مدير "تعليم دمياط" يتفقد سير العملية التعليمية بمدارس إدارة الروضة التعليمية    الأولي مصريًا.. تعرف على ترتيب جامعة القاهرة في تصنيف "ليدن" الهولندي    الرئيس السيسي: "حصتنا من المياه ثابتة على مدي عشرات ويمكن مئات السنوات"    وزير التعليم العالي يلتقي نظيره الفرنسي لبحث سُبل التعاون المُشترك (تفاصيل)    البنك المركزي يحدد 5 شروط لاستفادة شركات السياحة من تمويل وزارة المالية    بعد طول انتظار.. محافظ الغربية يعلن بدء رصف طريق كفور بلشاي/بسيون    وزير الخارجية: صمود الاقتصاد المصري حول التحديات إلى تنمية مستدامة    رئيس جهاز مدينة بدر يتفقد المرحلة الثالثة لسكن موظفي العاصمة الإدارية    رئيس القابضة للمياه يشهد توقيع بروتوكول تعاون بين مياه سوهاج ومؤسسة الزهراوان    محمود فوزي: وحدة النسيج الوطني سبيلنا للحفاظ على البلد    حزب الله يعلن قصفه بالصواريخ قاعدة عسكرية إسرائيلية    وزير الصحة العراقي: التعامل مع النازحين كان أول ملفاتنا بعد تحرير البلاد    المجلس الوطنى الفلسطينى:انتهاكات المستوطنين باقتحام الأقصى إرهاب منظم    أحمد حمدي يساند الزمالك أمام بيراميدز    المتحدة للرياضة تنشر صوراً من التجهيزات الأخيرة لغرفتي ملابس الزمالك وبيراميدز    ختام البرنامج التدريبي «بداية قادة الجامعات» ضمن مبادرة بداية    1000 قرص تامول.. المشدد 10 سنوات ل تاجر مخدرات بأسيوط    19 نوفمبر.. تأجيل محاكمة المتهم بسحل عامل الدليفري في الإسكندرية    مصرع طالب بطلق ناري في مشاجرة بقنا    مفيش فرامل.. إصابة 4 أشخاص صدمتهم سيارة ميكروباص ب شبين القناطر في القليوبية    ضبط 160 أسطوانة بوتاجاز خلال حملات تفتيشية بالمنيا    «نافذة على فلسطين».. برنامج أفلام خاص في مهرجان الجونة السينمائي    بالأرقام.. تامر عاشور الأكثر جماهيرية في سهرات مهرجان الموسيقى العربية الدورة 32    3 قرارات جديدة من رئيس جامعة أسيوط بشأن قيادات جامعية (تفاصيل)    صلاة واحدة تغفر الذنوب مهما بلغت.. مرة في الشهر أو العمر تكفيك    قافلة جامعة عين شمس تقدم خدمتها ل10 آلاف مواطن بحلايب والشلاتين وأبو رماد    الرئيس السيسي: لابد من مراجعة الموقف مع صندوق النقد الدولي    أبرزها ممارسة الرياضة.. فوائد عديدة للوقاية من مرض هشاشة العظام    في يومه العالمي.. 6 أطعمة مفيدة للوقاية من هشاشة العظام    160 مليون عبوة ل 467 مستحضرا دوائيا منذ أغسطس حتى أكتوبر 2024.. هيئة الدواء المصرية تسعى لتثقيف المريض بكيفية الاستخدام والتحضير والتخزين    استشهاد 759 فلسطينيًا برصاص الاحتلال في الضفة المحتلة منذ أكتوبر الماضي    «شبح الإكس يطاردهم».. 3 أبراج تعتقد أن شريكها السابق أفضل    مهرجان القاهرة الدولي للطفل العربي يكشف عن أعضاء لجنة تحكيم مسابقة عصام السيد    87 شهيدا ومفقودا وأكثر من 40 مصابا جراء مجزرة الاحتلال فى بيت لاهيا شمال غزة    نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى كتاب جديد لمصطفى بكري    ندب الدكتور حداد سعيد لوظيفة رئيس جهاز التفتيش الفني على أعمال البناء    رد الجنسية المصرية ل24 شخصًا.. قرارات جديدة لوزارة الداخلية    الأم تلحق بابنتها.. وفاة مسنة متأثرة بإصابتها في حريق منزل بالفيوم    وكيل أوقاف الدقهلية ورئيس جامعة المنصورة يفتتحان معرض الكتاب بالمكتبة المركزية    «القاهرة» الأولي على إفريقيا في تصنيف "ليدن" الهولندي    حكم استخدام زخارف المصحف في ديكورات الأفراح.. الأزهر للفتوى يوضح    «مفاجأة في الهجوم».. شوبير يكشف عن تغييرات في تشكيل الأهلي أمام سيراميكا    الفنان محمد فوزي.. ذكرى وفاة عبقري الموسيقى    هاتريك ميسي يقود إنتر ميامي لرقم قياسي في الدوري الأمريكي    ما معنى «والله يعلم وأنتم لا تعلمون»؟.. أسرار الآية (216)    مفتي الجمهورية يوضح حكم عمليات تجميل الأنف    هل مقولة "اللي يحبه ربه يحبب فيه خلقه" صحيحة ولها أصل في الشرع؟.. الإفتاء توضح    إسرائيل تُهاجم 175 هدفًا في غزة ولبنان خلال ال24 الماضية    ماذا يحدث فى الكنيسة القبطية؟    «ارتفاع عز وهبوط الاستثماري».. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 20 أكتوبر 2024    التشكيل المتوقع لمواجهة ليفربول ضد تشيلسي يوم الأحد    اليوم.. محاكمة 6 متهمين في «خلية الحدائق»    دياب: إعلان مواعيد مباريات الدورى خلال ساعات.. وانتخابات رابطة الأندية نهاية الشهر    أمريكا تُحقق في تسريب المعلومات بشأن خطط إسرائيل لمهاجمة إيران    حزب الله يعلن قصف مستوطنة روش بينا جنوب شرق صفد بالصواريخ    ملف يلا كورة.. قرعة الدوري.. الهزيمة الأولى لأرسنال.. و"يد الأهلي" بطلًا لأفريقيا    "عاري الصدر".. كريم فهمي في أحدث جلسة تصوير وفنان يسأل: "ممكن نوع التان؟"    هشام يكن: الزمالك سيدخل لقاء بيراميدز بمعنويات عالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد نور الدين: أردوغان والنهاية المحتومة
نشر في البديل يوم 29 - 12 - 2013

يشبه رجب طيب أردوغان، رئيس «حزب العدالة والتنمية» رئيس الحكومة التركية، كل رؤساء وملوك العالم الثالث. ليس فيه شيء من المعايير الأوروبية التي تنطحت لها تركيا على امتداد تسعين عاما، فانتهت إلى أن تكون دولة عالمثالثية بقوالب حديثة، وهذا أسوأ واخطر من أن تبقى على طبيعتها.
التهمة عند أردوغان جاهزة: «إنها مؤامرة خارجية». فعلها بعد «انتفاضة تقسيم جيزي» ويفعلها الآن بعد فضيحة الفساد المدوية التي أصابت حزبه وسلطته وهو، بمقتل لا سابق له.
يزعم أردوغان أن القوى الخارجية تسعى إلى الإطاحة به عبر أدوات داخلية «عميلة»، مسميا مباشرة جماعة فتح الله غولين. أما السبب الذي يورده فهو أن العالم يريد وقف تقدم تركيا وقطع الطريق أمام أن تكون لاعبا مركزيا في المنطقة والعالم. تشير أصابع أردوغان مباشرة، ومن دون تردد، إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل تقفان خلف هذه الفضيحة. ربما هي من المرات النادرة التي لا يسمي فيها سوريا. هذا ليس مؤشرا على تغير موقفه من النظام السوري، لكنها إشارة إلى أن الطوق يزداد حول أردوغان بازدياد أعداد خصومه.
تحتاج أطروحات أردوغان وهي ليست فقط من بنات رأسه هو، فالمنظرون حوله كثر، من مستشاره يالتشين آق دوغان، الذي باتت مقالاته في صحيفة «ستار» مفتاحا لفهم بعض ما يجري، إلى وزير الخارجية احمد داود اوغلو إلى تقييم موضوعي هادئ خارج أي حساسيات أو تشفيات.
1 إن أحدا عندما كان أردوغان يتغلغل في المنطقة ويدخلها على حصان أبيض وتنفتح له الأبواب لم يدع إلى وقف مسار تركيا الانفتاحي الجديد، ولقد فتح الجميع قلوبهم وإمكاناتهم كي تكون تركيا جزءا أصيلا من هذه المنطقة ومن هويتها. ولن ينسى السوريون مثلا أنهم ضحوا بجزء من صناعتهم الوطنية، وهذا من أخطائهم، من أجل أن ينقلوا تركيا من موقع العدو إلى موقع الصديق. والأمر نفسه ينطبق على كل دول المنطقة، من إيران إلى العراق ولبنان ومصر والسعودية ودول الخليج وغيرهما.
لكن سياسة أردوغان الخارجية هي التي ضحت بكل هذه الإنجازات، عندما اتبع مع قيادات «حزب العدالة والتنمية» سياسات لا تليق ببلد يسعى لعلاقات صداقة وتعاون مع العرب والمسلمين. فتحولوا إلى طرف في الصراعات الداخلية في هذه البلدان، كما في العراق وسوريا، وتعاملوا مع بعض الدول كما لو أنها ولاية عثمانية، كما مع مصر ولا سيما بعد سقوط جماعة «الإخوان المسلمين»، وعملوا من منطلقات مذهبية أيضا لهزيمة العقائد الأخرى. واتبعوا سياسة التحريض على ضرب الاستقرار بدعم الحلول العسكرية وحوّلوا الأراضي التركية إلى قاعدة للتنظيمات المتطرفة المجمع على إرهابها، مثل تنظيم «القاعدة» و«جبهة النصرة» وتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق وسوريا» (داعش). بعد كل هذا، أليس من الموضوعية أن يكون أردوغان بسياساته الخاطئة هو الذي جعل تركيا بلدا معزولا، وهو الذي يقطع طريق تركيا لتكون لاعباً موثوقا وله دوره في المنطقة؟
2 من أخطاء تركيا في السياسة الخارجية أنها لم تستطع أن تقوم بقراءة واقعية عميقة لاستراتيجيات الدول الكبرى، ولا للتوازنات الإقليمية والدولية. فكانت تراهن على سلوك هنا وتغير هناك لهذه الدولة الكبرى أو تلك. وأكبر خطأين في هذا المجال أن تركيا، الجارة الجغرافية والتاريخية لروسيا، كانت قاصرة عن فهم أهمية «المياه الدافئة» للدب الروسي، وكون سوريا هي الجزيرة الأخيرة لها فيها، فراهنت بغباء على تحول في الموقف الروسي الذي كان أرسل رسالة سابقة، لم يقرأها ولم يلتقطها الأتراك، على أهمية المجال الحيوي لروسيا عندما كانت روسيا مصممة على ضرب جورجيا حتى لا يصبح القوقاز الشمالي منطقة نفوذ معادية لها.
الخطأ الثاني الكبير والمميت هو أن تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي والحليف للولايات المتحدة والمتطلعة إلى الانضمام للاتحاد الأوروبي والتي شكل تاريخها جزءا من تاريخ أوروبا والغرب، أظهرت عجزا أيضا في قراءة المواقف والمصالح والاستراتيجيات الغربية، ولا سيما خطوطها الحمر. من ذلك أنها استمرت في دعم التنظيمات الإرهابية رغم التحذيرات الأميركية المتكررة (لا نبرئ هنا الدعم الأميركي للإرهاب)، واستمرت في عرقلة التقارب مع إسرائيل رغم اعتذار الحكومة الإسرائيلية على حادثة «مرمرة»، مع الإشارة إلى أن الموقف التركي هنا كان لتوظيفه في الصراع مع القوى المسلمة في المنطقة وعدم خسارة الورقة الفلسطينية كورقة استغلال. وبالتالي لم تفهم أنقرة أن إسرائيل خط احمر للغرب، ومن هنا تحرك اللوبيات اليهودية ومعها واشنطن ضد اردوغان.
3 ليس من بلد يمكن أن يكون قويا ومحصنا تجاه الخارج إذا لم يكن قويا في لحمته ووحدته الداخلية. ولقد جاء اردوغان في السنوات الأولى من حكمه محفوفا بدعم كل أطياف المجتمع التركي، لأنه شكل الأمل لحل المشكلات المزمنة التي ورثها. لكن مع مرور الزمن، ولا سيما بعد العام 2011 كانت الآمال تنطفئ والتطلعات تخبو، فلا المشكلة الكردية حلت ولا المشكلة العلوية عرفت بداية معقولة للحل، بل تراجع منسوب الحريات إلى الصفر مع اعتقال الصحافيين وطردهم من مراكز عملهم. وانصرف اردوغان إلى محاولة التخلص حتى من شركائه ومنهم عبد الله غول، رفيق دربه، وبولنت ارينتش، ذراعه اليمنى. وانفض من حوله أو من حزبه كل الرموز الليبرالية واليسارية والدينية المعتدلة، وآخرهم فتح الله غولين، وبات حكمه بمثابة حكم الرجل الواحد والحزب الواحد. وأصر على أن الديموقراطية هي فقط ما يخرج من صندوقة الاقتراع، ولو على حساب كل المعارضين.
واليوم، بدلا من أن يجيب عن سؤال واحد هو: هل هناك فضيحة فساد أم لا، وهل هو متورط فيها أم لا، وهل ابنه بلال متورط فيها أم لا، وإذا لم يكن وزراؤه متورطين فلماذا استقالوا؟ بدلا من كل ذلك إذ به يقول للمريد خذني عبر عرقلة التحقيق وتصفية قيادات الشرطة وتغيير أصول المحاكمات وإلقاء اللوم على الخارج. أليست هذه الأخطاء في السياسة الداخلية هي التي تضعف تركيا، وتجعلها رخوة وهشة أمام أي محاولة للتخلص من اردوغان ومن حزبه؟.
تخلق استطالة مدة الحكم لأي حزب أو زعيم عوامل ضعفه وانكساره. حتى الكبار مثل شارل ديغول أو وينستون تشرشل أو أي رئيس أميركي لم يبقوا في الحكم أكثر من ثماني إلى عشر سنوات. لكن اردوغان في عصر الادعاء بأن تركيا دولة ديموقراطية يريد أن يكون حاكما مطلقا لاثنين وعشرين عاما. بدأت عام 2003 رئيسا للحكومة، وإذا أصبح رئيسا للجمهورية فسيبقى خمس سنوات قابلة للتجديد مع محاولة تغيير النظام إلى رئاسي ليكون حاكما بكامل الصلاحيات. هذا كثير على رجل تعبت روحه فاستبد، وحزب ترهلت عقيدته فتحلل، وسلطة نخرها الفساد فتعفنت، فأتعبوا الأتراك وجلبوا المخاطر والاضطراب على البلد. وهنيئا لمن يعرف حده فيقف عنده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.