تعاني بعض القرى بمحافظة دمياط من تجاهل المسؤولين لها؛ حيث إنها مواطن لبؤر الجماعات التكفيرية ومعاقل الإخوان، ويدفع الأهالي هذا الثمن، من تجاهل أقل متطلبات الحياة. ومن هذه القرى "السواحل"، التي خرج منها كبار القيادات، و"الخياطة" و"البصارطة" أكبر المعاقل الإخوانية التي شهدت سقوط ضحايا من المواطنين وأفراد الأمن على يد الإخوان، بعد وقوع اشتباكات دامية بين الطرفين.. هذه الأحداث كانت كافية لأن تضع الجهات الأمنية تلك القرى على خارطة معقل الإرهاب، مما أدى لمعاناة الأهالي من أبسط مقومات الحياة، من صرف صحي ومواصلات وتعليم وصحة وغيرها، وعزلهم عن باقي المحافظة. إلا أن تجاهل الدولة لتلك القرى بوصفها بؤرًا إرهابية سيؤدي لتفاقم الأزمة؛ حيث سيجعل أهلها فريسة سهلة للقيادات الإرهابية، التي تستغل الفقر والجهل لتسيطر على عقول الأطفال والشباب خاصة؛ لاستقطابهم. يقول محمد الجوجري، أحد أهالي قرية السواحل: عانينا الأمرين خلال السنوات الماضية؛ نظرًا لوضع القرية على خريطة البؤر التكفيرية وضبط إحدى الخلايا التكفيرية فيها منذ نحو ثلاث سنوات، فلم نحظَ بأية خدمات كآدميين، من صرف صحي من مواصلات؛ مما يدفع الأهالي للسير على الأقدام، فيما يعاني الطلاب كي يتوجهوا لمدارسهم، وهو ما دفع أغلب أبناء القرية لعدم استكمال تعليمهم. ويقول أشرف إبراهيم، أحد أهالي الخياطة: هناك إهمال من المسؤولين تجاهنا؛ نظرًا لوجود كتلة إرهابية في القرية، ارتكبت العديد من أعمال التخريب والعنف والشغب، والتي راح ضحيتها مواطن وحارس الوحدة المحلية على يد عناصر الجماعة المتشددة. وناشد إبراهيم المسؤولين النظر إليهم بعين الرأفة وتلبية مطالبهم، فليس كل أبناء القرية عناصر إرهابية. وترى الدكتور سوسن فايد، أستاذ علم النفس السياسي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن أصحاب البؤر التكفيرية لهم مسارات سياسية مرتبطة بالعنف السياسي، تستهدف تحقيق أهداف سياسية، وقد تكون تلك الأهداف شعورًا بقصور في خدمات وإهدارًا لبعض الحقوق في التعليم أو الصحة معاناة أوعدم وجود حل أو سبل أو تواصل وعدم وجود خطاب سياسيى وكذلك إغلاق أبواب الحوار وعدم وجود أنشطة سياسية. وتضيف فايد في تصريح خاص ل "البديل": يبدأ هؤلاء في التعبير عن أنفسهم، خاصة وأنهم كانوا يعانون من التخلف الثقافي والديني، وهو ما قد يجعلهم فريسة سهلة للإرهاب لاستقطابهم، حيث يبدأ فى إشباعهم بأفكار خاطئة وتوجيه مفاهيم مغلوطة إليهم، كما يبدأ في استخدام أدواته مستغلًّا فقرهم وعدم حصولهم على قسط تعليمي كافٍ، علاوة على عدم وجود وظيفة، ويرددون لهم عبارات رنانة لاستقطابهم، بضرورة حصولهم على حقوقهم، فتصبح الجماعة بالنسبة للشخص المستقطب وطنه وكل شيء له، حيث باتت تحقق له أهدافه، وتظهر شخصيته ومهابة، بعدما ارتدى الجلباب، وأطلق اللحية، وبات يخشاه الناس، ويشعر المستقطب بأنه أصبح مشبعًا ماديًّا أيضًا، خاصة وأن تلك الجماعات تحصل على تمويلات خارجية، وباتت الجماعة بالنسبة له بديلًا عن الدولة، فيكون ولاء الفرد لقائد الجماعة أو مفتي الإرهاب، حيث يرتبط به ارتباطًا وثيقًا، ينفذ كل ما يطلب منه دون نقاش، ويحقق أجندات الأمير المتصل بجهات خارجية. وترى فايد أن أغلب المستقطبين من الحاصلين على شهادات متوسطة، وعلى سبيل المثال أعضاء الجماعة الإسلامية يشددون على ضرورة تصحيح الفكر عن طريق الخطاب الديني وتغيير المفاهيم المغلوطة وتوفير فرص عمل والخروج من بؤرة التهميش التي يعيشون فيها؛ كي يكون لهم دور اجتماعي، وهو ما بدأ يظهر مؤخرًا بعد سنوات طويلة في إعلان الدولة عن المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر؛ كي لا يعتمد الفرد على وظيفة حكومية، ويتم توفير فرص عمل مناسبة له. وشددت على ضرورة تغيير مناهج التعليم والإعلام والتثقيف؛ كي يتواجد مناخ صحي وهدف مشترك لدى كافة الجهات المسؤولة، عن طريق إعمال العقل وتنمية الفكر بمجلس الوزراء التنسيق لتطبيقه فى المدارس ومراكز الشباب والنوادي، إضافة إلى توعية السيدات، فالسيدة هي الأم والزوجة؛ كي يتواجد مناخ فكري صحي. وطالبت فايد بقيام المؤسسة الدينية بدورها وتصحيح المفاهيم المغلوطة أولًا بأول، دون انتظار وقوع الكارثة وانتشار الأفكار المغلوطة التي قد يؤمن بها البعض، وذلك من أجل مواجهة الفكر بالفكر، دون انتظار وقوع الكارثة، وتطبيق ذلك أيضًا في المؤسسة التعليمية والإعلامية، كل في مجاله؛ كي يتم حصار الفكر المتطرف في المجتمع، ولا يتواجد على الساحة سوى الفكر السليم فحسب، مع متابعة الأهداف أولًا بأول.