مصر الثورة أصبحت لا تنتج سوى الصراع السياسي .. نحن اليوم متخلفون في الزراعة بعد أن كانت مصر سلة غذاء الإمبراطورية الرومانية .. وبعد أن كانت عونا ً للخلافة الراشدة أيام المجاعة في عهد عمر بن الخطاب .. إننا نزرع ونحصد ثمرة الصراع السياسي المرة. نحن اليوم متخلفون صناعيا ً فلم نصنع سيارة حتى اليوم في الوقت الذي أنتجت فيه كوريا الجنوبية عشرات الأنواع من السيارات وتصدر الملايين منها رغم أننا أسبق حضارة منها لأننا نصنع الصراع السياسي بأعلى كفاءة . نحن اليوم متخلفون سياحيا ً في كل النواحي حتى معاملتنا للسياح أصبحت متردية للغاية وغير أخلاقية .. وملايين المصريين الذين كانوا يعيشون بطريق مباشر أو غير مباشر علي صناعة السياحة غمرهم الفقر وغطاهم . ولا ضير في ذلك .. فنحن عباقرة في ترويج الصراع السياسي فليأت السياح ليشاهدوا أحدث أفلام الأكشن السياسي بين الفرقاء المتنازعين والمتشوقين للسلطة .. فليأت السياح ليشاهدوا المولوتوف وهو يحرق المباني والسيارات .. ويسمع وصلات الردح الإعلامي والسياسي بين الفرقاء السياسيين ويرى المليونيات المتشاكسة والحصارات المتبادلة . ونحن اليوم متخلفون أخلاقيا ً وحضاريا ً .. فالسب والشتم واللعن في كل مكان .. فالشارع المصري أقل ما يقال فيه أنه نموذج للفوضى .. ولا أدري أي نموذج حضاري سنقدمه للناس . لقد أنفق الفرقاء السياسيون في مصر عشرات المليارات من المال السياسي الحرام في صراعات الانتخابات ومليونيات السياسة ومؤتمرات الترشح والاستقطاب السياسي .. ولو أنفق عشرها علي بناء المدارس وملاجئ الأيتام والمستشفيات أو بناء مساكن للفقراء لكان أولى وأجدى وأنفع عند الله وعند الناس .. وكان خيرا ً للدين والوطن . ثلاث سنوات كاملة من الصراع السياسي الذي لا يهدأ .. كل فريق يستتر خلف رغبته الجارفة في السلطة والنفوذ . والآن وصلنا إلي نقطة الصفر في 30 يونيه الحالي والتي أرجو أن تكون بداية النهاية لهذا الصراع السياسي المقيت .. وإذا كان لابد للمتصارعين من النزال يومها .. فأرجو أن يلتزم الفريقان بالأتي: 1- احرصوا علي السلمية المطلقة .. وإبعاد كل الحمقى والمتهورين والمهيجين من الطرفين .. ومنع أي مولوتوف أو بندقية أو مسدس وتفتيش كل المشتركين في المظاهرات من قبل قيادة كل مظاهرة .. والتحلي بضبط النفس تماما . 2- تحديد أماكن المسيرات والمظاهرات والتجمعات مسبقا وعدم تغييرها علي الإطلاق . 3- عدم الاصطدام أو الاحتكاك اللفظي أو العنيف مع الشرطة .. وعلي الأخيرة أن تفعل ذلك.. ولا تبدأ المتظاهرين بأي استفزاز وأن تعتبر الجميع أولادا وأشقاء لها .. وعدم استخدام الغازات والأسلحة مطلقا إلا في حالة اقتحام أي مؤسسة حكومية . 3- عدم حصار أي مؤسسة حكومية مهما كانت صغيرة .. بداية من مبني المحافظة أو قسم الشرطة وحتى قصر الاتحادية .. والابتعاد عن السفارات تماما. 4- عدم استخدام الألفاظ البذيئة والشعارات النابية وعدم رفع الأحذية .. فقد تلوثت سمعتنا في العالم كله بذلك.. وأن نعيش بقلوبنا وجوارحنا مع قوله تعالي" وقولوا للناس حسنا ". 5- الحرص علي عدم تلاقي أو تقابل المظاهرات.. وأن تكون لكل فريق أماكن للتظاهر تختلف عن الأخرى.. ولا داعي لخطب التهييج والإثارة.. وعلي كل من يرجو السلامة في دينه ودنياه في هذا اليوم أن يلزم بيته ويبكي علي خطيئته إن لم يستطع الإصلاح وتهدئة الفريقين وإصلاح ذات اليمين .. وأن يعمل بقول النبي ( صلى الله عليه وسلم) " وليسعك بيتك وابك علي خطيئتك ".. ففي مثل هذه الأوقات يقتل الأبرياء ويفر الخبثاء.. ولا يدري المقتول الذي جاء للمشاهدة فيم قتل ولا القاتل فيم قُتل.. إنها الفتنة بين أبناء الوطن الواحد. 6- علينا الحذر في هذا الجو المشحون أن تحدث تفجيرات لسفارات أو أماكن سياحية أو تجمعات لأجانب قد تقوم بها جهات مأجورة أو غبية لتفخيخ الموقف وتفجيره.. ولتدمير علاقات مصر الخارجية . 7- أرجو أن ينتهي هذا اليوم قبل أن يبدأ وذلك بالتفاوض والحوار البناء الجاد وإجراءات تعيد الثقة بين الطرفين. وأخيرا ً.. إذا ضاع الوطن فسنضيع جميعا ً .. واسألوا العراقيين والسوريين والليبيين والأفغان .