* “تايمز” تعطي مساحة كبيرة جداً لأنصار هجوم إسرائيل على المنشآت النووية الإيرانية وتتجاهل ترسانة إسرائيل النووية ترجمة – عبدالله صقر: قارنت صحيفة “نيويورك تايمز”، في مقال لأرثر س.بريسبان بين الحرب الأخيرة على العراق، وما يدور الآن حول شن ضربة عسكرية على إيران. فبعد تسع سنوات من بدء الحرب على العراق، يتحول المشهد الآن إلى إيران. ويستعين بريسبان بمقولة محرر الشئون الخارجية لصحيفة شيكاغو تربيون خلال الحرب على العراق، تيم ماكنولتي، والتي قال فيها “نحن نتحدث عن جنرالات قاتلوا في الحرب الأخيرة. والصحفيون أيضا شاركوا في هذا”، ولهذا يحذر الصحفيين من السقوط مرة أخرى تحت وطأة صفير الإنذار “التعبئة للحرب”، حيث قال ماكنولتي: “التعبئة للحرب، أو توقع الحرب، هي طريقة أقوى بكثير من التشكيك في الحرب”. وأضاف: “التعبئة للحرب أسهل بكثير من التدقيق والمساءلة، لكن هل من الضروري فعل ذلك؟”. ولا ينسى قراء “نيويورك تايمز” جوديث ميللر” الصحفية السابقة، والتي فقدت مصداقيتها تماما في تغطيتها لأسلحة الدمار الشامل لدى صدام حسين بسبب تقارير ثبت أنها كاذبة تماماً، قبل أن تقضي ثلاثة أشهر بالسجن نتيجة لأحداث مشابهة، وهذا تقريباً ما يخشاه قراء الجريدة الذين يشعرون بالقلق من وقوع “نيويورك تايمز” تحت وطأة أغاني الإنذار، والسرد للحرب، في تغطية الصحيفة للبرنامج النووي الإيراني. من بين الانتقادات أيضاً أن “تايمز” تعطي مساحة كبيرة جداً لأنصار هجوم إسرائيل على المنشآت النووية الإيرانية، وتتجاهل ذكر أن إسرائيل نفسها تمتلك ترسانة أسلحة نووية، وتبالغ أحيانا في نتائج الوكالة الدولية للطاقة الذرية، غير فشل الصحيفة في تحليل بيان المرشد الأعلى الإيراني عندما قال إن الأسلحة النووية “خطيئة”، وتؤكد في المقابل أن قادة إيران يسعون إلى القضاء على إسرائيل عن طريق عناوين مضللة. ويستشهد كاتب المقال بالكاتب وليام أ.بيمن، وكتابه (‘الشيطان الأكبر' في مقابل ‘الملالي المجنون')، والذي يتناول فيه كيفية تشويه السمعة المتبادل بين الولاياتالمتحدةوإيران. وقال مؤلف الكتاب للكاتب أن تغطية التايمز ساهمت بصورة خطيرة في سوء الفهم العام للوضع. “الحكمة التقليدية فيما يتعلق بإيران، هو أن إيران لديها برنامج أسلحة نووية وأنهم ذاهبون للقضاء على إسرائيل، ومهاجمة الولاياتالمتحدة” هكذا يرى بيمن الوضع، لكنه أضاف: “كل هذه الأمور هي مغرضة ومشكوك فيها للغاية”. انتقد بيمن أيضاً التايمز في تضليلها تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفي “العناوين المنفصلة عن المادة الفعلية في التقارير التي تؤثر فعليا في الرأي العام”، معتبرا أن هذه المشاكل تطرح تساؤلا حول “المسئولية المدنية للتايمز”. يرى الكاتب بوضوح، أنه مع تلك السلسلة من الإتهامات الثقيلة، فلا يعني ذلك تكرار حادثة جوديث ميللر. ويقول: “نعم، أنا أجد أمثلة تدعم الشكاوي السابقة، لكني أيضا أرى الكثير من التغطية المقابلة ليست عن الحرب، بل عن الشكوك. وهذا من أجل المصداقية”. وتؤكد أيضا رئيسة التحرير التنفيذية بالتايمز، جيل أبرامسون، أنها تدرك بالتأكيد أن القراء وجدوا صدى للتغطية المعيبة للصحيفة عن العراق، لكنها أيضا تؤكد ملاحظتها لاختلافات واضحة. فهذه المرة، تحدثت الحكومة الأمريكية عن شكوكها بشأن أسلحة دمار شامل، ولم يقرعوا طبول الحرب. ولا يوجد شك أيضا أن إيران لديها برنامج نووي، ولكن من غير الواضح تماما ما إذا كانت للإستخام المدني أم العسكري. وأضافت”الشهر الماضي، ومع علو صوت شن هجمة على إيران، قمنا بتقديم سلسلة من القصص من مكاتب أجنبية ومكاتب بواشنطن جنبا إلى جنب للإدلاء بالآراء والتصريحات من الجانبين، لا سيما مع ازدياد دعوات توجيه ضربة عسكرية لإيران، خاصة وأن العقوبات لم تجدي نفعاً ولن تفعل، وأن ضربة إسرائيلية لإيران ستكون سهلة وفعالة، وربما لا تضطر الولاياتالمتحدة للتدخل في الحرب. فإيران ضعيفة، ومن غير المرجح أن ترد في حالة توجيه ضربة عسكرية ضدها “. وأشارت أيضاً إلى أن مقالات التايمز تناولت تلك القضايا كلها، بالإضافة إلى المقال الذي تناول تحليلاً من المخابرات الأمريكية يشير إلى أنهم لا يملكون دليلاً دامغاً على أن إيران قررت صنع قنبلة نووية. وأكدت أن الجريدة حاولت دائماً الحصول على وجهة النظر الإيرانية، ولكن ثبت أن الأمر صعب ومعقد لوصول التايمز لإيران، لأنها “تسيطر بعناية” على وسائل الإعلام الأجنبية. وعلى الرغم من ذلك قام الصحفي، روبرت وورث بالحصول على بعض الآراء الإيرانية حول العقوبات في مقاله المنشور 6 فبراير، لكن التايمز لم تستطع أن تقدم تقريرا من داخل البلاد على أساس ثابت حتى الآن، كما تؤكد أبرامسون. لذلك، يرى الكاتب أن النتيجة هي عدم التوازن في المنظور. فالتايمز مثلا نشرت مقالا (7,627 كلمة) بمجلتها للكاتب الإسرائيلي، رونين بيرجمان، تتحدث عن حسابات إسرائيل لهجوم محتمل. لكن لا يمكن نشر مثل هذا العدد من الكلمات عن وجهة النظر الإيرانية. من ناحيته يرى هومان مجد، الصحفي الأمريكي من أصل إيراني، أن التغطية الإخبارية الأمريكية جعلت الأمريكيين ينظرون إلى قادة إيران وشعبها بشكل كاريكاتيري، كما لو كانوا “مظلومين تماما، أو مجنونين تماما”، وكما يرى مجد فالتحليلين “غير دقيقين بالمرة”. وأضاف مجد: “المطلوب من الصحيفة، هو المزيد من الجهد، ليس فقط من أجل الوصول للإيراني العادي، بل أيضا للوصول إلى الاختلاف الثقافي من أجل فهم التصريحات الهامة للقادة الإيرانيين”. في النهاية، يتفق الكاتب مع وجهة نظر مجد، ويعتقد أن عدم قدرة الغرب على فهم الجانب الآخر قد يكون تماما مثل ما حدث في العراق. ويرى أن المخاطر كبيرة بالنسبة لجميع المعنيين بالأزمة، بما في ذلك نيويورك تايمز، التي لديها الفرصة لتصبح على حق هذه المرة.