لحظات تمر كالدهر في بهو مستشفى القصر العيني الرتيب، رائحة الموت تنبعث من الأركان، والأجواء تخبر الحضور بفراق على وشك القدوم. ساعة من الخوف والدموع والأمل الذي يدفعه الإحباط للهاوية مرت، ليسجل بعدها التاريخ في أزهي صفحاته أسماء شهداء أحداث مجلس الوزراء بحروف من نور. أحداث مجلس الوزراء التي وقعت أثناء اعتصام 19 نوفمبر أمام مبنى مجلس الوزراء - الذى كان يتولاه الدكتور كمال الجنزوري - بعدما قامت قوات الجيش المكلفة بتأمين مجلس الشعب، باختطاف معتصم وسحله، بحجة أنه تعدى السياج والأسلاك الشائكة. مر عام على الأحداث، التي راح على إثرها حوالي 17 شهيداً، و1917 مصاباً، بالإضافة لظاهرة لم يشهدها الشارع المصري من قبل، ألا وهي سحل الفتيات وتعريتهن في الشوارع المصرية، ومع ذلك لم يتم القصاص حتى الآن، وحتى لم يتم التحقيق مع الجاني الفعلي في تلك الجريمة الشنعاء، بل قام أول رئيس مدني منتخب، الدكتور محمد مرسي، بتكريم المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والذي كان يحكم مصر آنذاك، والفريق سامي عنان، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، على إدارتهم للبلاد في المرحلة الانتقالية، التي لم تكن أحداث مجلس الوزراء، أولى جرائمها. ولم يكن هذا الذنب الوحيد الذي اقترفه الرئيس المصري المنتخب في حق الثورة المصرية، إذ سالت الدماء مرة أخرى في عهده، بالإضافة للاصرار على معاداة الشارع المصري وتخوين الثورة وشبابها. وفي هذا الشأن، قال عصام الشريف، المنسق العام للجبهة الحرة للتغيير السلمي: "إن الوجوه قد تبدلت، ولكن استمرت نفس سياسات مبارك والمجلس العسكري، مضيفاً أن العقلية الأمنية واحدة، والاستبداد والانتهاكات لا زالت موجودة حتى الآن، وأحداث الاتحادية وشارع محمد محمود خير شاهد". وعلق هيثم محمدين، القيادي بحركة الاشتراكيين الثوريين: "لا زالت سلطة الاستبداد تحكم مصر، وهناك استمرار لعملية التنكيل بالثوار، وقتل وإصابة شباب الثورة بقيادة الرئيس مرسي، والاختلاف الوحيد بين المجلس العسكري ومرسي، هو أن مرسي يستعين بأعضاء الجماعة بدلاً من عساكر طنطاوي". وأضاف زيزو عبده، القيادي بحركة 6 إبريل: "لم يتغير أى شىء منذ عام، الشهداء حقهم يسقط بالتقادم، ولم يعد يتذكرهم أحد غير الثوار، بالإضافة إلى أن هناك شهداء لم يعرفهم أحد من الأساس، حتى نحن لم نعرف إلا نجوم الشهداء، والرئيس مرسي وعد بالقصاص، ليستغل دماء الشهداء في الدعايا الانتخابية". وأكد محمد عبد العزيز، القيادي بحركة كفاية: "النظام الآن متطابق مع نظام المجلس العسكري، فكما يوجد شهداء ماسبيرو ومجلس الوزراء، هناك شهداء الاتحادية ومحمد محمود، والفرق الوحيد بين النظامين هو استخدام ميليشيات الإخوان بجانب الشرطة، بدلاً من استخدام الشرطة فقط". إجماع كبير بين القوي الثورية أن النظام لم يتغير، والوقت وحده هو صاحب القرار ... فهل تأتي ذكرى أحداث مجلس الوزراء القادمة على "مصر جديدة" أم تحمل دماء ل "شهداء جدد" ؟ Comment *