كانت أسباب استقالة وزير الثقافة د.محمد صابر عرب للمرة الثانية مبهمة ومثيرة للجدل والأقاويل وخصوصًا أن كل من جابر عصفور وعماد أبو غازي وشاكر عبد الحميد وزراء الثقافة السابقون الذين تولوا الحقيبة بعد الثورة قدموا استقالتهم رفضًا للأحداث السياسية ولكنهم جميعًا لم يترجعوا عن موقفهم كما فعل عرب. قدم عرب استقالته الأولى ليتمكن من الحصول على جائزة الدولة التقديرية للعلوم الاجتماعية وقدرها 200 ألف جنيه، ثم عاد إلى منصبه مرة أخرى، وقدم استقالته للمرة الثانية بحجة رفضه لسحل وتعرية مواطن فى الاتحادية وعنف الداخلية مع المتظاهرين، و تراجع عن استقالته للمرة الثانية بزعم أن جموع العاملين بوزارة الثقافة وبعض المثقفين ضغطوا عليه، ونسي انتقاداته ل"الداخلية". وتظل الجماعة الثقافية لها رأي آخر، حيث يرى الشاعر عبد المنعم رمضان، أن المثقفين الذين شاركوا الشباب في ثورة يناير بالميادين ليسوا مهتمين بشأن عرب على الإطلاق، مشيرًا إلى أن أصحاب المصالح الخاصة فقط هم أكثر فئة مهتمة باستمرار الوزير فى منصبه، حتى أن مرؤسية أنفسهم ربما يكونوا طامحين فى منصب الوزير ولكنهم يخشون أن ياتى وزيرثقافة منتمي لجماعة الإخوان المسلمين فيطيح بهم ،ومن ثم يفضلوا بقاء عرب. وأضاف رمضان قائلا: لا يهمنى استقالة وزير سبق وأن تقدم باستقالته من أجل جائزة، الذى نعلم جميعا انحرافها، حيث تمت عن طريق أمين المجلس الأعلى للثقافة صديق ل"عرب"، وتواطأ من أجل تأخير إعلان الجائزة حتى 30 يونيو فى آخر أيام السنة المالية، في سابقة لم تحدث من قبل من أجل تسهيل حصول عرب على الجائزة. أما الاستقالة الثانية يفسرها رمضان بانها قد تكون تمت بناء على صفقة بين عرب والسلطة الحاكمة، ولكن المؤكد أن مروؤسيه وأصحاب المصالح من حوله يقوموا الآن بغسل ملابسهم الداخلية القذرة، ليتطهرون أمام المثقفين، في تمثيلية جديدة، مشيرًا أن عرب سقط من أذهان المثقفين، وإذا كان يريد الآن ان يغتسل أمامنا، فنحن لا نريد أن نرى عورته. وتختلف معه الكاتبة الروائية سلوى بكر قائلة: إنه اذا كانت استقالة عرب الثانية تتعلق باعتراضه على سحل المواطن حمادة صابر أمام الاتحادية، فهذا موقف نحترمه، وأيا كان السبب من الاستقالة فلابد أن نثمن هذا الموقف ؛ لأننا نعيش ظروف لا نعلم من سيأتي على رأس الوزارة، فهل سيكون من القوة المستنيرة أم الظلاميه. وأضافت بكر أنه بالرغم من تحفظاتها عن أداء وزارة الثقافة الذي لا يليق بثورة عظيمة، إلا أن الوزارة ستظل إشكالية سواء قبل او بعد الثورة؛ لأنها تاريخيا كانت تخدم على سياسيات النظام، وتجمل سياساته، ورغم ذلك كانت تقوم بقدرمن الأدوار التنويرية الضئيلة، مؤكدة أن "جيش" الموظفين الذي يعمل بها معادي فى الأساس للثقافة. وطالبت بكر بالتوقف عن الانتقاد من الخارج؛ لأن المسألة ليست استقالة عرب أو غيره من الأشخاص، بل الأهم هو توجيه جهود دفاع جماعة المثقفين للحفاظ على مدنية وزارة الثقافة، وأن تظل كيانًا قائمًا بذاته قادرًا على الاستمرار فى تقديم ما وصفته بالصناعة الثقيلة للثقافة فى تلك اللحظات الحرجة التى تمر بها البلاد. وألقت بكر اللوم على جماعة المثقفين ووصفتها، بأنها غير واعية بالدرجة الكافية بضرورة الحفاظ على كيان الوزارة، في ظل المحاولات المستميتة التى يقوم بها النظام وجماعته فى تجفيف المنابع والموارد التى تمولها، من أجل القضاء على المنابر الثقافية بها. بينما عبر د.صلاح الراوي، أمين عام اتحاد الكتاب، عن عدم رضاه عن أداء النظام الحالي الذي وصفه بالمستبد والظالم بكل مؤسساته التي تعمل تحت قيادته. وقال الراوي: إن شهادته ستكون مجروحة بخصوص الاستقالة الأولى لعرب؛ لأنه كان مرشحًا لنفس الجائزة التي استقال ليحصل عليها، أما الاستقالة الثانية لا أرى حتى الآن سبب منطقي أوضحه الوزير بشأنها، مشيرًا إلى أن بعض الأقوال ترددت عن أنها اعتراض على سحل مواطن أمام الاتحادية، وانتهاكات الشرطة التي مارستها للمتظاهرين، موجهًا سؤاله إلى الوزير: ما الذى تغير وجعلك تعدل عن الاستقالة؟. وأضاف أن أداء الوزارة سيء لأن عرب لا يمكن أن يخدم سيدين فى وقت واحد، سواء جماعة المثقفين أو الاخوان المسلمين. بينما رأى الشاعر أحمد بهاء الدين شعبان أن المشكلة ليست فى استقالة الوزير أو العودة فيها، بل الأهم هو مواجهة ما وصفه ب"أخونة" الوزارة، والدفاع عنها فى مواجهة اختراقها من الجماعات المتطرفة، ومن ثم فإن مسئولية الحفاظ على الهوية هو مسئولية الجماعة الثقفاية والمقاومة الشعبية من احتجاجات ومظاهرات ضد كل المحالاوت لصبغ المؤسسات باللون الاخوانى المتطرف. وأضاف بهاء الدين أنه بالرغم من التحفظات على أداء وزارة الثقافة، إلا أنها إحدى المؤسسات التى تعمل فى الدولة، في ظل نظام سياسي مرتبك ومتخبط ومن ثم فكل وزير هو محصلة الظروف القائمة، وتكون الخيارت المتاحة أمامه إما الاستقالة او الوقوع في الأخطاء. ورفض كل من عماد ابو غازي وشاكر عبد الحميد وزيري الثقافة السابقين الادلاء برأيهم في تراجع عرب عن استقالته لحرج موقفهما. أخبار مصر - ثقافة - البديل Comment *