتخابات الرئاسية وانطلاق الترشيحات على أساس الدستور الجديد الذي أرسى قواعد الانتقال إلى تعددية سياسية وحزبية تعتمد الاقتراع الشعبي المباشر في صياغة وتكوين المؤسسات والمواقع الدستورية وحيث ستشهد سوريا انتخابات رئاسية يشارك فيها أكثر من مرشح. أولاً: مضمون الحل السياسي المفترض الذي تشدق به الغرب وسائر حكومات العدوان على سوريا واجترته واجهات المعارضات السورية المنخرطة في مخطط تدمير الدولة السورية كان في ظاهره وعلى امتداد السنوات الماضية يتمحور على المطالبة بالانتقال من دولة الديمقراطية الشعبية التي يقودها حزب البعث إلى دولة ديمقراطية تعددية. لو كانت الدعوات المذكورة تتصف بالحد الأدنى من المصداقية ولو صح انها ليست ذريعة لأغراض أخرى أهمها ضرب القدرات السورية واستهداف موقع سوريا المحوري في منظومة المقاومة المناهضة للحلف الاستعماري الصهيوني الرجعي لكان المفترض نظريا ومنطقيا أن تلاقي العملية الانتخابية السورية ترحيبا واسع النطاق بوصفها علامة بارزة على دخول سوريا مرحلة جديدة من الحياة السياسية ولأن سوريا تخطو بثبات إلى ما يسمى بالحل السياسي في خطب دول العدوان ولاستحقت الدولة الوطنية السورية كل الدعم والمؤازرة في خوضها لتجربة الانتخابات الرئاسية التنافسية ولاستحق الرئيس بشار الأسد تحية على قراره الاحتكام إلى صناديق الاقتراع على قدم المساواة مع مرشحين آخرين وفقا لأحكام الدستور الجديد على الرغم من الثقة العالية والكبيرة برسوخ زعامته الشعبية في سوريا التي ضاعفت الأحداث من وزنها بقدرته على قيادة مسيرة الصمود والمقاومة الوطنية السورية في وجه حرب كونية عاتية لم توفر سبيلا للنيل من بلاده. ثانياً: الحبور الاحتفالي الأميركي والفرنسي والبريطاني تجاوز كل الحدود عندما شكل الملك السعودي مجلسا للشورى يعلم القاصي والداني انه كناية عن دمية ملكية للزينة أما عندما أحدثت الدولة الوطنية السورية تغييرا هيكليا تاريخيا في دستورها وطرحته على الاستفتاء الشعبي وأقبلت بعد ذلك على انتخابات تعددية برلمانية ومن ثم ها هي تنظم انتخابات رئاسية تعددية وتكرس تقاليد الاحتكام للإرادة الشعبية وصناديق الاقتراع فيزداد التصميم الاستعماري على العدوان شراسة وتعتبر الانتخابات تقويضا لحل سياسي مزعوم بينما القوى الاستعمارية وعملاؤها هم من تربص لتخريب الحوار السياسي بالسلاح وبدعم شبكات الإرهاب وبتكوين ميليشيات عميلة لإسرائيل في الجولان بينما تجاوبت الدولة الوطنية مع جميع المساعي السياسية ولم تكف عن إطلاق المبادرات وتحملت عبء لقاء وفد العملاء في جنيف لتكرس تصميمها على تلمس كل السبل التي يمكن ان تفضي إلى تخفيف المعاناة عن شعبها وكان رفض الولاياتالمتحدة وشركاها لأولوية مكافحة الإرهاب دليلا ساطعا على رفضهم الحل السياسي الوطني السوري وحيث أكد جون كيري العزم على تخريب مثل هذا الحل من خلال إعلانه من جنيف عن زيادة الدعم لفصائل الإرهاب القاعدية بأسمائها وتشكيلاتها المتعددة وبفروعها العثمانية والسعودية والقطرية. ثالثاً: في كواليس المباحثات الدولية والإقليمية اعترف الموفدون الأميركيون إلى موسكو وطهران مرارا خلال السنوات الثلاث الماضية بأن الرئيس بشار الأسد يحظى بمساندة شعبية كبيرة سوف تظهر في أي انتخابات رئاسية وتمكنه من الفوز بولاية رئاسية جديدة وقد اكدت تلك الحقيقة تقارير الاستخبارات الأميركية والألمانية والبريطانية التي تحدثت عنها الصحافة الغربية ولكن اولئك الموفدين جهدوا لإقناع إيرانوروسيا بالسعي لمفاوضة الرئيس الأسد على عدم الترشح للرئاسة وحين كانوا يواجهون بأن هذا الرئيس هو زعيم سوري يحظى بدعم شعبي كبير باعترافهم ومن حقه الترشح كمواطن أسوة بأي سوري وان ترك الشعب السوري يقرر خياره بنفسه في صناديق الاقتراع دون تدخلات او ضغوط هو ما ينسجم والمباديء الديمقراطية التي يزعم الغرب تبشيره بها ودعوته إلى اعتمادها، كان موفدو واشنطن يخرسون ويحاولون استكشاف المساومات الممكنة أو المحتملة مع كل من روسياوإيران في موقفيهما من هذا الموضوع دون جدوى ولطالما انتشرت اكاذيب وشائعات بهذا الخصوص ما لبثت ان فضحتها التطورات والمواقف المعلنة ولا شك بأن حليفي سوريا الأقربين كانا يعرفان بحكم التجربة الحية أن القرارات السيادية السورية لا تقبل المساومة حتى مع الأصدقاء والحلفاء بل هي حاصل الخيار الوطني السوري وحسابات المصلحة الوطنية السورية. منذ البداية تركز المخطط الاستعماري على فكرة النيل من الرئيس بشار الأسد لأن المخططين يعرفون كونه يمثل موقع القوة الحاسم في منظومة الصمود السورية بوصفه الزعيم الشعبي والقائد السياسي ورئيس الدولة ورمزا وطنيا كبيرا يحظى بولاء القوات المسلحة السورية (وفقا لاعترافات مدبر العدوان روبرت فورد بعد استقالته ) وهذا بذاته ما كان كافيا لترسيخ الاعتقاد بأن زعامة الأسد هي عنوان القوة السورية التي تشكل في الوقت عينه خط الدفاع الأول عن جميع الشركاء والحلفاء في المنطقة والعالم الذين فهموا مبكرا أن دعم صمود سوريا ورئيسها المقاوم الصلب في وجه الضغوط هو خيار سياسي استراتيجي واخلاقي . بكلمة إن ترشح الرئيس بشار الأسد هو تجسيد حي لخيار الصمود والمقاومة والاستقلال في سياق صناعة الحل السياسي الوطني القائم على بناء دولة وطنية ديمقراطية تعددية بإرادة السوريين الحرة وهذا هو سر الهستيريا الغربية والسعار السعودي التركي القطري والباقي تفاصيل!.