يشهد مخيم عين الحلوة الفلسطيني في لبنان بين الحين والآخر، اضطرابات أمنية تجعله يتصدر اهتمامات البلدين، حيث اشتعل القتال قبل ثلاثة أيام في المخيم بين مجموعة من حركة فتح، يساندها عناصر من القوة الأمنية المشتركة، وبين مجموعة «داعشية» بزعامة بلال بدر، وسقط أكثر من 5 قتلى بالإضافة إلى عشرات الجرحى. ويعتبر المخيم ثكنة عسكرية؛ حيث يمتلئ بالسواتر الترابية ينتشر فيها الأسلحة والمسلحون بشكل كبير، وفي مساحته التي لا تتعدى 2 كيلومتر مربع، يعيش حوالي مائة ألف لاجئ فلسطيني، ويضم المخيم الكثير من الفصائل الفلسطينية المتناحرة التي دائما ما تحارب بعضها بعضا، لكن ما زاد الوضع سوءًا، أنه أصبح ملاذ للفارين من العدالة والجماعات المتشددة السلفية. ما الفصائل الفلسطينية التي تسكن في المخيم؟ تعددت الفصائل الفلسطينية والقوى والتنظيمات المسيطرة على المخيم في الفترة الأخيرة، حيث يضم عددًا كبيرًا من الأحزاب السياسية، على رأسها حركة فتح، أكبر تنظيم عسكري ب"عين الحلوة"، أيضا حركة حماس، ثم ما يعرف ب«الأمن الوطني الفلسطيني» بقيادة اللواء صبحي أبو عرب، التابع لحركة فتح، بالإضافة إلى مجموعة أخرى تابعة للعميد محمود عيسى، الملقب ب«اللينو» والمفصول من «فتح رام الله». ويحتوي "عين الحلوة" أيضا على تنظيمات أخرى أكثر تشددًا، ذاع صيتها خلال السنوات الست الماضية، منها ما يعرف ب«عصبة الأنصار» التي تأسّست في أوائل التسعينات، ويرغب في إقامة دولة إسلامية بمفهومه داخل المخيم، فيما يأتي «فتح الإسلام» المنشق عن حركة فتح في رام الله، ويعد الأشد خطورة، لاسيما أنه يتبع أيدلوجيا وفكريا لتنظيم القاعدة، ويسعى شأن باقي التنظيمات الإرهابية للسيطرة على المخيم، كما ظهرت مؤخرًا مجموعة تدعى بلال بدر، نسبة إلى زعيمها المتشدد الذي اتخذ من حي الطيري مقرا له، وتقيم هذه المجموعة التي تتأثر بالفكر السفلي وبجو تنظيمي داعش والقاعدة، تفاهمات مع فتح الإسلام، وكانت وراء اغتيال فتحاويين وفلسطينيين اتهمتهم بالتعاون مع الاستخبارات اللبنانية. ويضاف إلى هذه التنظيمات المتشددة في المخيم العناصر الهاربة والمطلوبة لدى الأمن اللبناني ومن صدر بحقهم أحكام، الأمر الذي جعل المخيم منطقة مضطربة أمنية خارجة سلطة الدولة اللبنانية. ما الذي يدور بالمخيم في الفترة الأخيرة؟ يعيش المخيم أوضاعا اقتصادية واجتماعية صعبة، وما زاد الوضع الأمني سوءًا، تزايد نشاط التنظيمات المتطرفة وانضمامها للصراع على جبهة المخيم ومحاولة السيطرة عليه، الأمر الذي تواجهه الفصائل الفلسطينية، على رأسها فتح بكثير من الحزم خوفًا من تمدد عاصفة التطرف. وفي اليومين الماضيين، شهد المخيم اشتباكات دامية داخله بين القوة المشتركة بقيادة حركة فتح وجماعة بلال بدر، أسفرت عن مقتل 5 أشخاص وإصابة 33، وتطالب القوة المشتركة بدر بتسليم نفسه وأفراد جماعته على خلفية نشاطه المتطرف، لكنه يرفض، ويقترح التواري عن الأنظار. ويشهد مخيم عين الحلوة حركة نزوح كثيفة في الأحياء والمناطق المحاذية والمحيطة بمنطقة الاشتباكات؛ تخوفا من توسع رقعة المعارك خلال فترة الليل، كما أعلنت وزارة التربية اللبنانية والشبكة المدرسية في مدينة صيدا، تعليق الدروس وإقفال المدارس يوم الاثنين، نظرا لتردي الأوضاع الأمنية في المخيم، كما شدد الجيش اللبناني من إجراءاته الأمنية في مدينة صيدا وعند مداخل المخيم، ووضع وحداته في حالة جهوزية واستنفار تحسبا لأي طارئ. هل ينجر المخيم نحو أوضاع أكثر اضطراباً؟ وقال القيادي الفلسطيني في حركة فتح سابقًا، العميد محمود عيسى، الملقب ب"اللينو"، إن الوضع ما زال متوترا في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، والاشتباكات مستمرة؛ بسبب تمادي بعض المجموعات المتطرفة المتشددة المرتبطة بأجندات خارجية التي تستهدف أمن المخيم واستقراره. وإزاء الوضع الأمني الصعب الذي يعيشه المخيم وانتشار الجماعات المتطرفة التي تحاول السيطرة على "عين الحلوة"، أكد "اللينو" أنه "يجب وضع خطة شاملة للقضاء على هذه المجموعات المتطرفة، وعلى القيادة السياسية أن تتحمل مسؤولياتها؛ لأن تمادي هذه العصابات سيؤدي إلى أمور خطيرة جداً، ويجب أخذ قرارات واضحة وحاسمة تجاه القضاء على هذه المجموعات". وأوضح أنه "في حال تحملت المسؤولية جميع الفصائل الوطنية والإسلامية على أكمل وجه لحماية أبناء المخيم، لن تتوسع وتتطور الأمور لأن الاشتباكات الآن محصورة ببعض الأحياء التي يتحصنون فيها الجماعات المتطرفة، وهناك إجماع للخلاص من هذه المجموعات".