مع تزايد حدة الخلافات بين طهرانوواشنطن في ملفات تخص الشأن الإيراني كالملف النووي الإيراني، وملفات إقليمية كالملف السوري والفلسطيني واليمني واللبناني والبحريني، يبدو أن إيران مصممة على تقليص الفجوة التقنية بينها وبين واشنطن وتل أبيب، فمن النووي إلى تجارب الصواريخ البالستية إلى اختراق عالم الفضاء وبقوة. القمر الصناعي الإيراني أعلنت إيران عن نجاح إطلاق قمر صناعي إلى الفضاء تحت اسم "سيمرغ"، وأنه سيكون أول منصة إيرانية ثابتة في الفضاء، وبحسب التليفزيون الإيراني فإن عملية الإطلاق أجراها مركز الإمام الخميني الإيراني للفضاء. وجرى الإطلاق عبر الصاروخ "سويوز" الذي حمل القمر وبإمكانه أن يحمل قمرًا صناعيًّا بزنة 250 كيلوجرامًا، في مدار يبعد 500 كيلومتر عن كوكب الأرض. وبثّ التليفزيون الإيراني فيديو للصاروخ، في وقت أكد مسؤول أمريكي لشبكة "فوكس نيوز" الأمريكية أن عملية إطلاق القمر الصناعي الإيراني تمت بنجاح. وفي واشنطن نددت الخارجية الأمريكية بما اعتبرته "استفزازًا" من جانب إيران باختبارها صاروخًا يحمل قمرًا صناعيًّا، وقالت إن ذلك يشكل "انتهاكًا لقرارات مجلس الأمن الدولي، ويقوض الاستقرار الإقليمي". وقالت المتحدثة باسم الخارجية هيذر نويرت للصحفيين "نعتبر ذلك استمرارًا لتطوير الصواريخ البالستية، كما نعتبر ذلك عملاً استفزازيًّا". ويبدو أن إيران تتعامل بندية مع الاستفزازات الأمريكية، ففي الوقت الذي لوح فيه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بالتعامل السلبي مع الاتفاق النووي الإيراني، قامت طهران باستعراض قوتها الصاروخية، في شهر يونيو الماضي، حيث نفذت القوة الصاروخية التابعة لحرس الثورة الاسلامية هجومًا بصواريخ "ذو الفقار" متوسطة المدى على أوكار تنظيم داعش في محافظة دير الزور السورية. وأمس تم الإعلان عن أول منصة إيرانية في الفضاء، بعدما فرضت واشنطن مجموعة من العقوبات عليها، حيث أقر مجلس الشيوخ الأمريكي بأغلبية عقوبات جديدة على إيرانروسياوإيرانوكوريا الشمالية، ومن المقرر أن تتم إحالة الوثيقة إلى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب. وتنوعت التجارب الإيرانية في عالم الفضاء، ففي عام 2012، أعلنت إيران عن نجاح إطلاق ثالث قمر صناعي محلي الصنع، وأفادت مصادر إيرانية بأن القمر وصل في 3 فبراير من العام نفسه إلى مداره المحدد على ارتفاع ما بين 250 و370 كم فوق الأرض. وكانت ايران أطلقت في فبراير عام 2009 أول قمر صناعي لها حمل اسم "أميد" (الأمل)، تلاه إطلاق أول قمر صناعي للتصوير ("رصد – 1") في يونيو عام 2011 الذي تم تصميمه وتصنيعه وتجميعه داخل البلاد من قبل المنظمة الجيوفضائية للجمهورية الإسلامية، وتمثلت مهمته في إجراء الاتصال مع المحطات الأرضية والتصوير وإرسال الصور عن بعد إلى الأرض. وبالمنصة الفضائية تعيد إيران التأكيد على أحقيتها بأن تكون ضمن الدول العشرة في نادي الفضاء عبر تصميمها وانتاجها وإطلاقها لأقمار صناعية محلية بالكامل. وكان مركز الفضاء الإيراني قد نشر مراكز استقبال له في أنحاء عدة من البلاد لتلقي المعلومات من الأقمار ومتابعة سيرها، والأقمار الإيرانية الحالية ذات طابع علمي وبحثي، والعمل جارٍ لتصنيع أقمار تستخدم في المجالين المدني والعسكري، وهو الأمر الذي يقلق واشنطن وتل أبيب. في عام 2015، كشفت دراسة إسرائيلية حديثة، صادرة عن "مؤسسة صموئيل نيئمان لأبحاث السياسات القومية"، أن الفارق العلمي والتكنولوجي بين إسرائيل وإيران في تراجع حاد لصالح الأخيرة، وأن السنوات القادمة قد تشهد تفوقًا إيرانيًّا في هذا الصدد، محذرة من أنه "بدون خطوات إسرائيلية عاجلة نحو توسيع هذا الفارق لصالح إسرائيل، فإن الميزات التكنولوجية التي تتمتع بها الأخيرة ستتراجع مقابل صعود إيران". أعدت الدراسة د. دافني جيتس، رئيسة مركز السياسات العلمية والتكنولوجية والابتكار، التابع للمؤسسة، وقدمت نتائجها أمام "مؤتمر إسرائيل للأعمال 2015". وأظهرت الدراسة أنه طوال العقد الأخير، لم يطرأ أي تغيير على أعداد الطلاب الإسرائيليين الدارسين لمجالات التكنولوجيا والعلوم، مقارنة بإيران التي تضاعفت فيها أعداد الطلاب في هذه المجالات، مقدرة أن هذا الأمر يعني أن إيران ستشهد تقدمًا كبيرًا على الصعيد التكنولوجي والعلمي مقارنة بإسرائيل. ولفتت الدراسة إلى أن تصنيف "شنغهاي" للجامعات 2015، يشير إلى نزعة واضحة بأن إيران تواصل التقدم في مقابل إسرائيل التي ما زالت تحقق تراجعًا، فيما تظل المراكز الأكاديمية الإيرانية في تقدم من حيث أعداد البحوث العلمية المنشورة عالميًّا، حيث يشكل عدد البحوث العلمية الإيرانية المنشورة ضعف عدد البحوث الإسرائيلية التي تنشرها الدوريات العلمية. ولفتت الدراسة إلى تقدم إيراني آخر في مجالات محددة، تعتبر بالنسبة لإسرائيل في غاية الخطورة، ولا سيما وأنها ترتبط مباشرة بعمل وحدات استخباراتية مهمة في إسرائيل، مثل شعبة الاستخبارات العسكرية بالجيش الإسرائيلي، وعلى رأسها مجال الفضاء السيبراني، والذي تمتلك فيه طهران قدرات كبيرة، وتهتم به على المستوى العلمي والأكاديمي، "ما يعني أنه على الوحدات الإسرائيلية العاملة في نفس المجال أن تعي أن إيران لا تقل عنها قدرة في مجال الفضاء السيبراني"، طبقًا لما ورد بالدراسة. وتشير الدراسة إلى مجال "علوم الفضاء"، حيث تشتري إيران التكنولوجيا من كوريا الشمالية والصين، ولكنها تطور قدرات ذاتية في مناحٍ عديدة بعلوم الفضاء، ومن ذلك تطوير قدراتها في مجال الصواريخ الباليستية والأقمار الإصطناعية والبحوث المتعلقة بالفضاء. وحسب المعلومات المتوفرة فإن إيران تبوأت المرتبة الخامسة عشرة بين الدول الرائدة في الإنتاج العلمي في عام 2014، وهو ما يمثل قفزة كبيرة للبحث العلمي والابتكار في إيران، وفي فترة قصيرة نسبيًّا بحيث ساهم العلماء الإيرانيون بنسبة أكثر من 6% من إنتاج المنشورات العلمية في العالم، متفوقين بذلك على أقرانهم في دول أوروبية كالدنمارك وبلجيكا والبرتغال وفنلندا واليونان.