يصادف اليوم "الأربعاء" الذكرى السادسة والأربعون لنكسة 1967 واحتلال شبة جزيرة سيناء من قبل العدو الصهيوني، وعلى الرغم من مرور تلك السنوات إلا أن إسرائيل لم تتخلى حتى يومنا هذا عن حلم معاودة احتلال سيناء مرة أخرى. ويربط الصهاينة هدفهم بالتاريخ اليهودي القديم، حيث تلقى مةسى على أرض سيناء ألواح التوراة؛ فضلا عن أنها شهدت رحلة خروج بني إسرائيل من مصر، وربط الصهاينة هذه الموروثات الدينية بفكرة إعادة احتلال سيناء حتى يتمكنوا من جمع تأييد واسع للفكرة خاصة عبر إضافة بعد ديني للهدف على غرار ما فعله "تيودر هرتزل" عندما عزز اختيار فلسطين لتكون وطن قومي لليهود. ويذكر أن دعوات قيادات الصهاينة باحتلال شبة جزيرة سيناء قديمة، فها هو "ديفيد بن جوريون" أول رئيس وزراء صهيوني يوصي في عام 1948 بضرورة الاستيلاء على سيناء، وحتى بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد صرح "اسحاق رابين" رئيس الوزراء الكيان الصهيوني آنذاك قائلا: "إن إسرائيل كانت أفضل بشرم الشيخ دون اتفاقية السلام، وأن إسرائيل باتفاقية السلام وبدون شرم الشيخ أسوأ بكثير"، أيضا عضو الكنيست "جاؤول كوهين" تقدمت باستقالتها من حزب "الليكود" بعد توقيع اتفاق السلام تعبيرا منها على رفض التخلي عن سيناء. ومنذ انسحاب الاحتلال الصهيوني من شبة جزيرة سيناء لم تتوقف دعوات احتلالها مرة أخرى، وشهدت كثافة بالغة منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011. و في يوليو عام 2011 هدد "بنيامين نتنياهو" رئيس وزراء الكيان الصهيوني الحالي في اتصال هاتفي مع الرئيس الامريكي "باراك أوباما" بمعاودة احتلال سيناء مرة اخرى، حيث أخبره بأن صبر إسرائيل تجاه التغييرات فى مصر قد نفذ، مضيفا أن اسرائيل لن تستطيع ضبط نفسها إلى ما لا نهاية وقد تلجأ إلى حلول منها إعادة احتلال سيناء ما لم تتدخل الولاياتالمتحدةالأمريكية لاعادة العلاقات الدبلوماسية مع مصر. وفي أبريل من العام الماضي دعا "مايكل بن أري" المتطرف التابع لحزب "الإتحاد القومي" لاحتلال سيناء مرة أخرى ردا على الغاء اتفاقية تصدير الغاز لاسرائيل، وفي مطلع شهر أبريل أيضا من العام الماضي، هدد رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ،أمان، "آفيف كوخابي" بإعادة احتلال شبة جزيرة سيناء مجددا بدعوى أنها قد أصبحت مرتعا للخلايا الإرهابية التي تهدد أمن إسرائيل على حد زعمه . ومع نهاية مايو 2012 أيضا طالبت "ميري ريجف" عضو الكنيست التابعة لحزب "الليكود" لاحتلال سيناء مبررة ذلك بما اسمته بعدم احكام مصر قبضتها على سيناء وعجزها عن السيطرة عليها، مضيفة أن احتلال اسرائيل لسيناء سيقضي على مشكلة اللاجئين الافارقة الذين يتسللون إليها. و في أواخر يونيو 2012 طالب الحاخام "شلومو داف وولفا" رئيس حزب "إسرائيل أرضنا" وأشد معارضي اتفاقية السلام ونشر عدة كتاب يهاجم الاتفاقية فيها بمعاودة احتلال سيناء مرة أخرى "يجب ان تعيد اسرائيل احتلال سيناء فورا التى سلمتها لمصر بناءا على اتفاق كامب ديفيد". وفي أكتوبر من العام الماضى دعت كذلك حركة "حماية إسرائيل" المتطرفة التي تضم مجموعة كبيرة من المتشددين اليهود الذين يحلمون بالعودة مجدداً لسيناء، حيث دعا مؤسس الحركة الحاخام "شاؤول شموئيلي" فى حوار له مع مجلة "الدفاع الإسرائيلية" إلى ضرورة احتلال سيناء، للقضاء على التهديدات التى تأتينا منها، ولوقف إمدادات الاسلحة لقطاع غزة، ولتكون رسالة ردع لايران. اذا ما تركنا تصريحات القيادات الصهيونية وانتقلنا للمراكز البحثية داخل الكيان الصهيوني، فأن الامر لن يختلف كثيرا فها هو مركز "بيجن-السادات" المختص بالدراسات الاستراتيجية بجامعة "بار ايلان" حيث يؤكد البروفيسور "افرايم عنبار" على أن إسرائيل مضطرة في ظروف معينة باستعادة اجزاء من سيناء حال ما استمر الوضع متدهورا بهذه الطريقة. وأضاف في دراسته التى جاءت تحت عنوان " الثورات العربية 2011 والامن القومي الاسرائيلي" ان الثورة المصرية بجانب الربيع العربي وايران خلقوا وضعا امنيا هو الاكثر خطورة بالنسبة لاسرائيل منذ نهاية الحرب الباردة. اما الجنرال "جيورا ايلاند" وهو مستشار الأمن القومي الإسرائيلي والذي أجري بحثا في أحد المراكز البحثية في تل أبيب أوصي فيه بضرورة الاستيلاء على سيناء مقابل إعطاء مصر القيمة المادية لهذه الأراضي. وبعيدا عن تصريحات القيادات الإسرائيلية ومراكزها البحثية، فإن وسائل الإعلام الإسرائيلية تتبع منهجا مخالفا في التعامل مع سيناء، وتسعى جاهدة لتعزيز فكرة أنها مصدر الإرهاب ولابد من احكام القبضة المصرية عليها، مستغلة بعض الأحداث التى تشهدها سيناء، فضلا عن تصريحات القيادات الصهيونية المتطرفة أمثال "أفيجدور ليبرمان" وزير الخارجية السابق و "أيهود باراك" وزير الدفاع السابق.