استمتعت خلال الأيام الماضية بقراءة أربعة أجزاء بعنوان للزميل والصديق الأستاذ مصطفى بكرى، وهذه الأجزاء « والفوضى الأربعة شملت أحداث 25 يناير والمرحلة الانتقالية وزمن الإخوان، والرابع هو ثورة 30 يونية. فى الجزء الأول قال مصطفى بكرى إن مصر شهدت فى الخامس والعشرين من يناير 2011 أحداثًا خطيرة أدت إلى تغيير النظام السياسى الحاكم ودفعت الرئيس حسنى مبارك إلى التخلى عن السلطة بعد ثلاثين عامًا من حكم البلاد.. ولم تكن هذه الأحداث فجائية أو ردة فعل لقرارات صادمة وإنما جاءت نتيجة للعديد من الأزمات التى عاشتها البلاد وتحديدًا خلال العقد الأخير الذى سبق الاحتجاجات الجماهيرية التى انتهت بثورة 25 يناير. وقام مصطفى بكرى برصد تاريخى للأحداث التى مهدت لثورة 25 يناير ووقائعها حتى سقوط حكم جماعة الإخوان فى 3 يوليو 2013 فى مقاله فى التمهيد بأنه التزام بالحيدة « بكرى » والحقيقة أؤيد والموضوعية فى رصد الأحداث التى شهدتها البلاد وطبيعة وأهداف القوى التى لعبت الدور الأهم فى المشهد السياسى فى هذه الفترة دون محاولة للتوظيف أو القفز على الحقائق. وتضمنت رسائل البريد الخاص بوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة « كلينتون » فى عهد الرئيس الأمريكى أوباما تفاصيل عن نشر الفوضى فى العالم العربى، وبلغ حجم الرسائل التى تضمنت نشر الفوضى 35575 رسالة. ولذلك فإن هذا الزلزال السياسى الذى كشفته تسريبات الإيميل الخاص بالوزيرة الأمريكية السابقة والمرشحة الرئاسية السابقة فى عام 2016 هيلادى كلينتون، أكد باليقين وجود مؤامرة ضد دول المنطقة أطرافها أمريكا وقطر وجماعة الإخوان وبعض نشطاء الفيس بوك ومؤسسات المجتمع المدنى الممولة من الخارج، ومن أبرز هذه الإيميلات للوزيرة الأمريكية مخطط جماعة الإخوان فى مصر لهدم مؤسسات الدولة من خلال خطة محكمة تهدف إلى إضعافها وإحداث وقيعة بين فئات الشعب المصرى. أما الجزء الثانى من أجزاء الدولة والفوضى، فيتحدث فيه الصديق والأخ مصطفى بكرى عن مرحلة ما بعد رحيل الرئيس مبارك وتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة المرحلة الانتقالية فى البلاد التى استمرت حوالى سبعة عشر شهرًا. وخلال هذه المرحلة سعت القوى المناوئة إلى الدعوة لنشر المزيد من الفوضى وأعمال التخريب والاعتداء على المؤسسات بحجة استكمال أهداف الثورة والمطالبة بإنهاء الفترة الانتقالية سريعًا. ويقول بكرى: لقد اشتعلت فى البلاد حرب كارثية ضد رجال الدولة أو كل من كانت لهم صلة بالنظام السابق. كما جرت أكبر محاولة لاغتيال الرموز والشخصيات الوطنية معنويا. وسادت البلاد فتن ومعارك وإرهاب فكرى ضد كل من يحاول الاعتراض أو التحذير من مخاطر المخطط الذى بدأت تتكشف ملامحه. وتحملت القوات المسلحة فى هذه الفترة مهام جسامًا سعت من خلالها إلى الحفاظ على كيان الدولة ومؤسساتها والتصدى للمخاطر المحيطة بالبلاد فى الداخل والخارج. وكان المشير حسين طنطاوى يدرك خطورة المؤامرة واستطاع التعامل معها ومحاولة تجاوزها، وفى سبيل تحقيق هذا الهدف تحمل المشير ما تنوء عن حمله الجبال وفقًا لخطاب القائد العام الفريق أول عبدالفتاح السيسى فى ديسمبر 2012. أما فى الجزء الثالث فنجد مصطفى بكرى يتحدث عن اختطاف الوطن خلال الفترة من 30 يونية 2012 إلى 3 يوليو 2013 . عاشت مصر فترة تاريخية صعبة، شاعت فيها الفوضى وتآكلت فيها المؤسسات محل الدولة ولم يكن رئيس الجمهورية فيها « الجماعة » وحلت فيها سوى مندوب لجماعة الإخوان يحكم بتعليمات مباشرة من مكتب الإرشاد ولا يستطيع أن ينفذ إلا ما يملى عليه. ولقد تعرضت البلاد فى هذه الفترة إلى مشكلات وصدامات وأزمات عديدة منذ اليوم الأول لوصول محمد مرسى إلى سدة الحكم، حيث سعت الجماعة إلى تقويض الإعلان الدستورى والهيمنة على القضاء والتفريط فى الاستقلال الوطنى وتغيير هوية الدولة الوطنية وتفتيتها. وفى الجزء الرابع والأخير تحدث مصطفى بكرى عن الأحداث التاريخية طيلة فترة حكم الجماعة الذى سقط فى أعقاب ثورة 30 يونية 2013 ، وانحياز الجيش لخيار الشعب المصرى فى 3 يوليو. ولقد سادت البلاد خلال هذه الفترة حالة من الفوضى كادت تهدد بسقوط مؤسسات الدولة واندلاع الحرب الأهلية بين أبناء الشعب بسبب الممارسات التعسفية للجماعة ومحاولة أخونة البلاد والسعى إلى طمس الهوية المصرية. وعندما اندلعت ثورة 30 يونية انحاز إليها جيش مصر العظيم بقيادة القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والإنتاج الحربى الفريق أول عبدالفتاح السيسى، الذى أعلن خارطة المستقبل التى أنهت حكم الجماعة الإرهابية إلى غير رجعة. ورغم أن الأجزاء الأربعة التى كتبها الزميل والصديق مصطفى بكرى وعايشناها جميعًا، إلا أنها موسوعة تاريخية مهمة، خاصة أنه تناولها بحيادية شديدة وأمانة فائقة. تحية للصديق مصطفى بكرى على هذه الموسوعة التاريخية لفترة مهمة فى التاريخ المصرى.