"سيناء" تلك المنطقة التي أهملت خلال عهد الرئيس المخلوع، واستبيحت في أعقاب الثورة، ثلاثة ضباط وفرد من أفراد الشرطة اختطفوا خلال أحداث الثورة وظل اختفاؤهم حتى كتابة هذه السطور، وباءت جهود ذويهم بالفشل بعد أن لجأوا لكل الجهات المعنية وغير المعنية للتحرك في الأمر. ولا تستطيع ذاكرة مصر أن تنسى تعرض 16 جنديًا مصريًا على الحدود للاغتيال في رمضان الماضي برصاصات جهلت قوات الأمن المصرية لتلك اللحظة فى تحديد مطلقها، فضلاً عن العمليات المتكررة بإطلاق نيران حية على كمائن تخص القوات المسلحة المصرية وقوات حفظ السلام المتمركزة على الشريط الحدودي الفاصل بين مصر والكيان الصهيوني. وما يزال مسلسل الانهيار الأمني في سيناء يستمر، ففي فجر اليوم تم اختطاف 7 جنود آخرين من قوات الأمن المصرية، وسط مخاوف من لحاقهم بالمصير نفسه الذي تعرض إليه سابقيهم ممن خطفوا خلال أحداث الثورة، لذلك دقت "البديل" ناقوس الخطر ورصدت آراء بعض السياسين والخبراء الأمنيين حول الأمر. في هذا السياق قال أبو العز الحريري، المرشح الرئاسي السابق ووكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، إن تكرار عمليات الاختطاف في سيناء يؤكد أن الدولة لم تكن موجودة، بل ومتواطئة مع الخاطفين، بينما في العصر السابق القوات المسلحة المصرية كانت لديها القدرة أكثر من ذلك لتأمين رجالها، والن نتساءل هل فقدت قدرتها على تأمين الأرض والجنود؟. وأضاف "الحريري" أن المشروع "التكفيري الظلامي" على حد وصفه، من خلال جماعات الإسلام السياسي وروافدها سواء كان إخوان أو سلفيين أو جهاديين يتواطأون سويًا على الوطن، مشيرًا إلى أن جماعة الإخوان ومندوبها في قصر الاتحادية مشغولون بفكرة التمكين بقوة "القرن غزال"، بينما تتخذ القوات المسلحة موقفًا غير صحيح ولا نذكر أن الجبش المصري وقف على الحياد خلال التاريخ بينما يتعرض الوطن لهذا الخطر المحدق من جميع الجوانب، ففي عام 1952 عندما تشكلت لجان العمال والطلبة في محافظات مصر استجاب الجيش لذلك وعقب ذلك ثورة 52. وأكد القيادي اليساري، أن الوطن يعيش في فترة صعبة حيث أصبحت أراضيه ودماء أبناءه مستباحة، لافتًا إلى أن القوانين التى تصدر من "الشورى" تسمح ببيع سيناء، وقناة السويس، بينما يصرح "مرسي" على لسانه أن حلايب وشلاتين ليست مصرية، وينشر الجريدة التابعة لحزبه "الحرية والعدالة" خرائط مصر مقتطع منها هذا الجزء ولا يحرك ساكنًا حول الأمر، كما أن ال16 جنديًا الذين قتلوا في رمضان الماضي لم يتم القصاص لهم ولا معرفة الجاني، في حين أن الكيان الصهيوني حذّر مصر من عملية إرهابية قبل الواقعة بمدة 48 ساعة، وأرسل طائرة بدون طيار تعقبت الجناة وقصفت العربة التي يركبونها وكل ذلك والأمن المصري لم يتحرك بعد . قال أحمد بلال، عضو المكتب السياسي بحزب التجمع، إن سيناء تحولت بعد الثورة إلى معقل للعديد من المنظمات والجماعات الإرهابية والمسلحة، والتي قامت بالعديد من الهجمات، في ظل انسحاب كامل للأجهزة الأمنية للدولة، إن لم يكن للدولة بشكل عام، كان من بينها "هجمات إيلات" في أغسطس 2011، التي قتل فيها 6 إسرائيليين، وقتل 16 جنديًا مصريًا في رمضان الماضي، بالإضافة إلى الهجوم على مديرية أمن شمال سيناء ونقاط مراقبة أمنية في 16 سبتمبر باستخدام أسلحة ثقيلة نوعية, واقتحام عناصر مسلحة لمقر قوات حفظ السلام في طريق الجورة في شمال سيناء في 14 سبتمبر احتجاجًا على «الفيلم المسيء للرسول»، ما أسفر عن إصابة 3 جنود من كولومبيا، وإحراق عدة مركبات، والاستيلاء على معدات وأسلحة من الموقع, هذا إلى جانب تفجيرات خط الغاز الواصل لإسرائيل والأردن التي وصل عددها حوالي 15 تفجيرًا منذ بداية الثورة المصرية حتى 22 يوليو الماضي، وتكرار إطلاق الصواريخ من سيناء على أهداف داخل الحدود الإسرائيلية التي كان أبرزها في 17 يونيو و4 إبريل 2012. وأضاف بلال سمحت إسرائيل بنشر كتيبتين، أي نحو 800 جنديًا في منطقة شرم الشيخ، بعد تدهور الأوضاع في سيناء، رغم منع اتفاقية السلام ذلك، وعلى الرغم من أن الجيش الإسرائيلي رفض في 6 فبراير 2011 طلبًا مصريًا ثانيًا بنشر المزيد من القوات، إلا أن إسرائيل وافقت في نهاية أغسطس 2011 على نشر 1500 جندي مصري في شمال وجنوب سيناء وفي رفح المصرية، في إطار ما عُرف باسم العملية "نسر". وفي 12 إبريل 2012 ذكرت صحيفة "هاآرتس" أن عدد الفرق التي أدخلتها السلطات المصرية إلى شبه جزيرة سيناء وصل إلى سبع, وعلى الرغم من ذلك، إلا أن هذه القوات لم تتمكن حتى الآن من وقف العمليات المسلحة في شبه الجزيرة، أو منع وجود الجماعات الإرهابية، وهو ما أضاع على مصر فرصة طلب تعديل اتفاقية السلام، بعد تنصيب أول رئيس مصري بعد الثورة، وأضعف موقفها. وقد حالت الاستحقاقات السياسية لبعض جماعات الإسلام السياسي التي تعتنق الفكر الجهادي، وأيدت الدكتور مرسي في الانتخابات الرئاسية، بين الرئيس، وهو نفسه القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبين الحسم العسكري، وألزمته بالجلوس على مائدة المفاوضات مع هذه الجماعات في سيناء، باعتبار أن لها ظهيرًا سياسيًا في الوادي مازال متحالفًا سياسيًا مع الرئيس مرسي وجماعة الإخوان. قال خالد تليمة، عضو المكتب التنفيذي بالتيار الشعبي، إن عمليات الاختطاف والتفجير والقتل وتهريب السلاح مستمرة على الأراضي المصرية وتتجلى في منطقة سيناء, وهو ما ينذر بكارثة حيث من الممكن ان تطالب إسرائيل بفرض الوصاية الدولية على سيناء باعتبارها منطقة جاذبة للإرهاب, وهو ما لا يريده أيًا منّا, ولذلك نطالب في اتحاد الشباب الاشتراكي بسرعة تحرك الرئاسة والحكومة المصرية في طلب تعديل اتفاقية كامب ديفيد التي تمنع انتشار قواتنا المسلحة بشكل يضمن تأمين أراضي الوطن وجنودها. وأضاف أن الفرصة كل فترة تصبح سانحة لمصر لفتح الأمر والتفاوض مع الكيان الصهيوني لتعديل الاتفاقية وإعادة انتشار قواتنا بشكل يضمن بسط سيطرتنا على الأرض، ولكن الحكومة المصرية دائمًا ما تضيع الفرصة ولا تستثمرها.