حذر مؤرخون ومفكرون مصريون من تفاقم أزمة الاعلان الدستورى، الذى أصدره الرئيس محمد مرسى، وقالوا : إن سيناريوهات كارثية محتمل وقوعها حال تصاعد المواجهات بين القوى المدنية والثورية والإخوان وعدم تراجع "مرسى" وسحبه لقراراته الأخيرة. وقال الدكتور جمال شقرا، المفكر والمؤرخ، فى حديثه ل " البديل ": إن مرسى تم الزج به فى معركة سيديرها بعنف حتى النهاية، موضحا أنه حتما كان يدرك وجماعته وحزبه أن قراراته الأخيرة ستشعل حربا، وهو مدرك لحجم الرفض والسخط الذى سيجنيه بقراراته، لأن ما فعله ليس اعلانا دستوريا وإنما انقلابا دستوريا على الشرعية الثورية، فهو بذلك يحل محلها شرعية الجماعة وكأنه يقولها صراحة لا مرجعية لى ولا شرعية غير الجماعة، مُضيفا أن مرسى للأسف يستمد شجاعته ودعمه من المؤيدين المغيبين من الجماهير التى تتصور أن مرسى يحارب من أجل نصرة الاسلام. وشدد "شقرا" على أن تاريخ الاخوان يعلمنا أنهم عندما يقدمون على معركة فإنهم لا يستثنون سلاحا من أسلحتها وقد يستخدمون كل صور العنف لكى ينتصروا وما شهده الاخوان خلال الثلاثينات والأربعينات يحاولون تكراره الآن ولكن بشكل عكسى فهم يذيقون القوى السياسية من ذات الكأس التى تجرعوها حينئذ. وأشار " شقرا " إلى أن حرق مقرات الاخوان ربما يحرض الجماعة على شحذ مليشياتها واستنفارها، وهذا ما قد يدخل الوطن فى دوامة جديدة، خاصة وأن فكرة الوصول لحل وسط بات أمرا غير مطروحا على الساحة، متوقعا أن يبدأ الاخوان معركة يجيدونها وهى تصفية الخصوم عبر حوادث تبدو قدرية كمحاولة لإخراص المعارضة . بينما توقع المؤرخ محمد عفيفى، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة القاهرة، أن تنذر الحالة السياسية التى خيمت على مصر بمستقبل دموى، قائلا " خاصة أن مرسى وجماعته نجحوا فى خلق مجتمع مصرى منقسم .. وأتوقع أن يسلمنا الاخوان مرة أخرى إلى حكم عسكرى طويل الأمد سيستمر لعقود وربما قرون ويتم الزج بهم فى المعتقلات كما حدث فى السيناريو الناصرى ، وقد يضطر الجيش أن يصطدم بمليشيات الاخوان وسيكون الاقتتال المصرى المصرى أسوأ ما قد يتمخض عن سياسة الاخوان.. وأرجع " عفيفى " سياسات الإخوان إلى ما سماه بمخطط تاريخى يتعلق بغزة والقضية الفلسطينية فمن مصلحة اسرائيل أن تضم مصر قطاع غزة وتكون مسئولة تماما عنه أمام اسرائيل والمجتمع الدولى، وهذا ما يبرر رغبة مرسى فى الاستئثار بسلطة القرار المنفرد دون تعقيب أو مراجعة. فيما طرح الدكتور يسرى غرباوى، الباحث بمركز الأهرام الاستراتيجى للدراسات، سيناريوهات للأزمة الحالية، السيناريو الأول حسب قوله ظهرت بشائره أمس وهو سيناريو الصدام وحرب الشوارع بين انصار الرئيس والرافضين لهذا الاعلان الدستورى وسيترتب عليه خسائر كبيرة فى الداخل والخارج، بينما السيناريو الثانى يبدو متفائلا لكنه مستبعد وهو عدول الرئيس عن بعض قراراته وإنهاء حالة التحصين المستميتة لقراراته ويتم إعادة تشكيل الجمعية التأسيسية بما يرضى كل أطياف المجتمع المصرى، وإلا فإن البديل لذلك حدوث حالة احتدام طائفى تؤدى إلى صوملة مصر "الحالة الصومالية" وتسقط مؤسسات الدولة ولا يكون لدينا لا رئيس ولا مجلس تشريعى ولا أى مؤسسة أخرى. وقال الغرباوى: على مؤسسة الرئاسة إعادة تفعيل دستور 71 مع الحد من صلاحيات الرئيس المتضخمة فيه واجراء انتخابات وتشكيل جمعية تأسيسية من خبراء متخصصين وفقهاء دستوريين يضعون لنا دستوراً بدون صراع سياسى، أما فى حالة استمرار عناد الرئيس مرسى أمام استمرار قوة التيارات الليبرالية والمدنية والأحزاب السياسية فى الحشد بالشكل الذى أنجزته أمس قد يقود البلاد لحالة صدام بدأت بوادرها البارحة بما يوحى بثورة شعبية جارفة، وبالتالى سيكون على الجيش التدخل لحقن الدماء وتقلد أمور البلاد ولكن هذه المرة على كل القوى أن تعى الدرس جيدا وتقرر أن تدار البلاد عبر مجلس رئاسى مدنى عسكرى مؤقت لحين وضع الدستور والاستفتاء عليه. فى حين رأي الكاتب والمفكر الناصرى عبدالعال الباقورى أن الاعلان الدستورى الأخير دفع البلاد فى مأزق جديد إضافة إلى المآزق التى نواجهها منذ تولى مرسى الحكم. وقدم "الباقورى" مقترحا لحل الأزمة بأن تقوم بعض الرموز الدينية المستنيرة مثل "الدكتور أحمد كمال أبو المجد والمستشار طارق البشرى والكاتب الصحفى فهمى هويدى" بوضع اقتراح يتداولون فيه مع القوى المعارضة يعالجون فيه الاعلان الدستوري، ويصدرون بياناً إلى الشعب يضع مطالب محددة لللرئيس مرسى وحزب الحرية والعدالة وجماعة الاخوان لايجاد طريقا للنفق غير الهاوية التى يجرنا اليها. واختتم حديثه قائلا: غذا لم يحدث ذلك فإن أشد السيناريوهات كارثية لن تكون بعيدة عن مصر ووقتها لن تكون هناك مصر، ولن يكون سؤالك عن مستقبل الحالة الثقافية والابداعية سؤالا مشروعا. Comment *