عرض نادي مسرح الأنفوشي بالإسكندرية مسرحية " فاندو وليز"، من إخراج محمد عبد القادر، في افتتاح المهرجان الختامي لنوادي المسرح. العرض مأخوذ عن نص الكاتب الإسباني" فرناندو ارابال" المولود بالمغرب عام 1932، وهو من أوائل نصوصه المسرحية المتأثرة بمسرح العبث، الاصطلاح الذي يرفضه ارابال نفسه، الذي يري أنه لا عبث في الفن أو الحياة، ويفضل بدلًا منه اعتماد مفهوم انتماء الفن للحرية، التي تفتح المجال الأرحب أمام المبدعين، في أساليب التعبير عن أفكارهم . أخلص المخرج الشاب محمد عبد القادر، في أول تجاربه المسرحية، باستثناء تجربة واحدة مايم، أثناء دراسته بكلية التجارة جامعة الإسكندرية، للنص الذي اختاره، والذي يحمل بطله ملامح شخصية من كاتبة، منها الاسم فاندو، كاختصار لاسم الكاتب، وهو في المسرحية شخصية سادية تحمل أصداء طفولة قاسية. يعيش البطل إزدواجية وعلاقة معقدة مع خطيبته ليز القعيدة علي كرسي متحرك، في رحلة رمزية إلى مكان لا يصلان له ابدًا، وتموت ليز دون أن يصلا أو يعترف رفيقها بموتها. مقابل هاتان الشخصيتان الرئيسيتان في العرض، نجد ثلاثة شخصيات شاردة في الرحلة العبثية، إلى ذات المدينة التي لا يصلون لها، ويظلون في رحلة دائرية تعيدهم إلى ذات المكان دومًا، الشخصيات الثلاث يعيشون علاقة من الصراع الدائم والتجاذب والتنافرو. كما يقهر فاندو خطيبته، تتعرض الشخصية الثالثة "توسو" الذي لعب دورها مروان عثمان، إلى أشكال من القهر على يد رفيقيه، رغم أنه يبدو الوحيد بينهم الذي يدرك واقعهم، والأكثر ذكاءًا وإدراكًا من رفيقيه، الغارقان في صراع الديكة بينهما، لإثبات أيهما على حق. صمم الديكور دنيا عزيز، وهو لا يتعدى وضع بعض أغصان الشجر على جدران المسرح، وخلفية سوداء رسم عليها هلال، ودائرة ضوئية كأنها طريق قطار دائري على أرضية خشبة المسرح، واكسسوارات لا تزيد عن كرسي متحرك وملابس جيدة للفنان سامح الحضري، وإضاءة جيدة لمحمد المأموني. فيما كانت الموسيقى إعداد باسم عبد الحميد، الأقل انسجامًا مع العرض، اعتمد المخرج على حيوية الآداء المنضبط لممثليه المتميزين. شارك في التمثيل: محمد جابر في دور فاندو، والجميلة ناهد السيد في دور امرأة ميتة، والمفاجأة أنها انضمت للعرض قبل أسبوع واحد من المهرجان، وهي ممثلة متميزة تدرس بمعهد الفنون المسرحية. كما شارك الثنائي المتجادل طوال الوقت عادل سعيد في دور نامور، ومحمد مجدي في دور ميتارو، في إدارة مخرج استطاع تقديم حالة من الانضباط الجميل في الحركة والأداء، وتمتع بالطموح الذي لا يقف أمامه لا صعوبة النص، ولا ضعف الميزانية الهزيلة للنوادي، التي لا تتجاوز الألف جنيه، فاخرج عرضًا فرض اسمه مخرجًا متمكنًا من أدواته من التجربة الأولى، وأعلن ميلاد مخرج قادم بثقة تنتظره مسيرة مبشرة.