* حلاوة احتجز موظفين محليين واعتصم في قريته اعتراضاَ على استقبال أول سفير إسرائيلي بالقاهرة.. فوصفته الصحف القومية “بالمختل عقليا” * ابنة عمه: نتشرف بتسميته البطل المجنون لأنه من رفض التطبيع فى هذا الوقت يعنى مقاومة كبيرة لم يتوقعها أحد كتب محمد حسن: في مثل هذا اليوم تتجدد ذكرى “البطل المجنون” كما تسميه عائلته.. إنه سعد إدريس حلاوة أول شهيد سقط اعتراضاً على التطبيع مع اسرائيل فى 26 فبراير 1980، واستقبال أول سفير لها فى مصر. يعود سعد إدريس حلاوة لأسرة ريفية بسيطة حيث ولد فى الثانى من مارس عام 1947، وهو نفس العام الذى أعلن فيه مجلس الأمن الدولى فيه عن تقسيم أرض فلسطين لدولتين الأولى عربية والثانية يهودية انتهت بإعلان ” دولة إسرائيل ” فى 14 مايو عام 1948. نشأ سعد فى أسرة بسيطة، ولكن معظم أفرادها تلقوا تعليماً عاليا وتولوا وظائف فى الجكومة، إلا هو حيث اكتفى بالمرحلة الثانوية واتجه إلى مساعدة والده في زراعة الأرض. وعاصر ابن ” أجهور الكبرى ” لحظات الهزيمة والنصر ولحظات الانكسار والنشوة بالنصر مثل بقية المصريين، ولم يكن غائباً عن التحول السياسى الذى انتهجته مصر خاصة بعد حرب أكتوبر. ففى 17 سبتمبر عام 1987 أبرم الرئيس الراحل أنور السادات إتفاقية كامب ديفيد مع مناحم بيجين رئيس وزراء إسرائيل، بعد 12 يوما من المفاوضات فى كامب ديفيد الامريكى برعاية الرئيس الأمريكى وقتها جيمى كارتر.. والتى تبعتها ردود فعل غاضبة فى مصر والدول العربية، فقدم محمد إبراهيم كامل وزير خارجية السادات وقتها استقالته، كما تم تعليق عضوية مصر فى الجامعة العربية من عام 1979 لمدة 10سنوات، وتم نقل مقر الجامعة من القاهرة إلى تونس. فى هذا الوقت كان الشارع العربى يغلى رفضاً للاتفاقية.. وفى 26 مارس عام 1979 وُقعت معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية”، التى سمحت بالتطبيع وتبادل العلاقات الدبلوماسية بين مصر وإسرائيل.. ولأن سعد إدريس حلاوة لم يكن بعيداً أو غائباً عما يحدث فقد حدث الآتى: في يوم الثلاثاء 26 فبراير 1980، وهو اليوم المحدد لاستقبال السادات للسفير الإسرائيلى الياهو بن أليسار لتقديم أوراق اعتماده كأول سفير لاسرائيل في مصر بعد اتفاقية ” كامب ديفيد “، وفى الوقت الذى كان ” بن أليسار” يستعد لمقابلة السادات فى قصر عابدين، لتسليم أوراق اعتماده، قرر سعد صاحب ال 33 عاماً، التعبير عن رفضه لما يحدث بطريقته، فقام باحتجاز إثنين من موظفي الوحدة المحلية بقريته والاعتصام بها، للمطالبة بطرد السفير الإسرائيلي. يقول الكاتب سعيد الشحات أن سعد أثناء اعتصامه كان ” مزودا بأشرطة كاسيت من القرآن الكريم بصوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، وأخرى لأغانى عبد الحليم حافظ الوطنية، وخطب لجمال عبد الناصر”، مضيفاً أنه قام بإذاعة هذه الأشرطة عبر مكبر الصوت مطالبا بوقف العلاقات مع إسرائيل. ويتابع الشحات: وبينما كانت الصحف الرسمية المصرية تنقل كلام أجهزة الأمن بأن سعد مختل عقليا، وهو الكلام الأجوف الذى تستخدمه فى مثل هذه المواقف، كانت وسائل الإعلام العربية والعالمية، تتحدث عن الفلاح المصرى ابن قرية أجهور الكبرى ، الذى كشف كذب الإعلام المصرى بأن هناك إجماعا فى الموافقة على كامب ديفيد والتطبيع مع إسرائيل. وتحولت أنظار الإعلام إلى مافعله سعد حلاوة، و امتلأت القرية بمراسلى الصحف والقنوات العربية والعالمية ،بينما وردت عناوين هامشية فى الصحف المصرية تقول “مختل عقلياً يحتجز رهائن في إحدى قرى القليوبية”، مما وضع السلطة فى موقف محرج أمام ” الأصدقاء الجدد ” فى ” تل أبيب “. وأدار النبوى إسماعيل وزير الداخلية وقتها المواجهة مع سعد المعتصم السلمى فى مبنى الوحدة المحلية، حتى تمكن أحد القناصة من قتله بعد ثلاثة أيام من إصراره على موقفه، ليصبح الشهيد الأول الرافض للتطبيع مع اسرائيل، وليلحق به الشهيد سليمان خاطر الذى قتل سبعة إسرائيليين على الحدود مع فلسطينالمحتلة، فاتهمته الصحف وقوات الأمن بأنه مختل عقليا ( نفس الاتهام الذى وجه لسعد حلاوة )، وتم شنقه فى زنزانته عام 1986. ابنة عم سعد السيدة هالة حلاوة أرسلت رسالة إلى الكاتب الصحفى سعيد الشحات نشرها منذ عام فى “اليوم السابع”، قالت فيها “نحن نتشرف بتسميته البطل المجنون لأن من رفض التطبيع مع إسرائيل وعبر عنه فى هذا الوقت بمثل ما عبر عنه سعد كان يعنى مقاومة كبيرة لم يتوقعها أحد”. أما الشاعر الكبير نزار قبانى رثى سعد وقتها فى قصيدة بين الشعر والنثر، فقال عنه ” مجنون واحد تفوق علينا جميعا وأستحق مرتبة الشرف قي ممارسة الثورة التطبيقية، في حين بقينا نحن قي نطاق التجريد والتنظير.. هذا المجنون العظيم اسمه سعد إدريس حلاوة”.