منذ سنتين ونصف تعمدت دول العدوان على سوريا وأدواتها الإعلامية تعميم مفردة "النظام السوري" في التداول وشاع استعمال هذا المصطلح حتى في صفوف قوى واطراف الحلف الداعم لسوريا . أولاً: ما يجعل هذا الموضوع جديرا بالنقاش هو نجاح الجهات التي صنعته وعممته في فرضه داخل الحلف المقاوم فبات يرد بكل بساطة على ألسنة متحدثين سياسيين لاشك في مواقفهم وخياراتهم الوطنية والقومية الواضحة اتجاه الأحداث السورية وهو يعتمد في صياغة الأخبار التي تنشر أوتبث عبر وسائل إعلام مناصرة لسوريا وشعبها وجيشها ولدولتها الوطنية وتقف بدون أي التباس في خندق مقاومة العدوان على هذا البلد. إن من علامات الخلل المنهجي والعشوائية الفكرية والثقافية ان تعتمد جهات سياسية وحزبية ومؤسسات إعلامية المفردات والمصطلحات بعشوائية وأن تتبنى ما يردها عبر الوكالات العالمية الممسوكة والموجهة في الغرب من غير تدقيق وتبصر في المعنى والغاية التي تقف خلف استعمال هذا المصطلح أو ذاك. ثانياً: إن كلمة النظام يراد منها تصوير ما يجري على أنه نزاع فئوي مع جماعة حاكمة وليس حربا لتدمير الدولة الوطنية والمجتمع في سوريا وثمة فرق شاسع بين الأمرين، فكلمة نظام يراد منها الإيحاء إلى المواطن السوري بأنه ليس مستهدفاً بالعدوان الاستعماري خلافا للحقائق الساطعة وأن الأشخاص الذين يتولون مسؤوليات عامة هم المستهدفون دون سواهم والأحداث الجارية برهنت على العكس تماما فالعصابات الإرهابية التي دمرت المستشفيات والمدارس ونهبت المصانع وصوامع الحبوب وآبار النفط بالتنسيق مع المخابرات التركية والتي نفذت المجازر الجماعية واحرقت الكنائس والمساجد واغتالت رجال الدين المسلمين والمسيحيين واختطفتهم تنفذ عدوانا على المجتمع السوري وعلى الدولة الوطنية السورية وهي قتلت عشرات آلاف المواطنين العاديين في عملياتها الإرهابية. يراد أيضاً من تعبير النظام ضرب الاحتضان الشعبي للجيش العربي السوري الذي يقدم إعلاميا باعتباره جيش النظام وليس جيش السوريين الذي خاض من اجلهم أشرف المعارك عبر التاريخ وقدم التضحيات الجليلة ليحمي سوريا منذ معركة ميسلون وشهيد سوريا الكبير وزير دفاعها يوسف العظمة الذي قاوم المحتل الفرنسي. ثالثاً: إن طمس حقيقة استهداف الدولة الوطنية السورية والسعي لتدميرها وتفكيكها يهدف إلى تغييب وشل عنصر مهم في صياغة الوجدان الوطني الجمعي للسوريين الذين ينظرون للمؤسسات وللصروح العمرانية في بلادهم باعتبارها إنجازهم المشترك وحاصل تضحياتهم المشتركة على امتداد العقود الماضية وتعميم هذه النظرة الإعلامية لما يجري من خلال مصطلح الدولة الوطنية يشكل عامل قوة في مقاومة العدوان ويستنهض همة السوريين في الدفاع عن بلدهم وهذا ما يخشاه حلف العدوان في سعيه لتمزيق وحدة الشعب السوري والنيل من هويته الوطنية عبر محاولة تفكيك النسيج الوطني التي فشلت حتى الساعة في تحويل ما يجري إلى حرب عصبيات دينية ومذهبية وعرقية متناحرة رغم حملات التضليل الإعلامي والمذابح الجماعية التي اخفق المخططون عبرها في استدراج السوريين لحلقة ردود الفعل الجهنمية ويعود الفضل في ذلك لصلابة الدولة الوطنية ولتماسك الجيش العربي السوري ولوعي الغالبية الشعبية والقيادات والمرجعيات الدينية في سوريا. رابعاً: إن تعبير الدولة الوطنية يضع الحوار الوطني في سياق استمرارية مؤسساتية ودستورية تدخل عبر آلياتها أي إصلاحات وتغييرات قد يتوافق عليها السوريون وحيث تمثل مبادئ الاستقلال والسيادة الوطنية وخيار المقاومة عناصر حاسمة مكونة في هوية الدولة الوطنية ويسعى حلف العدوان للإطاحة بها وتسويق ذلك المخطط يجري في بعض مستوياته من خلال تعميم تعبير النظام أي الجماعة الممسكة بالحكم التي يعتبر هذا الحلف ان الإطاحة بها تطيح بخياراتها القومية والوطنية التي تمثل صلب أهداف المشروع الاستعماري في سوريا . بناء على ما تقدم أقترح على جميع الوطنيين اللبنانيين والسوريين والعرب والإعلاميين منهم على وجه الخصوص القيام بمراجعة نقدية شاملة للمصطلحات والتعابير التي تروجها إمبراطوريات الإعلام الغربية والخليجية في التعامل مع التطورات السورية والتخلي عن تعبير "النظام السوري" الذي يخدم مخطط العدوان وينطوي على احتقار للشعب السوري ولهويته الوطنية الراسخة في التاريخ المعاصر للمنطقة والعالم.