وجه رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، في مؤتمر صحفي أمس، سلسلة رسائل داخلية وخارجية في ظل فشل القوى السياسية في التوافق على صياغة قانون انتخابي جديد. كلام بري حمل إيجابية وتفاؤلا بأنه تم بالفعل الاتفاق على قانون انتخابي جديد، وأعلن بري أنه في انتظار القرار النهائي لتكتل التغيير والإصلاح لمتابعة النقاش بشأن العتبة الوطنية وطريقة احتساب المقاعد. المعلومات المتداولة في بيروت تؤشر لاقتراب إقرار قانون جديد للانتخابات النيابية، قانون وافقت عليه القوى السياسية المشاركة في مجلس النواب لكن خلافات على بعض التفاصيل مازالت خاضعة للمشاورات، ريثما يجري تذليلها، تمهيدًا لإعلان قانون الانتخابات رسميًا. القانون الجديد قبل أسابيع قليلة من انتهاء المهل الدستورية، باتت الحكومة اللبنانية على مشارف تقديم مشروع قرار قانون جديد للانتخابات النيابية، المشروع سيحظى بموافقة البرلمان، فالقوى التي تكون مجلس النواب هي نفسها التي توافقت على معظم بنود القانون الانتخابي الجديد، الذي باتت ملامحه الأساسية معلومة. القانون الجديد يقسم لبنان إلى 15 دائرة انتخابية، معظمها مصنفة أقضية على المستوى الإداري، العاصمة بيروت جرى تقسيمها إلى دائرتين انتخابيتين، أما محافظة الشمال فقسمت إلى 3 دوائر، وكذلك الحال بالنسبة إلى محافظتي الجنوب والبقاع، فيما قسمت محافظة جبل لبنان إلى 4 دوائر. لعل التطور اللافت في القانون الجديد المختلف جوهريًا عما سبقه من قوانين انتخابية هو اعتماد "النسبية" أداة لتوزيع المقاعد على الفائزين. بين السياسة والتقنية الخلافات التي تمنع إعلان الاتفاق على القانون الجديد تأخذ طابعًا سياسيًا وتقنيًا، في السياسة يرفض عدد من القوى الوازنة كحركة أمل بقيادة بري وتيار المستقبل بقيادة رئيس الحكومة سعد الحريري، على وجه الخصوص، نقل عددٍ من المقاعد النيابية المسيحية من دوائر مختلطة ديمغرافيًا بين المسلمين والمسيحين، إلى دوائر مسيحية صرف على المستوى الديمغرافي، رفض يهدد إقرار القانون برمته، في انتظار قبول التيار الوطني الحر عدم نقل أي مقعد نيابي لأسباب طائفية. تقنيًا تبقى العقد أكثر قابلية للحل، حيث تتمحور الخلافات حول العتبة الوطنية "أي نسبة الأصوات التي يجب تحصيلها كحد أدنى للمنافسة على الدخول إلى البرلمان". القانون الجديد يبدو مرضيًا للقوى المشاركة في الحكومة، فحزب الله وحركة أمل فرضا اعتماد النسبية، والتيار الوطني الحر الذي انبثق عنه رئيس الجمهورية اللبنانية، ميشال عون، والقوات اللبنانية بزعامة، سمير جعجع، يأملان من خلال القانون الجديد استعادة عدد من المقاعد النيابية المسيحية، ففيما يتعلق بنقل المقاعد النيابية هناك مطالبة من قبل عون وجعجع بتحويل المقاعد وليس نقل المقاعد، فهناك 3 مقاعد من دائرة بيروت الثانية والثالثة يريدان نقلها للدائرة الأولى، فتاريخيًا على سبيل المثال "حي المدور" كان تابعًا لدائرة بيروت الأولى، وعون وجعجع يطالبون بإعادة المدور التي تمتلك مقعدين أرمنيين بإعادتها للدائرة الأولى، كذلك الأمر بالنسبة للمقعد الإنجيلي في الدائرة الثالثة والذي نقل إليها لأمر غير مفهوم، ويتم حاليًا المطالبة لإعادته للدائرة الأولى، وهذه التحركات لا تعتبر وفقًا لمراقبين نقل مقاعد بل تحويل المقاعد وإعادتها لما كانت عليه. وحول كلام بري بعدم قبوله بمذهبة المقاعد النيابة، يرى مدير مركز بيروت للأبحاث والمعلومات، عبدو سعد، أن تصريحات بري تدور حول المطالبة بنقل المقاعد المستحدثة، وخصوصًا أنه كانت هناك مطالبة بنقل المقعد الماروني من طرابلس إلى جبيل، لأنه يقع ضمن مناطق ذات أكثرية مسلمة، والمقاعد المستحدثة هي عبارة عن 20 مقعد أضيفت إلى ال108 مقاعد التي تم الاتفاق عليها في اتفاق الطائف. ويرى مراقبون أن نقل المقاعد من شأنه أن يعقد المشهد السياسي في لبنان، فعلى سبيل المثال نقل مقعد طرابلس من دائرة تهيمن عليها الطائفة السنية كتيار المستقبل وتيار العزم، بالإضافة إلى نقل مقاعد من بيروت الثانية إلى الأولى، ففي حال بقيت الثلاث مقاعد في الدائرة الثانية ذات الأغلبية المسلمة فمن المؤكد أن المسلمين قادرون على الاستحواذ على مقعد أو مقعدين، أما إذا ذهبت المقاعد إلى الدائرة الأولى في بيروت، حيث يوجد أكثرية ساحقة مسيحية فلا أحد يستطيع أن يشارك المسيحين في هذه المقاعد. وبالنسبة للحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة، وليد جنبلاط، فقد قبل النسبية أخيرًا بعد الوقوف على رأيه في ما يخص دائرة الشوف في جبل لبنان. غير أن قوى سياسية لبنانية أخرى لا تبدو في وارد قبول هذا القانون، فالمطالبون بالنسبية يرون أن نسبية هذا القانون مبتورة، إذ إن الدوائر الانتخابية صغيرة ولا فارق كبير بينها وبين الدوائر في القانون الانتخابي السابق.