* الحكومة الروسية فضلت تشويه سمعة المعارضين الداعين للمظاهرات واتهامهم بتقاضي أموال من أمريكا بدلا من قمع المظاهرات * محلل سياسي روسي: السلطات تحاول إحباط حشد المتظاهرين باتهام المعارضين أحيانا بأنهم يستلهمون “الفوضى” في العالم العربي موسكو- وكالات: يرى محللون أن روسيا تشهد صحوة سياسية وتدل على ذلك ضخامة التظاهرات المنظمة منذ ديسمبر عبر الشبكات الاجتماعية لكنها ما زالت بعيدة جدا عن “ربيع” ثوري على غرار ما شهدته بعض البلدان العربية. ورغم أن تعبئة المعارضة غير مسبوقة منذ سنة 2000، حين تولى السلطة فلاديمير بوتين، رئيس الوزراء الاوفر حظا للفوز بالانتخابات الرئاسية المقررة في الرابع من مارس، فلا يمكن مقارنة هذا التحرك بالجماهير التونسية أو المصرية التي تظاهرت يوما بعد يوم رغم العنف والقمع. وفعلا فإن الروس الذين خرجوا يتظاهرون بعشرات الآلاف مرتين في ديسمبر في موسكو منددين بنتيجة الانتخابات التشريعية المشتبه في أن عملية تزوير واسعة شابتها ويعتزمون التظاهر مجددا السبت، ينتمون أساسا إلى الطبقة المتوسطة. وأوضح مازن عباس مراسل قناة العربية ورئيس جمعية المهاجرين العرب في روسيا أنه “في مصر انطلقت الحركة بمبادرة من الطبقة المتوسطة لكن بقية فئات المجتمع واكبتها لاحقا ولا سيما الأكثر فقرا”. وأضاف: “في روسيا الوضع مختلف جدا لأن الطبقة المتوسطة هي وحدها التي تتظاهر في موسكو”. وتفيد الاستطلاعات أن الرغبة في التغيير تزداد لكن الروس ليسو مستعدين لما هو أعظم. وأفاد تحقيق أجراه معهد ليفادا نهاية ديسمبر أن 44% من المستطلعين يدعمون التظاهرات لكن 4% منهم فقط مستعدون و11% “قد يكونون مستعدين” للتظاهر. من جانب آخر، اختلف رد فعل الحكومة الروسية على حركة الاحتجاج عن ردود الأنظمة العربية البائدة حيث أنها فضلت تشويه سمعة المعارضين واتهامهم بتقاضي أموال من الولاياتالمتحدة بدلا من قمع المظاهرات بالقوة. من جهته، اعتبر فيودور لوكيانوف رئيس تحرير مجلة “روسيا في السياسة العالمية” أنه لا أنصار فلاديمير بوتين ولا المعارضين ينساقون إلى التطرف. فقد وعد أنصار بوتين بحد أدنى من الإصلاحات بينما يناضل معارضوه من أجل تغيير عبر انتخابات ديمقراطية. واعتبر لوكيانوف أن “الذين يتظاهرون مستاؤون لكنهم إجمالا يريدون مزيدا من الرفاهية وآفاق في المستقبل وليس ثورة، لا توجد التوترات الموجودة في البلدان العربية والسلطة الروسية ترد بليونة أكبر”. وأكد المحلل أن الروس الذين ما زالوا تحت صدمة الفوضى التي تلت انهيار الاتحاد السوفيتي ما زالوا يرفضون أي زلزال سياسي. واستذكر لوكيانوف أن “الاحتياطي الثوري القوي الذي كان يتمتع به الروس قبل عشرين سنة تمخض عن عواقب وخيمة وخيبة كبيرة”. وقد تفطنت السلطات لهذا ولذلك تحاول إحباط التعبئة باتهام المعارضين أحيانا بأنهم ثوار خطيرون مستلهمون من الفوضى في العالم العربي. وتحدث رئيس المحكمة الدستورية الروسية فاليري زوركين عن سيناريو كارثي في يناير في مقالة بعنوان “روسيا قادمة على القانون أو الفوضى” نشرته صحيفة روسيسكايا جازيتا الرسمية. وتساءل زوركين “هل قادة المتظاهرين مستعدون للقول إن بلادهم محرومة تماما من شرعية سياسية وقانونية وبالتالي من سيادتها؟ هل هم مستعدون لدعوة أعداء (خصوصا الوحدات الخاصة لحلف شمال الأطلسي) لدعم قيام دولة جديدة في روسيا كما حصل في ليبيا؟” واعتبر بوريس دولجوف من مركز الدراسات العربية في أكاديمية العلوم الروسية أن الكرملين يواجه تحديا حقيقيا. وقال إن “كل الثورات (العربية) سبقتها تظاهرات (...) وفي روسيا هناك مشاكل اجتماعية واقتصادية وجرائم، فهل سيحصل الانفجار؟ هذا مرهون كثيرا بما ستفعله السلطات”.