بدأت محافظة السويس الباسلة في الاحتفال الذكري الأربعين بعيدها القومي وبانتصار المحافظة بفضل أبنائها علي جنود العدو الإسرائيلي ومنعهم من احتلال المحافظة وتكبيدهم بخسائر فادحة وردهم إلي الجانب الأخر من القناة. يتحدث اللواء أسامة الطويل، الخبير الأمني والاستراتيجي، عن واقعة الثغرة قائلًا إن الهجوم الإسرائيلي على الإسماعيليةوالسويس من خلال موقعة "الثغرة" كان من أسوأ القرارات التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية حينها. مضيفًا أن أمريكا تدخلت في الحرب لدعم ومساندة قوات الاحتلال وأصرت علي وقف إطلاق النيران والأعمال القتالية، خوفاً منها علي ما تبقي من الجيش الإسرائيلي ومحاولة لتفادي خسائر أخري سواء في الأرواح أو الإمكانيات، وطالبت الولاياتالمتحدة وقتها بضرورة الالتزام من كلا الجانبين بقرار مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة رقم "338″ لوقف إطلاق النار والذي صدر ابتداءً من 22 أكتوبر ولكن قوات العدو لم تلتزم به، حيث كانت القوات المصرية وقتها قادرة علي تصفية القوات الإسرائيلية تماماً داخل تلك "الثغرة". ويتذكر "الطويل" تلك الواقعة ويبدأ في سرد أحداثها ل"البديل" قائلًا: إن الثغرة أو "ثغرة الدفرسوار" المصطلح الذي أطلق علي حادثة كادت أن تطفئ شعلة الانتصار الذي حققه الجيش المصري في نصر أكتوبر العظيم، فهي الحادثة التي أدت لتعقيد مسار الأحداث في حرب أكتوبر لولا بطولات الجيش وأبناء المقاومة الشعبية بمحافظة "السويس" الباسلة، حيث كانت في نهاية الحرب يوم "الرابع والعشرين" من أكتوبر، وذلك عندما تمكن جيش العدو من محاصرة الجيش الثالث الميداني من خلال نقطة عرفت "بثغرة الدفرسوار"، والتي كانت تقع بين الجيشين الثاني والثالث الميداني امتدادا بالضفة الشرقية لقناة السويس . ويكمل "الطويل" حديثه بأن "الثغرة" وقعت نتيجة سحب قوات من الجيش وهما الفرقتين "الرابعة والواحدة والعشرين" وتم دفعهما شرقًا نحو المضائق، وتلك الفرقتين كانتا موكلاً إليهما تأمين الجيش المصري من ناحية الضفة الغربية لقناة السويس وصد الهجوم عنها إذا ما حدث اختراق للأنساق الأولى، وبالفعل وبناءاً علي تعليمات من الرئيس الراحل "أنور السادات" تم سحب الفرقتين في صباح يوم 14 أكتوبر 73، وكانت هناك ثلاث ثغرات تتضمنهم خطة العبور المسماة ب"المآذن العالية"، ومن بينها ثغرة الدفرسوار التي حدث عندها الاختراق. ويضيف أنه بالفعل بدأ قوات العدو تتحرك نحو "الثغرة"، بعد أن تم اكتشافها من قبل طائرة استطلاع أمريكية، لم تستطع الدفاعات الجوية المصرية إسقاطها بسبب سرعتها التي بلغت ثلاث مرات سرعة الصوت وارتفاعها الشاهق، حيث اكتشفت الطائرة وجود ثغرة بين الجيش الثالث في السويس والجيش الثاني في الإسماعيلية، وبالفعل اخترقتها القوات عند منطقة تسمي "الدفراسور" في مساء يوم 23 أكتوبر 73 . ويتابع "الطويل" أن وقتها طالب الفريق سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة وقتها، أن يتم سحب الفرقة الرابعة واللواء 25 المدرع، من نطاق الجيش الثالث ودفعهما لتصفية الثغرة في بداياتها، ولكن الرئيس السادات عارض الفكرة بشدة، مما أدي إلي زيادة تدفق القوات الإسرائيلية وتطور الموقف سريعًا، إلى أن تم تطويق الجيش الثالث بالكامل في السويس وبفضل قوات الجيش التي كانت متواجدة هناك والذين سالت دمائهم الطاهرة لتروي أرضها، بالإضافة إلي الدور العظيم لأبناء المقاومة الشعبية بالسويس لأقتحم العدو الإسرائيلي المدينة في ذلك اليوم. وأشار إلى أن أبطال المقاومة الشعبية أحرقوا الدبابات وواجهوا العدو بالأسلحة الخفيفة ومنعهم من الدخول إلي المدينة، لتكتمل بأيديهم فرحة النصر ويرسمون بطولات شعب لم يفرق بين مدني وجندي بل تعاونا في صد محاولات احتلال المدينة، مضيفا أن ذلك اليوم يظل محفور في ذاكرة المصريين بأكملهم ليحكي الشعب المصري في كل بقاع الجمهورية بطولة شعب السويس، والذي دائما يضرب أروع الأمثال في التضحية والبداية، حيث البداية في نصر أكتوبر من خلال الأبطال الذين شاركوا في حرب الاستنزاف وأوقعوا بالعدو خسائر فادحة أنهكته وأدت بالنصر في النهاية، والبداية في انطلاق شرارة ثورة 25 يناير ووقوع أول شهيد بأرض السويس. ويقول "الطويل" في نهاية حديثه، انه نتيجة لتلك البطولات التي قدمها قوات الجيش بالتعاون مع أبناء وأبطال المقاومة الشعبية بالسويس، حيث حاصرت المقاومة الشعبية المساندة لقوات الجيش قوات العدو من جهة وقوات التصفية المصرية من الجهة الأخرى، والذي لم يتبقى إليها سوي محاولة إيجاد ثغرة والهروب إلي محافظة الإسماعيلية ولكن المحاولة باءت بالفشل أيضا نتيجة تصدي القوات لها ، فلم تجد قوات العدو فرصة أمامها سوي الالتزام بقرار مجلس الأمن رقم "338″ لوقف إطلاق النار والذي صدر ابتداء من 22 أكتوبر. ويتابع أن قوات العدو لم تلتزم به ونجحت القوات المصرية في إنهاء خطر الثغرة بعد تكبيدها خسائر فادحه وانتهاء الحرب الفعلية لتبدأ الحرب الإستراتجية للسلام، ليقدم بذلك أبناء وأبطال السويس أروع نموذج في الشجاعة والتضحية من أجل الوطن، والذي يجب أن تدرس في كتب التاريخ وتنقلها الأجيال جيل تلو الأخر .