ستظل إيران لغزا يحير العالم, فرغم سنوات العزلة والعقوبات الدولية تأبي طهران إلا أن يكون العلم بمختلف مجالاته هو هدفها الأول والأسمي. فلا تمر أشهر قليلة إلا وتخرج علينا أنباء تفيد بتقدم إيراني في أنشطة تخصيب اليورانيوم وسط توقعات أمريكية وإسرائيلية بقرب امتلاك إيران قنبلة نووية في غضون سنوات قليلة, فضلا عن الكشف عن انجازات عسكرية من غواصات نووية وطائرات بدون طيار واختبارات لصواريخ باليستية, وأخيرا إرسالها قرد إلي الفضاء الاسبوع الماضي واعتزامها إطلاق أقمار صناعية جديدة خلال الاحتفالات بذكري الثورة الإيرانية في فبراير الحالي ومارس المقبل.والحقيقة أن التقدم العلمي الكبير الذي حققته إيران يرجع الفضل فيه إلي العلماء الإيرانيين وحدهم, فقد حققت طهران الاكتفاء الذاتي في معظم المجالات العلمية, وهو ما يفسر عدم تأثير العقوبات عليها بشكل كبير.فعلي صعيد برنامجها الفضائي, نجد أن الأقمار الصناعية الثلاثة التي أطلقتها الجمهورية الإسلامية في أعوام2009 و2011 و2012هي أقمار محلية الصنع.وعسكريا, فالانجازات العسكرية التي يكشف عنها الجيش الايراني بين الحين والآخر هي أيضا من صنع المهندسين والخبراء الايرانيين.ومؤخرا,أعلن معهد تكنولوجيا النانو في طهران أن البلاد حققت الاكتفاء الذاتي في مجال النانو تكنولوجي التي تستخدم في العديد من المجالات منها الطب والتصنيع.ويشار إلي أن إيران تأتي في المرتبة العاشرة في قائمة الدول المنتجة لهذا النوع من التكنولوجيا.وتأتي تلك الأمثلة علي سبيل المثال لا الحصر فإيران حققت منذ ثورتها عام1979 قفزة علمية هائلة في العلوم النووية والطبية والتكنولوجية وغيرها. ويتوقع خبراء أن تصبح الجمهورية الإيرانية رابع أكبر دولة في العالم فيما يخص الانتاج البحثي بحلول عام2018, وقد لا يكون هذا التوقع بالمستحيل عندما نعلم أن المجتمع الجامعي في إيران تتجاوز أعداد المنتمين له ال2 مليون شخص, وبصرف النظر عن الأوضاع السياسية القمعية في إيران إلاأن أهم ما يميز النظام الإيراني الإسلامي منذ قيام الثورة ضد حكم الشاه هو وضع خطط محكمة ذات جداول زمنية واضحة للنهوض بالبلاد تلك الخطط التي تمتزج برغبة وإرادة قوية من قبل الايرانيين للدفع ببلادهم إلي صفوف الدول المتقدمة وتحويلها لقوة عظمي مهيمنة في الشرق الاوسط وفي العالم كله, وهذا ما يتضح جليا في الدعم الحكومي للعلم وتمويل الحكومة ل75% من الأبحاث العلمية.فكل شيء له برنامج وأهداف واضحة,البرنامج النووي الايراني, البرنامج الفضائي, البرنامج الصاروخي حتي حلم وصول أول إيراني إلي القمر حددوا له موعدا هو2020, الأمر الذي يدفعنا للقول بأنه لا نهضة لأمة من دون خطة ولا خطة من دون عزم وإرادة وطنية.