إذا كنتم تريدون حقا ً أن تقدموا نموذجا ً حضاريا ً للمعارضة.. فعليكم أن تتركوا العنف فورا ً .. فكرا ً وسلوكا ً ومنهجا ً وتطبيقا ً . إذا كنتم تريدون أن يحترمَ الناس مشروعَكم وتحافظون على البقية الباقية من شعبيتكم.. فلا تُشركوا في مظاهراتكم أي بلطجي أو أحد أطفال الشوارع.. وأخرجوا منها كل من يحمل حجرا ً أو مولوتوفا ً . وإذا اشترك معكم فاقبضوا عليه وسلموه للشرطة.. وسوف ترون الأثرَ الايجابي لذلك.. عاجلاً غير آجل . إذا كنتم تريدون حقاً أن تقدموا نموذجا ً ديمقراطيا ً صحيحا ً للشعب المصري.. فقابلوا الشوكة بالوردة.. والسيئة بالحسنة.. والمنكر بالمعروف.. واعلموا أن أية قضية عادلة لكم سوف يُضيع العنفُ عدالتها.. فالعنف سيصْرفُ وجوهَ الناس عنكم.. وسوف يمزق صفكم وينفر عنكم ما اجتمع لكم من الأتباع . نحن لا ننكرُ دورَكم في الثورة .. ولا ننكر دورَ كل من شاركَ فيها من غير الإسلاميين.. ونرجو في المقابل ألا تنكروا أن الحركة الإسلامية هي التي دعمت الثورة ونصرتها وأعطتها قبلة الحياة .. فلا داعي لأن يُنكرَ بعضُنا فضلَ الآخر أو يجحدَ دوره . وإذا كان صندوق الانتخابات لم يأتِ بكم فإن الطريق الصحيح للوصول للناس ليس حرْقَ الأرض تحت أقدام الدكتور مرسى والإخوان المسلمين.. فقد يحترق الوطن كله معهم.. فلا يبقَ لنا وطن .. وحينها سيندمُ الجميع بلا استثناء . أعلمُ أن الحكومة فشلت في تكوين جبهة وطنية عريضة تشاركُ الإسلاميين الحكم .. وتتحمل معهم النجاحَ والفشل. ولكن أرجو ألا يحملنكم ذلك على الشطط في العداوة أو الوصول إلى مرحلة العناد أو الغل السياسي . ولا تحملنكم كراهية الإخوان أن تظلموهم حقهم أو تعتدوا عليهم.. أو تحرقوا مقراتهم أو تحطموا مقرات حزبهم "الحرية والعدالة" . تذكروا أنه لا يَحرقُ بالنار إلا الله.. وحرقُ الأماكن الخاصة والعامة والسيارات من أسوأ أنواع البدع التي أعقبت الثورة وهى مخالفة جسيمة لأحكام الشريعة الغراء . وقد بدأت هذه السَوْءة بحرق أقسام الشرطة.. مع أننا الذين أعدنا بناءَها من أموال دافعي الضرائب.. فقد كان يكفى تعطيلها عن عملها أثناء الثورة فحسب . وما معنى حرقُ مقر الحزب الوطني المنحل .. مع أنه كان يكفى الاستيلاء عليه دون حرق .. ولو استثمرته الدولة كمنشأة سياحية في العامين الماضييْن لدر عليها عشرات الملايين . وعندما لم يستنكر أحد حرقَ هذه الأماكن .. حُرقتْ كنيسة صول.. ثم حُرق المجمع العلمي.. ثم بدأ الحرق يمتد إلى المدارس والمباني الحكومية والقنوات الفضائية كقناة الجزيرة.. ثم مقرات الحرية والعدالة وجماعة الإخوان وحزب الوفد وجريدة الوطن ، فضلاً عن المساجد . ناهيك عن سيارات الشرطة.. ثم رأيناها منذ أيام تتكرر في أتوبيسات وميكروباصات الإخوان.. فضلاً عن عشرات السيارات الخاصة التي حُرقت في المظاهرات السابقة . فمن أعطى هؤلاء حق حرق ممتلكات الآخرين وحرق أفئدتهم على أغلى ما لديهم ؟. يا قوم لا يحرق بالنار سوى الله . يا قوم لقد نهى رسول صلى الله عليه وسلم عن حرقِ النخيل والأشجار والزروع وكل شيء نافع حتى في حالة الحرب . لقد حُرقت سيارات الإطفاء في الإسكندرية أيامَ الثورة قريباً من بيتي.. وكنتُ كلما مررتُ عليها تألمتُ قائلا ً لنفسي: ما ذنبُ هذه السيارات التي كانت تخدم الناس ولا تضر أحداً.. فماذا لو شبَ حريق في بيت أحد الذين حرقوها ؟ يا قوم لا تشعلوا النارَ في مصر بالحرائق السياسية أو بالمولوتوف.. فالحرائق السياسية تحرق القلوب والنفوس وتملؤها حسرةً وكمدا ً وضيقا ً ويأسا ً . أما الحرائقُ المادية فهي جريمة في حق كل الأجيال القادمة التي يبدو وأننا لن نترك لها شيئا ً جميلا ً في مصر . يا جبهة الإنقاذ لا تعمقي شروخ الوطن أكثرَ مما هي عميقة.. واعلمي أن العنف ككرة الثلج تكبر وتكبر كلما تدحرجتْ.. وقد لا يستطيعُ أحد لجْمها أو السيطرة عليها بعد حين . يا قوم عودوا إلى الأيام الأولى للثورة وضعوا أيديكم في أيدي جميع القوى السياسية.. وعلى رأسها الإخوان . تصالحوا الآن.. فأفضلُ الصلح وأقواه ما يكون بعد المعارك والحروب.. أي بعد أن ييأس كل طرف من إقصاء الآخر وإزالته من طريقه . لقد علمَ كل منكم أنه لن يستطيعَ أن يُزيل الآخر.. فليتعاون معه وليضعَ يده في يده . ولنردد جميعا ً: " عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً " . فكروا جيدا ً في رسالتي إليكم.. واعلموا أن الشعبَ المصري قد سئمَ كلَ القوى السياسية ومل الصراعَ السياسي.. فارحموه عسى أن يرحمكم .