شهدت مدينة طرابلس اللبنانية اليوم هدوء نسبيا صبيحة اشتباكات عنيفة أسفرت عن جرح 8 لبنانين بينهم عسكريان. وبدأ الجيش اللبناني في وضع الحواجز الثابتة تحسباً لأي أعمال عنف قد تحدث بعد البت في أمر شادي المولوي الذي قبض عليه منذ أيام بتهمة تهريب الأسلحة إلى سوريا، وهو ما جعل التيار السلفي الذي ينتمي إلية المولوي يقوم باعتصام في ساحة عبد الحميد كرامي في طرابلس، من أجل الإفراج عن المولوي والذي تم القبض عليه في احد مكاتب وزير المالية اللبناني محمد الصفدي، الذي قام اليوم برفع دعوى قضائية على أجهزة الأمن اللبنانية وحولت للنيابة العسكرية اللبنانية للبت فيها. في نفس السياق توجه وزير الداخلية اللبناني مروان شربل بالشكر للمعتصمين في ساحة عبد الحميد كرامي على أعادة فتحهم الطريق وإزالة الحواجز والعوائق حول الساحة، مؤكداً على أن المولوي يتم استجوابه حالياً أمام قاضي التحقيق العسكري نبيل وهبي بوجود ثلاثة محامين، وأن الاستجواب السابق تم إلغائه بسبب إن المولوي لم يحضر معه محامي أثناء التحقيق، وأن السلطات اللبنانية تعمل حالياً على تسريع وتيرة التحقيق ومحاكمة الموقوفين من الإسلاميين، وأن إذا ثبت أن المولوي أو غيره مدان في جرائم أمنية أو إرهابية لن تكون أفعال مثل التظاهر والاعتصام والعنف المسلح إلا بمثابة حريق كبير سيتجاوز طرابلس إلى كامل لبنان، داعياً السياسيين إلى التدخل بفاعلية وإلا سيكون الهدوء الحالي بمثابة هدنة وليس حل. أحداث طرابلس الأخيرة والتي راح ضحيتها حتى الآن 9 قتلى خلال 5 ايام، أعتبرها البعض انعكاس لما يحدث في سوريا، حيث تعتبر أوساط متشددة في طرابلس أن هناك فرصة للرد على أفعال النظام السوري سواء خلال فترة وجودة في لبنا أو بعد ذلك منذ اندلاع الأحداث في سوريا من خلال مهاجمة التجمعات العلوية والشيعية في طرابلس والذي يراها البعض وعلى رأسهم التيار السلفي أنها المدينة يجب أن تكون داعمة لانتفاضة السوريون، وهو ما نتج عنه القبض على العديد من الأشخاص معظمهم من التيار السلفي بتهمة جلب وتهريب الأسلحة. وأشارت مصادر إعلامية لبنانية أن المجموعات المسلحة في باب التبانة ليست منضوية تحت قيادة موحدة، ولكنها تتفق على العداء لسكان جبل محسن ذو الغالبية العلوية وموقف معادي لانتشار الجيش اللبناني الذي يعتقدون أنه يمتثل لأمر الأكثرية(حزب الله وقوى8آذار). وتأتي تصريحات مالك الشعار مفتي طرابلس وشمال لبنان لموقع النشرة الإلكتروني لتؤكد هذه الهواجس المتعلقة بدور الجيش، حيث قال أنه مندهش من عدم مقدرة الجيش إلى الآن من ضبط الأوضاع في طرابلس، ومن الخطاب الرسمي والإعلامي الذي يصور طرابلس على أنها معقل للقاعديين والأصوليين المتطرفين، مضيفاً أن تجربة نهر البارد والتصدي لفتح الإسلام تؤكد أنه عندما يريد الجيش إنهاء مظاهر العنف المسلح فأنه يستطيع ذلك. الشعار أكد أن الاشتباكات الأخيرة ليست على خلفية اعتقال وتوقيف عدد من المنتمين للتيار السلفي والتحقيق معهم واعتصام أخريين من أجل الإفراج عنهم، ولكنه يرجع إلى هو ما أبعد من ذلك وهو أن هناك أطراف داخلية تنفخ في نيران النعرات الطائفية وتمد الأطراف بالأسلحة المتوسطة مثل قذائف الهاون، في إشارة منه إلى حزب الله اللبناني. من ناحية أخرى أكد المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل في حديث لصحيفة اللواء أن ما حصل في طرابلس كان نتيجة للتأجيج المذهبي الذي دفع باتجاهه بعض الفرقاء بعلمهم أو من دون علمهم لنتائجه وارتداداته السلبية على البلد واستقراره وعلى السلم الأهلي. فيما أعتبر مسئولون أمينون أن ما يجري الآن في طرابلس من قبل قوات الجيش هو مجرد محاولة لأبعاد مظاهر العنف المسلح بعيداً عن المناطق السكنية والأسواق والساحات ودفعها خارج نطاق العمران، وان سياسية "التراضي" التي تتبعها مراكز اتخاذ القرار في لبنان أضحت تؤثر على صورة الجيش اللبناني، الذي شن البعض ضده حملات دعائية سلبية علناً، وأن الخلل يكمن أيضاً في غياب التنسيق بين الأجهزة الأمنية المختلفة، والتي يعتقد القائمين عليها أن معظم المشاركين في أعمال العنف ليسوا من طرابلس ولم يستبعدوا أيضا أنهم قد يكونوا من خارج لبنان. أحداث جبل محسن –باب التبانة الأخيرة توضح أنه لا توجد إرادة سياسية حقيقة لنزع فتيل الأزمة المندلعة في طرابلس مؤخراً والتي من المعتقد إن استمرت خلال الأسابيع المقبلة أن تمتد خارج طرابلس لتشمل معظم أجزاء الشمال اللبناني، ولتظل الأزمة الحالية رهناً لحسابات سياسية لأطراف داخلية وخارجية. Comment *