ظاهرة «الاطماء» تعني تراكم الطمي في مجرى نهر النيل خلف السد العالي، نتيجة عيب هندسي بجسم السد، وظهرت آثار الاطماء بمرور السنين، لحرمان الأراضي الزراعية من كميات الطمي التي كانت تزيد من خصوبة الأراضي الزراعية عقب كل فيضان، بالإضافة إلى إعاقتها للمجرى الملاحي بين مصر والسودان. يقول الدكتور نادر نور الدين – أستاذ الزراعة والمياه بزراعة القاهرة، في تصريح ل «البديل» كان فيضان النهر يحمل 190 طن طمي سنويا، يجدد خصوبة الأراضي المصرية، وبعد بناء السد تم حرمان الأرض من الخصوبة الطبيعية، ولجأ الفلاحون إلى السماد الكيماوي الذي يسبب العديد من الآثار السلبية على البيئة والصحة العامة في حالة الإفراط في استخدامه. واقترح «نور الدين» نقل الطمي من مدخل بحيرة السد، التي يبلغ طولها 500 كيلو متر، 350 منها في الحدود المصرية، و150 داخل السودان بقطارات البضاعة إلى أراضي الدلتا، ليس فقط لإضافة الخصوبة للأراضي، بل لتعويض الانخفاض في الأراضي الزراعية الذي يحدث بمعدل 1.5 مللي سنويا مما يجعلها عرضة للغرق بمياه البحر. وأضاف «نور الدين» أنه لو تم بيع هذا الطمي للفلاحين ب 50 جنيه للمتر المكعب فلن يعترض أي فلاح، بل على العكس تماما سيرحب لإدراكه أهمية الطمي للأراضي الزراعية. ولفت أستاذ الزراعة والمياه إلى عرض دولتي كوريا والصين شراء الطمي المتراكم خلف السد لقيمته الاقتصادية لأنه يحتوي على معادن مشعة وتركيزات من الذهب والرمال السوداء، إلا أن العرض تم رفضه من قبل الحكومة المصرية. من جانبه قال الدكتور علاء الظواهري – خبير السدود، إن العمر الافتراضي للسد العالي 500 سنة، وإن عدم وجود مخرج للطمي من خلف السد من أحد العيوب، ليس للسد العالي فحسب، وإنما لكل السدود تقريبا. وأوضح «الظواهري» أنه يجب أن نفرق بين التخزين الميت والتخزين الحي «البحيرة مملوءة بالمياه فقط» حيث إن الأخيرة كانت تطلق على عملية تخزين المياه عقب الانتهاء من بناء السد، وبمرور الوقت يقل ويزيد التخزين الميت نتيجة ترسيب الطمي على مدار السنين. وأكد أن الطمي المترسب خلف السد لا يمثل خطورة، لأن معظم المواد المترسبة تتواجد في مدخل البحيرة عند السودان، بسبب سرعة المياه في تلك المنطقة، وعندما تصل إلى جسم السد تكون سرعتها تضاءلت، وبالتالي لا تحمل معها أية مواد، مشيرا إلى أنه أجريت دراسات لنقل الطمي عن طريق شفطه بالتوربينات أو عن طريق نفق عبر السد، إلا أن كل هذه الدراسات أثبتت أن هذه العمليات تحتاج أموالا طائلة غير متوفرة، والحل الوحيد لكميات الطمي الهائلة هو الاستفادة منها في مشاريع صغيرة تقام في مكان يتراكم به الطمي.