دوما وأبدا ما نشجب أو ندين أو نكتب ضد من يسب النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام والأئمة الفقهاء، أو من يتطاول على كتاب الله إن بتقطيع أوراقه أو حرقها أو إلقاءها على الأرض لتدوسها الأقدام كما فعل نابليون بونابرت وجنوده في الأزهر المبارك. لكن ألم نسأل أنفسنا لما وصلنا إلى هذه الحال، لماذا فعل بضم الفاء فبعد أن كنا فاعلين مؤثرين صرنا للأسف مفعول بنا - لماذا فعل بنا ذلك ولماذا حدث هكذا مع ديننا الحنيف، ولماذا تداعت علينا الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها ونحن الذين تجاوزت أعدادنا الأكثر من مليار، وصرنا غثاء كغثاء السيل لا من قلة. أتدرون لماذا ؟!، قالها المعصوم لا الفقر أخشاه عليكم، وإنما تصيرون كغثاء السيل تتداعى عليكم الأمم تهونون على كل الأمم وتمتطيكم ، لماذا لأننا تكالبنا على الدنيا وانغمسنا في شهواتنا ولهثنا خلفها لهاثا حثيثا، تركنا المهمة الرئيسة التي كلفنا الله تعالى بها، (وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون، ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون، إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين). تركنا الأمر العظيم، العبادة لله تعالى وصنوف العبادة كثيرة وصنوف الطاعات والمعاملات كثيرة، تركنا ذلك، تركنا المساجد خاوية تشتكي إلى الله، قطعنا الأرحام ، أهملنا أعمالنا، أصبحت اللامبالاة طريقنا - إلا ما رحم ربي - غلبنا الأنانية، أصبحت مصالحنا قبل كل شيئ، نسينا أو تناسينا قوله تعالى (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة )، أصبحنا ذئاب بشرية نتحين الفرص حتى ننقض بعضنا على بعض ، دبرنا المكائد وسننا ألسنتنا على بعضنا البعض، رأينا المنكر جهارا نهارا ولم ننهى عنه ولو حتى بأضعف الإيمان، ووجوه المناكير كثيرة وشوارعنا تعج بها ، كذلك لم نأمر بمعروف، ووجوه المعروف كثيرة في هذه الأيام، هل ساعدنا فقيراً، هل أعطينا مسكينا، هل زرنا مريضا لتخفيف آلامه ولو بكلمة طيبة. هل ربينا أبناءنا على الفضائل والابتعاد عن الموبقات، هل علمناهم الإيثار ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، هل جلسنا بينهم ولو بالقليل ندارسهم ونعلمهم كتاب الله وسنة النبي ونتدارس سيرته العطرة، أم تركناهم هملا تتخبطهم الشياطين، شياطين الإنس والجن، هل تابعناهم في مدارسهم وفي عمليتهم التعليمية، هل راقبناهم ماذا يشاهدون على مواقع التواصل الإجتماعي، هل علمناهم أن الصلاة عماد الدين من أقامها أقام الدين ومن هدمها هدم الدين، هل عالجنا الخلل الذي قد يحدث داخل أسرنا والشروخات، والتصدعات ورأبنا صدعها ، هل نمينا بداخلهم حب الإنتماء للوطن وحب بلادهم والعمل لرفعتها ، هل أخبرناهم أن حب الوطن من الإيمان ، الوطن لذاته لا للأشخاص فالجميع يذهب والوطن هو الذي يبقى، هل نشأناهم على الحب والطاعة للوالدين، وحب الأهل والاقارب والجيران ، هل علمناهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم، خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله ، هل زرعنا فيهم قوله تعالى ، (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم). ما الذي يحيينا أيها الحبيب، كتاب الله وسنة نبيه، تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا، كتاب الله وسنتي، فعضوا عليها بالنواجز، هل راقبنا أنفسنا، فالنفس ألد أعداء الإنسان، نفسه التي بين جنبيه، فهي الإمارة بالسوء، وهي الفاجرة، وهي اللوامة، وهي المطمئنة، فكيف نتحول بها إلى مرحلة الاطمئنان والسلام النفسي ولا نتركها تتقاذفها الأهواء والميول والشهوات والبدع والزيغ عن الطريق المستقيم، طريق الله، (وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءا غدا )، طريق الحق والخير والجمال، طريق الأنبياء والصديقين والصادقين والصالحين المصلحين وحسن أولئك رفيقا، طريق الهداية والرشاد والسداد وتلك خيرات توفيقية يوفقنا الله إليها كما ذكرها الإمام الغزالي رحمه الله تعالى، لا نحيد ولا نميد عنه، فلا نتركها تتلاعب بها التيارات التي تدعي أنها فكرية عقلية والعقل والفكر منها براء براءة الذئب من دم ابن يعقوب. نعم تيارات أمواجها رهيبة ورياحها عاتية تجرف النفس جرفا، تبيع الوهم وتقلب الحق باطلا والباطل حقا ، فتجد النفس كريشة في مهب الرياح ، كالذي استهوته الشياطين فشغلته بالدنيا عن الدين، زينت لها سوء عملها فرأه حسنا فوقع في بئر مظلم سحيق. نعم لا نلوم من يحرق مصحف فهو يكرهه ويكن له كل حقد وبغض أو يسب النبي أو الصحابة أو الأئمة الأربعة ، وإنما نلوم أنفسنا لماذا لأننا سمحنا لهؤلاء، لا أقول بحرب هؤلاء أو بعبارات الشجب الإدانة، وإنما لابد من عودة إلى ثوابتنا إلى كتابنا العزيز، يا أخي الكريم كم آية تحفظها وحفظتها لأهل بيتك وأولادك ، وأنت أيها الحافظ، هل عملت بما حفظت، وأنت أيها الخطيب هل أديت دورك كما ينبغي هل وعظت الناس ودعوتهم إلى الله حق الدعوة هل طبقت الآية الكريمة (ادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة.) هل عملت بما تقول، (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون). وأنت أيها الطبيب في عياداتك وأنت تعمل الحالة التي تمر بها البلاد من أزمة اقتصادية ، هل رخصت ثمن الكشف، وأنت أيها المعلم والمهندس وأستاذ الجامعة، هل أديتم أعمالكم بما يرضي الله تعالى، ألا تعلمون أنكم ستقفون جميعا أمام الله تعالى وسنسأل عن المسؤوليات التي كلفنا الله تعالى بها هل أديناها على الوجه الذي يرضيه. طبعا لا أعمم الأحكام ولا أصدرها على عواهنها، لكن لا استثني أحدا فالجميع مسؤول عن ما نتعرض له من إهانات فيا أمة محمد صلى الله عليه وسلم كونوا رجال محمد الذي قال عنكم أتدرون من أحبابي، قالوا نحن يا رسول الله، قال لا أنتم أصحابي، أما أحبابي من آمنوا بي ولم يروني. فهيا بنا نكون جديرين بهذا الحب. أستاذ الفلسفة الإسلامية ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان. اقرأ أيضا | عادل القليعي يكتب: رأس السنة الهجرية.. كل عام ومصرنا بخير