هل تنفع كلمات منافقة تقال في كل كارثة طائفية تحل بالبلد في التغطية على حقيقة حزب السادات / مبارك الحاكم المسمى بالحزب الوطني الديموقراطي ومسئوليته عن انهيار قيم المواطنة و تهديد الوحدة الوطنية . وهل من المستغرب ان يقف أقطاب هذا الحزب بعد مذبحة الاسكندرية ليتصدوا للمطالبه بانهاء التمييز في بناء دور العبادة و الوظائف ووقف التحريض الطائفي بحجة سخيفة متهافته ” ليس وقته الآن”. يحكم حزب السادات / مبارك منذ عام 1978 و يتحكم ورئيسه في آلة التشريع و معها الإدارة والأمن ، وقبلها كان الحزب جنينا في رحم منبر الوسط عام 1976 فحزب مصر العربي الإشتراكي فاتخذ من آية قرآنية شعارا له ” وجعلناكم أمة وسطا”. و بعد انتخابات مجلس شعب عام 2005 التي حصد فيها الإخوان 88 مقعدا ( 20 في المائة من اجمالي المقاعد) سعي ويسعى الحزب “للضحك على الدقون” بإدعاء انه يقود حملة الدفاع عن “دولة مدنية ” ، باتت غير موجودة بالأصل ، بل هو المسئول الأول عن إجهاضها. وليس أدل على حالة النفاق والإزدواج بين الأقوال والأفعال في استخدام شعارات المواطنة و الدولة المدنية ما قاله لي الاستاذ حافظ أبو سعدة الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الانسان بوصفه عضوا للمجلس القومي لحقوق الإنسان . قال :” ان المجلس تقدم بمشروع قانون العبادة الموحد الى أربع جهات هي : رئيس الجمهورية و مجلسي الشعب والشورى ووزير الإسكان منذ عام 2007′′. ( و جميعها سلطات تنتمي للحزب الحاكم ويسيطر عليها). وقال أيضا ان” الدكتورة ليلي تكلا كان لديها مشروع قانون سابق لتيسير بناء وترميم الكنائس “. و بالطبع فإن مشروع المجلس القومي ظل و من قبله مشروع الدكتورة تكلا في الأدراج ، فيما تتوالى أحداث الاحتقان الطائفي ، والكثير منها يجرى على خلفية نزاعات بناء وترميم الكنائس . بل إن منتسبى الحزب الحاكم في الإدارة ومنفذي سياساته في جهاز الأمن أنفسهم سوف يفسدون ماكان من لعبة فك الحبل قليلا من حول رقبه الكنيسة والتغاضي عن بناء وترميم عدد من الكنائس في المواسم الانتخابية لضمان أن تقوم بحث رعاياها على دعم الحزب الحاكم . وهي اللعبة التي بينها وشرحها لي واحد من رموز المثقفين المصريين من شباب الأقباط . ولأن انتخابات 2010 كانت محسومة سلفا بالتزوير ثقيل العيار ، فقد تصدى منتسبو الحزب في الإدارة المحلية و منفذو سياساته في أجهزة الأمن للبناء في كنيسة العمرانيه نوفمبر 2010 . وكان ما كان من تداعيات وأحداث ،مع اننا كنا على بعد ثمانية أشهر ليس إلا من حكم قضائي اصدرته محكمة جنح شبرا مستأنف في الأول من إبريل عام 2010 أكدت فيه ان ترميمات الكنائس والمساجد و صيانتها لا تحتاج الى الحصول على ترخيص من الأحياء أو المدن أو المراكز التابعة لها . وقد قضت المحكمة ببراءة كاهن كنيسة ” مار بولس ” للاقباط الأرثوزوكس بشبرا من السجن لمدة عام بعد أن ادانته محكمة ابتدائية أول درجة بالبناء والترميم دون الحصول على تراخيص . وقال حكم الاستئناف الذي أكد على حرية ممارسة العبادات للمسيحيين والمسلمين :” ينبغى لجهة الادارة ان تقدم العون والمساعدة الى مسئولي دور العبادة في ترميم المساجد و الكنائس و ليس تحرير محاضر لهم ” . ولكن اليس إهدار القانون و الاحكام القضائية سمة عصر وحكم الحزب. وأليس التلاعب بالحقوق والشعارات الدينية أداة عصر وحكم. و الحقيقة أن حزب السادات / مبارك ونظامه لم يكونا إلا إفرازا و تجسيدا لجملة تطورات اقتصادية سياسية منذ عقد السبعينيات إحتل اللعب بالتدين الاسلامي المظهري واجهتها ، ومعه دفع المواطنين مسلمين وأقباط للاحتماء بالمؤسسات الدينية لتلعب أدوارا سياسية وبديلة عن الدولة المنسحبة عن أداء واجباتها إزاء مواطنيها. فاصبح كلا من المسجد والكنيسة أشبه بدولة داخل الدولة . والقصة معروفة منذ النص في دستور عام 1971 على أن الشريعة الاسلامية مصدر للتشريع و بدء مسلسل الأحداث الطائفية بعدها بشهور معدودة انطلاقا من عام 1972 مرورا بصرخة السادات مؤسس ورئيس الحزب الوطني الحاكم في عام 1980 بعدما كان قد أطلق الجماعات الإسلامية المتطرفة لضرب معارضيه اليساريين :” أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة “. ومن يريد معرفة القصة الكاملة ليرجع الى مقالات مهمة كتبها الكاتب الكبير الاستاذ سمير تادرس عقب مذبحة نجع حمادي وعلى صفحات جريدة ” العربي ” خلال شهري يناير وفبراير عام 2010 . وقد روى في أولها المعنون ب ” ليس دفاعا عن البابا شنوده .. لكن إنه النظام” العلاقة بين البابا و نظام السادات / مبارك . وقال نصا انه “منذ قرار الرئيس مبارك إعادة تعيين البابا في نهاية عام 1984 أصبح في قبضة مباحث أمن الدولة”. وأختتم المقال ذاته محذرا بقوله :” إن جوهر المشكلة لن يكون في المعالجات الأمنية ولكن في مراجعة سياسة الحزب الوطني الديموقراطي “. كما نشر الاستاذ سمير تادرس في حلقات تاليه نص تقرير لجنة تقصى الحقائق التابعة لمجلس الشعب برئاسة وكيله المرحوم الدكتور جمال العطيفي عام 1972 عن الاحداث الطائفية في الخانكه. وهو التقرير الذي لا تزال توصياته حبيسة أدراج حزب مبارك وستظل ( و آمل أن أعود الى قراءة معاصرة لهذا التقرير في مقال قادم ).وقد أنهى الاستاذ سمير تادرس سلسلة مقالاته المهمة بمقال بعنوان ” الإنفتاح .. والسلام ..والفتنه الطائفية ” يكشف فيه كيف أفضت قوى إجتماعية تتقدمها رأسمالية طفيلية مع غياب العمل السياسي الجاد و سياسات التبعية للولايات المتحدة والصلح المهين مع إسرائيل الى مأساة الفتنه الطائفية. وأظن انه من الأهمية بمكان أن تتبنى إحدي دور النشر المحترمة تجميع المقالات الكاشفة للاستاذ سمير في كتاب يضم أيضا مجموعة مقالات أخرى لاتقل أهميه كان قد نشرها في جريدتي ” الأهالي ” و ” الوفد ” في الثمانينيات والتسعينيات عن القضية ذاتها. و مع أهمية التأصيل العلمي والبحثي لعلاقة حزب مبارك ومايمثله من قوى اجتماعية وسياسات الاستبداد والفساد والإفقار والنهب والتبعية بالطائفية ،فإن تمسك الحزب وقتاله بكل السبل غير القانونية للابقاء على الرمزين الدينيين الإسلاميين ” الهلال” و ” الجمل ” والاحتفاظ والاستئثار بهما لمرشحيه في كل إنتخابات نهاية بانتخابات نوفمبر الأخيرة كاف كعنوان لهذه الطائفية . ولذا فانه عندما نرى الآن قادة الحزب وأبواقه بعد كل مذبحة يتعرض لها اشقاؤنا الأقباط يلوكون شعار ” يحيا الهلال مع الصليب ” ، يحق لنا أن نصحح لهم ونذكرهم بشعار الحزب الأصلي والحقيقي :”يحيا الهلال مع الجمل “. مواضيع ذات صلة 1. كارم يحيى : “حزب كفرة وخونه” 2. كارم يحيى : مجزرة الإسكندرية والمسألة المصرية 3. كارم يحيى: “جاسوس في الحزب” رواية تخيلية سياسية 4. كارم يحيى : ذاكرة “الأهرام ” في خطر 5. كارم يحي يكتب: رسالة من صحفي بالأهرام إلى د.عبد المنعم سعيد .. استقل من الوطني