قالت لوري بوتنجر، تعمل في البرنامج الأفريقي لمجموعة International Rivers" البيئية" (الأنهار الدولية): "إن منظمة الأنهار الدولية أصبحت طرفًا في الصدام الحالي بين مصر وإثيوبيا بشأن سد النهضة العملاق الذي تعكف إثيوبيا على بنائه في نهر النيل بإثيوبيا". وأضافت أن: "الحكومة الإثيوبية أحالت نظرها إلى "منظمة الأنهار الدولية" بعد أن نشر تقرير مسرب صدر عن اللجنة الدولية للخبراء، والمعنية بدراسة وثائق مشروع سد النهضة والرسوم الهندسية الخاصة به". وأشارت، في مقال لها حصلت "البديل" على نسخة منه، أن الملخص الذي أعدته حول هذا التقرير تناول عدد من المخاوف التي أثارتها اللجنة غير الملزمة للطرفين، بما فيها عدم كفاية الدراسة الخاصة بالتأثيرات المائية للسد (وثيقة أساسية لفهم مدي تأثير السد على حياة السكان في دول حوض النيل والنظم المائية عند دول المصب). وأضافت أنه كرد فعل، نشرت لجنة الخبراء الإثيوبية والتي تضم في عضويتها اثنين من الخبراء العشرة في اللجنة الدولية، تقريرًا هزليًا تدعي فيه أن "منظمتنا المدعومة من رجال الأعمال المصريين تسعي إلى حرمان إثيوبيا من التنمية"، بالإضافة إلى عدد من الاتهامات الاستفزازية الأخرى التي لا أساس لها، حيث إن هذا التقرير لا يخاطب المخاوف التي أشار إليها تقرير لجنة الخبراء الدولية أو الملخص الذي أعددناه، ويمكن أن يتم الاستناد إلى التقرير الصادر عن اللجنة الدولية للخبراء. واستطردت: ساعدت مجموعة من اللجان الإلكترونية على نشر هذه الادعاءات الإثيوبية، ومثل هؤلاء الأشخاص لا يمكن إقناعهم بما نكتبه هنا، ولكننا نعلنها بشكل لا لبس فيه، أن "الأنهار الدولية" لا تتلقى تمويلًا من أي جهة حكومية بما في ذلك مصر، كما أننا لا ننحاز لطرف دون آخر، ولكننا نتبنى دائمًا موقفًا محايدًا حينما يتعلق الأمر بانتقاد مشروعات الأنهار المدمرة، أو إساءة إدارة الأنهار في العالم، بما في ذلك في مصر والسودان. وقالت: حوض النيل هو أحد الأمثلة على الخلافات التي تدب بين دول الحوض في ظل وجود حفنة قليلة من المستفيدين، في الوقت الذي يُترك فيه الجانب الأكبر من السكان يعانون من جراء هذا الصراع وتبعاته، وتتفاقم هذه الصراعات الخاصة بالأنهار العابرة للدول حينما يرتبط الأمر بإقامة مشروعات تتعلق بتوليد الطاقة في عزلة وسرية تامة، ويمكن الاطلاع على تحذيراتنا إزاء العديد من السدود وخطط تحويل الأنهار التي تتبناها العديد من دول حوض النيل، وذلك في التقرير الذي نشر عام 2003 بعنوان: هل يمكن لدول حوض النيل أن تجد طريقها للتعاون؟ وهو التقرير الذي أشار إلى العدد الهائل من مشروعات السدود غير المدروسة التي تتبناها بعض دول حوض النيل، والتي يمكن أن تتسبب في تفاقم الصراعات حول مياه النهر. واكدت على أن المنظمة تتفهم المصالح الإثيوبية في ضرورة تعديل معاهدة حوض النيل، وكذا حقها في التنمية الاقتصادية لخفض معدلات الفقر بها، كما نعترف بأنه من حق الحكومة الإثيوبية أن تضع تصورها الخاص لتحقيق التنمية، ولكن كوننا منظمة دولية تضم العديد من الخبرات في مجالات الطاقة المائية والأنهار، وكجزء كذلك من حركة المجتمع المدني العالمي للشعوب المتضررة من بناء السدود، يدفعنا إلى الإيمان بأن حماية الأنهار والحفاظ عليها هي مفتاح الرخاء والازدهار على المدي الطويل. وأشارت إلى أن خبرة المنظمة في دراسة عمليات بناء السدود العملاقة في أفريقيا تقودنا إلى نتيجة واحدة، مفادها أن هذه السدود لم تنجح في خفض معدلات الفقر وكانت حلًا مكلفًا وغير عملي لزيادة فرص الملايين من المواطنين في الحصول على الكهرباء. فنحن نؤمن بأن تضييق فجوة الطاقة المتصاعدة في أفريقيا بشكل أسرع وأكثر تأثيرًا، وبتكلفة أقل لن يتحقق إلا بمزيد من التركيز على الحلول والخطط غير التقليدية للطاقة. وركزت على أن لجنة الخبراء الدولية توصلت منذ عام إلى ضرورة إعداد المزيد من الدراسات – بعض هذه الدراسات المطلوبة كبيرة للغاية ولكنها ضرورية لمشروع بهذا الحجم – وذلك لتحقيق الأهداف المرجوة من وراء مشروع السد، واستنادًا إلى هذا التقييم الصادر عن مجموعة من الخبراء والفنيين الدوليين فدعت "الأنهار الدولية" إلى وقف عملية البناء المتسارعة في السد، حتى يتم توفير هذه الدراسات والمعلومات بالغة الأهمية حول تأثيرات عملية بناء السد، وبحيث يتم التوافق بين دول الحوض حول الآلية المناسبة لخفض الآثار والتداعيات السلبية الناتجة عن هذا المشروع. ووجهت رسالة إلى الحكومة الإثيوبية قائلة : "فالتهديد الأكبر لمشروع سد النهضة لا يتمثل في نشرنا لتقرير لجنة الخبراء الدولية، وإنما في تصاعد الخلافات بشأن هذا المشروع والناتج عن التخطيط السيئ لهذا السد. فمثل هذا المشروع العملاق يتطلب كذلك جهدًا عملاقًا لكسب تأييد الدول والشعوب التي ستتأثر من جراء تنفيذه، فضلًا عن الالتزام بتبني أفضل الممارسات في إدارته مع ضرورة البدء وبشكل فوري في إعداد الدراسات الفنية التي طالبت بها لجنة الخبراء الدولية. واختتمت مقالها قائلة: "حتى كتابة هذه السطور، لازالت المفاوضات بين مصر وإثيوبيا في طريق مسدود في الوقت الذي تستمر فيه عمليات بناء السد على قدم وساق، فهذا الصراع الخطير والناتج عن عقود طويلة من غياب الثقة بين الجانبين، فضلًا عن المعاهدات الخلافية حول كيفية استخدام مياه نهر النيل، لازال مستمرًا نتيجة العجلة والسرية اللتين تتبناهما إثيوبيا في هذا المشروع وهو ما يهدد سلامته ونجاحه". وطالبت المنظمة دول حوض النيل بضرورة إيجاد طرق بناءة لصياغة إستراتيجيات التنمية الوطنية والإقليمية والتي تضمن سلامة هذا النهر على المدى الطويل، وإضفاء قدر من المرونة في هذا المناخ الضبابي.