حالة من الغضب تشهدها محافظة السويس لتجاهل المسؤولين علاج الفدائي محمود الجلاد، والمعروف ب "جلاد الصهاينة"، بعد تدهور حالته الصحية؛ بسبب ضعف عضلة القلب وعدم توافر تخصصات لعلاجه بالمحافظة. الفدائي محمود الجلاد هو أحد أبطال الكتيبة 39 قتال، وهى كتيبة الصاعقة التي قامت بتنفيذ العمليات خلف خطوط العدو أثناء حرب الاستنزاف بسيناء، وأطلق عليه "جلاد الصهاينة" لبسالته في ذلك الوقت. كان ضمن مجموعة قليلة من أفراد الصاعقة رفضت أخذ العزاء في عبد المنعم رياض قبل الثأر له، وانطلق بصحبة زملائه تحت قيادة إبراهيم الرفاعي، وقبل الأربعين، وفي اليوم التاسع والثلاثين أغار على الجنود الإسرائيليين بموقع لسان التمساح، الذي انطلقت منه المدفعية التي قتلت الشهيد عبد المنعم رياض، وقضى عليهم بالكامل، واستولى أفراد الكتيبة على الذخيرة والأسلحة الموجودة، وتكررت العملية مرارًا وتكرارًا، وكل مرة كان الجلاد يأتي بأسلحة وذخائر وأسرى، حتى أطلق عليه أفراد كتيبته "جلاد الصهاينة". ورغم بطولاته التي سطرها بحروف من نور، ينتظر الجلاد الموت؛ بدعوى عدم توافر تخصصات لعلاجه، وتسببت صوره التي انتشرت على مواقع السوشيال ميديا وهو طريح الفراش في شن حملة ضد المسؤولين الذين تجاهلوا بطلًا كبد العدو الصهيوني خسائر فادحة. وقال أحمد محمود، أحد الداعمين للحملة، إنه حصل على صور الفدائي أثناء زيارته للاطمئنان عليه، وفوجئ بتدهور حالته الصحية، مشيرًا إلى أن الجلاد رفض التصوير والتحدث في الأمر بدافع عزة النفس، مرددًا "أنا لا أتسول العلاج"، ولكن دموعه وألمه هما ما دفعا محمود إلى مخالفة رأيه، وفضح المسؤولين، الذين أكدوا أنه يتم علاجة الآن، بينما هو طريح الفراش مهدد بالموت. وتعجب محمود من إهانة رموزنا في السويس خاصة، مؤكدًا أنها تكررت مع عدد من أبطال المقاومة الشعبية والفدائيين وأبطال منظمة سيناء وغيرهم، لافتًا إلى أن علاج الجلاد مكلف، لكنهم تركوه ينتظر الموت البطيء، خاصة أنه لا يوجد له مصدر دخل سوى معاش ضئيل جدًّا لا يكفى أي شيء. وقال محمود عبد المعبود، أحد المشاركين في الحملة وأحد أبناء السويس، إن علاج الفدائي على نفقة الدولة لن ينهي الأمر؛ فعلاجه واجب عليها، ولكن يجب محاسبة المقصرين، وإيجاد وسيلة لتوفير معاش يليق ببطل من أبطال حرب أكتوبر والسويس، يعيش مهانًا آخر أيامه. وأكد أن تفاعل الأهالي على مواقع التواصل الاجتماعي جاء بشكل غير مسبوق، وليس من السويس فقط أو مصر، بل من كل أنحاء الوطن العربي. ومن جانبه أكد اللواء أحمد حامد، محافظ السويس، أنه سيتدخل لعلاج الفدائي على نفقة القوات المسلحة بمستشفى كوبري القبة، وسيخاطب قائد الجيش الثالث الميداني للتدخل وإجراء الجراحة اللازمة للبطل. يذكر أن محمود الجلاد من مواليد 20 فبراير سنة 1948، ودرس التجارة، والتحق بمعهد البترول بالسويس، ولكن سرعان ما اندلعت الحرب، وكانت النكسة التي دفعته إلى بذل كل جهد وعمل لاستعادتها، وانضم للجيش هو وباقي زملائه، والتحق بالصاعقة، بعد أن تفوق على أول الدفعة في التدريبات، وبعد قرار سعد الدين الشاذلي بدعم الكتائب المقاتلة من أصحاب المؤهلات العليا والمتوسطة الموجودة بالوحدات التعليمية، انتقل إلى الكتيبة 103 صاعقة مع الشهيد العميد إبراهيم الرفاعي، تحت قيادة محمد أحمد صادق، مدير المخابرات الحربية آنذاك، وانطلقوا كمجموعات قتالية تعبر القناة، وتضع الألغام أمام العدو. وسميت الكتيبة 39 قتال بهذا الاسم؛ لأنها نفذت آنذاك 39 عملية خلف خطوط العدو، وكانت ضمن فرع العمليات الخاصة. وأطلق موشيه ديان عليها مجموعة الأشباح؛ لأنها كانت تضرب وتختفي، وقامت الكتيبة ب92 عملية خلف خطوط العدو، شارك الجلاد في 40 عملية منها.