رغم ان حركة المحافظين الاخيرة جاءت في معظمها بائسة مخيبة للامال ، الا ان خيبة قنا بين تلك الخيبات من النوع الثقيل بل الثقيل جدا ان شئنا الدقة ، وهي ايضا كاشفة لما يظنه عنا وفينا متخذي القرار . فالتصور الذي وضعه عصام شرف عندما اختار لنا – ان كان حقا بيده الاختيار – لواء امن الدولة والمحافظ السابق عادل لبيب صرح به عادل لبيب نفسه حين قال “قنا مش بتاعة سياسة و لم تشارك في الثورة ” فلانها مش بتاعة سياسة ولانها لم تشارك في الثورة لكنها سببت قلقا كبيرا حين كانت اخبار قاطعي الطريق القنائيين متصدرة نشرات الاخبار لعشرة ايام كاملة فقد قرروا تدجينها واعادتها الي الحظيرة السابقة وعادل لبيب رجل امن من الطراز الاول ويعرف اكثر من غيره طبيعة المحافظة واهلها ، لذا رأوا عودته ليخلصهم من هذا القلق !! وكانت الحجة البائسة بؤس اهل قنا البسطاء هي “عودته لاستكمال ما بدأ” الم يكن من الاولي ان يستكمل ما بدأه في الاسكندرية التي تركها مبقورة البطن حسب وصف اهل الاسكندرية انفسهم ؟؟ ام ان متخذي القرار ليس لهم قبل باهل الاسكندرية وغضبتهم؟؟! اما الحجة الاخري الاكثر بؤسا وهي ان شعب قنا يريده فهي حجة مضحكة مبكية في نفس الوقت ماذا كانوا ينتظرون من مواطنين عانوا لعقود طويلة من التهميش والتجاهل وتفشي الفقر والامية وغياب ادني حد من تنمية حقيقية ثقافية واجتماعية غير ان ينكفأ علي عصبيته وقبليته وينغمس في صراع قبلي عفن ويصبح اقصي امنياتهم ان تتوقف تلك الصراعات وان يعيشوا امنا ولو نسبيا وهو ما استطاع عادل لبيب ان يحققه من قبل (او هكذا يظنون ) ولكن عادل لبيب واهم ان ظن ان قنا التي تركها هي نفسها التي عاد اليها وكأن شيئا لم يحدث ، وواهم من اختاره ان ظن ان قنا خالية من مثقفين حقيقين وشباب ثوار واعدين ، اما البسطاء سيكتشفون سريعا ان عودة الرجل الهمام صاحب الانجازات لم تكن الا لاعادتهم الي عصر مبارك ، وانه لا يعرف الا معالجة امنية لمشكلاتهم المزمنة وهي معالجة لن تغني ولن تسمن كما لم تغني ولم تسمن من قبل وسيلاحظون أي الاسماء مرفوعة علي لافتات التهنئة والترحيب والشكر للمحافظ الجديد ولمن تنتمي ولمن ولائها عصام شرف : لقد اهينت قنا من قبل ، مرة حين اخترتم لها محافظأ دون ادني مراعاة لتركيبتها وثقافتها وظرفها الخاص ومرة اخري حين ظهرت في صورة بشعة مركبة ، طائفية بغيضة وقطاع طرق وبلطجة تلك الصورة التي تذكرنا بالدراما التلفزيونية الفاقعة التي كان –ولا يزال- الاعلام المصري يصر علي ان تظهر بها صورة الصعيد وثقافته واهله ولهجته وذلك عندما اختارت الثورة المضادة مكانها بدقة وفعلت فعلها الذي حمل اهل المحافظة جميعا وزره وعالجتم الامر بعد طول تلكؤ بنفس الطريقة السهلة : التجميد و”راحة الدماغ ” وعادل لبيب اهانة اخري لن تمر بسهولة لن تدجن قنا يا رئيس الوزراء ولن ترتاح من صداعها كما تتمني انت وغيرك ، وعادل لبيب الذي بدأ نشاطه الامني مبكرا سيفاجأ بقنا اخري غير التي تركها وهي تسبح بحمده وسيخسر ماضيه معها باسرع مما يتصور ربما قامت فلول الحزب الوطني واذنابه بارسال خطابات شكر حارة لك لانك اعدت اليهم صديقهم القديم ومعه ينتعش الامل في عودة المجد السابق ونحن ايضا نشكرك : بفعلتك عجلت بثورة قنا الحقيقية