* المجلة: خوف السوريين من الاستبداد باسم الإسلام دفعهم إلى “مسامحة” الأسد على تصرفاته الوحشية * إخوان سوريا حاولوا طمأنة العالم بصياغة مبادئ دستورية لحماية الأقليات في الوقت الذي يقتل فيه السوريون
كتب- أحمد شهاب الدين: تقول “الايكونوميست” أن الاحتجاجات عام 2011 عززت الآمال نحو الديمقراطية في العالم العربي، ولكنها أثارت مخاوف كبيرة، فماذا لو رحل الاستبداد القديم، لا لشيء إلا ليأتي محله استبداد إسلامي جديد؟ وقد أرغم هذا الخوف بعض السوريين – خاصة الأقليات – على “مسامحة” الأسد حيال أفعاله الوحشية، لأنه على الأقل نظام علماني، وتضيف المجلة أن هذا الخوف موجود في مصر وتونس أيضا، فكلاهما يستعدان الآن لكتابة دستور جديد، وتستدرك المجلة أن في هذه الدول الثلاثة كان للإسلاميين استجابات مختلفة تماما. تقول المجلة في الشأن المصري بعد الثورة يفترض أن يشكل البرلمان الجمعية التأسيسية من مائة شخص، وتضيف المجلة أن ما حدث الأسبوع الماضي أن الإسلاميين لم يتشاوروا على نطاق واسع مع الأحزاب الأخرى رغم وعدهم بذلك، ويقول منتقدو الإسلاميين – الذين يحتلون ثلثي البرلمان – أن اللجنة الجديدة تضم عدد قليلا من النساء وغير المسلمين والأقليات الأخرى مثل النوبيين أو البدو ويستبعدون كذلك العقول القانونية البارزة والباحثين في المجال التشريعي، مما حدا بالمنظمات غير الإسلامية بالاستقالة من الجمعية التأسيسية، أغضبهم ما يعتبرونه إهدار فرصة حقيقية لتحقيق الوحدة الوطنية، يقول الإسلاميون أنهم لم يخالفوا القانون، وأن العلمانيين كانوا سيتصرفون بنفس الطريقة لو كان الحال معكوسا وحازوا على الأغلبية البرلمانية. وتعلق المجلة بأن ذلك قد يكون صحيحا ولكنها مع ذلك خطوة مغامرة، فالتحالف البرلماني بين الأخوان والسلفيين الذين تعهدوا بالتزام حقوق الأقليات البسيطة، يؤكد مخاوف العلمانيين أن النظام السياسي القادم لا يعكس التنوع الحقيقي في المجتمع، مجرد ديمقراطية الأكثرية التي قد تعمل لصالح المجلس العسكري. وتنتقل “الإيكونوميست” إلى تونس حيث الانتقال الديمقراطي أكثر سلاسة، وتجنبت تونس أزمات كالتي تتعرض لها مصر، فحزب النهضة الإسلامي ربح 41% من المقاعد في الجمعية التأسيسية المنتخبة في أكتوبر الماضي، وتعهد الحزب في وقت سابق أن الدستور الجديد للبلاد سيحافظ في صياغته على تونس الدولة العربية والمسلمة، بلا إضافة تشير إلى الشريعة الإسلامية باعتبارها مصدر أساسي للتشريع.، وذلك أثار حفيظة السلفيين، ولأن السلفيين لم يربحوا مقاعد في البرلمان، وبالتالي يمكن للنهضة أن يستمر في قيادة ائتلاف ثلاثة أحزاب مع العلمانيين، وتعقب المجلة على هذا الوضع بقولها “يمكن للتونسيين الآن التفكير في معارك سياسية أكثر دنيوية، مثل إعلان النهضة الأخير أنهم يؤيدون تنظيم انتخابات عامة جديدة في مارس 2013 مما يعني أن الدستور سيكون قد كتب حينها. وتشير المجلة إلى أن ما حدث في مصر أثر في أبناء عمومتهم السوريين، فالعديد كما تقول “إيكونوميست” من خصوم بشار الأسد أحجموا عن الانضمام إلى المجلس الوطني السوري، خوفا من أن يهيمن عليها الإخوان المسلمون، ففي اللقاء الأخير في اسطنبول الذي هدف إلى إظهار جبهة موحدة ضد بشار الأسد، استبق فرع جماعة الإخوان هذه المخاوف وأصدروا مجموعة من المباديء لوضع دستور في المستقبل من شأنه تكريس الحريات والحفاظ على التنوع العرقي والطائفي، فوفقا لهذه المباديء نظريا يمكن لامرأة مسيحية أن تصبح رئيسا، وتوحد المعارضة في الخارج، ويبدد المخاوف التي يزرعها النظام في نفوس السوريين بأن الإسلاميين سيقمعون المسيحيين والعلويين والدروز والأقليات الأخرى إذا وصلوا إلى السلطة. وتشير “الإيكونوميست” أن البعض في المعارضة يرون أن مناقشة الدستور في الوقت الذي يتعرض فيه السوريون إلى القتل عديم الفائدة، بالإضافة إلى أن جماعة الإخوان قد تتصرف بشكل مختلف إذا ذهب الأسد ووصلوا إلى السلطة، وتختم مجلة “الايكونوميست” تقريرها أنه لاشك بأن سوريا تنظر إلى التطورات في مصر وتستمع إلى أحداثها التحذيرية.