أنجزت القوى السياسية اللبنانية اتفاقًا بشأن قانون الانتخابات البرلمانية سيعرض اليوم على الحكومة لاعتماده وإحالته إلى البرلمان يوم الجمعة للتصديق النهائي عليه. وسيؤدي اعتماد هذا القانون إلى تمديد إضافي للبرلمان الحالي، بهدف إفساح المجال أمام وزارة الداخلية اللبنانية لإنجاز الترتيبات المتعلقة بالعملية الانتخابية. الإنجاز الجديد ترأس رئيس مجلس الوزراء اللبناني، سعد الدين الحريري، أمس الثلاثاء، في السراي الحكومي اجتماعا للجنة الوزارية المكلفة دراسة مشروع قانون الانتخابات حضره مجموعة من الوزراء تمثل الأحزاب السياسية في لبنان. وبعد طول مخاض وخلافات سياسية حالت دون إجراء الانتخابات البرلمانية عام 2013، ودفعت القوى السياسية لتمديد للمجلس النيابي لنحو 4 أعوام، اتفقت الأحزاب اللبنانية على قانون جديد للانتخابات، حيث ترى هذه القوى في القانون الجديد أنه أفضل الممكن في ظل التجاذبات الحالية، وتشبث كل طرفٍ بقانونٍ يسمح له بتعزيز موقعة السياسي والشعبي. وحول القانون الجديد قال وزير خارجية لبنان، جبران باسيل "إن هذا الإنجاز ليس لحزب أو لطائفة، إنما هذا الإنجاز للبلد، خصوصًا أن هذا آخر موضوع أساسي كان عليه خلاف في لبنان". وأضاف باسيل، أنه بإنجاز هذا القانون يصبح لدى اللبنانيين لأول مرة بعد سنة 1990 قانون يصحح التمثيل، القانون الجديد لم يصحح التمثيل بالقدر الكامل الذي كنا نرجوه، ولكنه نقلنا من مكان إلى مكان آخر مختلف تمامًا". ومن المفترض أن يؤدي المسار التوافقي إلى إنهاء فصل من فصول أزمة لبنان، دام طوال 8 سنوات، وهو تاريخ إجراء آخر انتخابات نيابية في البلاد عام 2009، وبدء النقاش السياسي لإقرار قانون انتخابي جديد بدل القانون الأكثري الساري حاليًا، والذي يحمل اسم "قانون الستين" والذي أقر عام 1960. آلية الاتفاق يقسم الاتفاق المقترح لبنان إلى 15 دائرة، ويعتمد النسبية في توزيع المقاعد على اللوائح الفائزة، على أن تكون عتبة نجاح اللائحة هي الحاصل الانتخابي بين عدد المقترعين وعدد المقاعد، وأشارت المصادر إلى أنه تم الاتفاق على أن يكون الصوت التفضيلي في القضاء وأن يتم نقل مقعد الأقليات من دائرة بيروت الأولى إلى دائرة بيروت الثانية، ولفتت إلى أنه "تم الاتفاق على زيادة 6 مقاعد في مجلس النواب للمغتربين في الانتخابات التي تلي الدورة المقبلة". وشملت أبرز بنود هذا القانون، تقسيم بيروت الى دائرتين، دائرة تضم الباشورة مع الثالثة والمرفأ، ودائرة تضم الأشرفية والرميل والصيفي والمدور، كما تمت إعادة مقعد الأقليات إلى بيروت الأولى. وأشار القانون إلى أن اللائحة غير المكتملة لا مانع منها، بشرط أن تحتوي على مقعد واحد عن كل قضاء على الأقل، وهي تتحمل فقدان أو خسارة أي مقعد حصلت عليه ولم ترشح عليه طائفيا، ويحسب من حصة اللوائح الأخرى وعلى ألا يقل عددها عن 40%. ويحتاج الاتفاق لجعل القانون نافذًا إلى موافقة الحكومة وتصديق البرلمان عن طريق التصويت عليه في الجلسة التشريعية المؤجلة من مطلع يونيو الحالي إلى 16 منه، بعد ضمان أكثرية مطلقة مؤيدة له سلفاً، وهو الأمر الذي يتوقع إنجازه خلال اليومين المقبلين بعد إجماع القوى الرئيسية التي تشكل الحكومة والبرلمان عليه. ومن بنود الاتفاق التمديد للبرلمان الحالي إلى موعد يتفق عليه بين رئيسي الجمهورية والحكومة لإفساح المجال أمام وزارة الداخلية لإنجاز استعداداتها التقنية والأمنية لإجراء الانتخابات. ويعد الاتفاق في حال إقراره أول قانونٍ للانتخابات في لبنان يعتمد منذ انتهاء الحرب الأهلية فيها. توافقات غابت قال باسيل "ما لم نُوفق في إنجازه في القانون الجديد هو موضوع حق العسكريين في التصويت والكوتا النسائية وخفض سن الاقتراع"، موضحا أن هذا الأمر يترافق مع إطار سياسي لا علاقة له بالقانون إنما بشخص رئيس الجمهورية الذي يسلم الكل بدوره بأن يدعو الأطراف السياسية المعنية إلى لقاء لتحديد سمات المرحلة السياسية المقبلة. وأضاف أن هناك أمرا لم يتم الاتفاق عليه وهو موعد الانتخابات وترك للاتفاق عليه بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري. وترجّح مصادر متابعة أن يكون موعد إجراء الانتخابات في مايو 2018، وهناك من يشير إلى اعتراض رئيس الجمهورية وباسيل على هذا التأجيل طويل الأمد والذي يقارب ال11 شهرًا، وهما يطالبان بأن يكون التأجيل لستة أشهر، وهذا الأمر سيبقى متروكاً للنقاشات في الأيام المقبلة، على أن يحسم قبل جلسة مجلس النواب، الثلاثاء 20 يونيو. ويرى مراقبون أن القانون الجديد قد فصل على مقاس الأحزاب التي تتقاسم السلطة في لبنان منذ عقود، ومع نشوء تحالفات ثنائية أو ثلاثية في مُختلف الطوائف (الوطني الحر والقوات مسيحياً، وحركة أمل وحزب الله شيعياً)، قد تتقلص المقاعد البرلمانية التي يحجزها مُستقلون لصالح الكتل السياسية، كما ستُغير التحالفات الجديدة من حركة الاستقطاب السياسي في لبنان، بعدما باعدت خيارات الرئيس الحريري بينه وبين رئيس مجلس النواب نبيه بري، والنائب وليد جنبلاط، لصالح علاقته المستجدة بالتحالف المسيحي الذي يجمع "الوطني الحر" و"القوات". عقبات يبدو أن القانون الجديد لم يجد قبولاً من قبل بعض القوى المعارضة في لبنان، حيث قال رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط في تغريدة له على "تويتر"، معلقًا على القانون: "في اليونان تشرق الشمس على صفاء وجمال، وفي لبنان يُولد قانون انتخابي معقّد ومشتبك كصانعيه ومبتدعيه، وهو ذو أبعاد غامضة". فيما غرّد وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسابيان قائلاً: "طالعنا البعض هذا المساء بأن القانون الانتخابي المفترض هو أسوأ الممكن حقًا، إن القانون الذي يُغفل الوعد بالكوتا النسائية هو أكثر ما يمكن سوءًا". وعلى الرغم من هذه العقبات فإن مراقبين للشأن اللبناني يقولون بأن مسودة القانون الجديد سيتم تمريرها، فالخلافات الإقليمية المحيطة بلبنان ستدفع الساسة إلى قبول أي حل توافقي يسهم في إبعاد لبنان عن أتون الصراعات المجاورة.