بعد 12 عاما من بدء 'الحرب علي الارهاب' يريد الرئيس الامريكي باراك أوباما الانسحاب من بعض الاوجه المثيرة للجدل في المعركة العالمية ضد الاسلاميين المتشددين. وفي خطاب هام القاه الرئيس الأمريكي يوم الخميس قيد أوباما نطاق الحرب التي وصفها سلفه الرئيس السابق جورج بوش بأنها حرب عالمية علي الارهاب بعد هجمات 11 سبتمبر ايلول 2001 وقيد الحملة التي تنفذ خلالها طائرات بلا طيار ضربات تستهدف اعضاء القاعدة والمتحالفين معها وأعلن خطوات لإغلاق السجن الحربي الامريكي في خليج جوانتانامو في كوبا. وأقر أوباما في كلمته باللجوء الي 'التعذيب' في تحقيقات أمريكية سابقة وعبر عن اسفه لوقوع خسائر في الارواح بين المدنيين نتيجة للضربات التي تنفذها طائرات بلا طيار وقال ان معتقل جوانتانامو 'اصبح رمزا في شتي انحاء العالم لانتهاك امريكا لسيادة القانون.' وبعد ان شنت الولاياتالمتحدة حربين مكلفتين في العراق وأفغانستان بدأت واشنطن تشعر بالارهاق من هذاالصراع. وعلي الرغم من ان مكافحة الارهاب مازالت أولوية في البيت الابيض تظهر استطلاعات الرأي بفارق كبير ان هم الامريكيين الاول هو الاقتصاد والقضايا المحلية مثل الرعاية الصحية. وقال أوباما في أول خطابه 'نحن الان في حرب منذ اكثر من عقد' وقرب نهايته استطرد 'لكن هذه الحرب مثل كل الحروب يجب ان تنتهي'. وعلي الرغم من ان خطاب أوباما الذي القاه في جامعة الدفاع الوطني في واشنطن هو موجه في الاساس للمواطن الامريكي الا انه يعتبر حجر زاوية في حملته لتغيير صورة الولاياتالمتحدة في العالم خاصة في العالم الاسلامي. لكنه يواجه عقبات من معارضيه في الكونجرس الذين سيحاولون منع اغلاق معتقل جوانتانامو ويرفضون دعوته للعدول عن التفويض باستخدام القوة العسكرية الذي مرر عقب الهجمات التي تعرضت لها الولاياتالمتحدة في 11 سبتمبر. وهذا القانون هو الاساس القانوني لجزء كبير من 'الحرب علي الارهاب.' وبموجب توجيهات رئاسية جديدة وقعت يوم الأربعاء قال أوباما إن وزارة الدفاع 'البنتاجون' ستتولي القيادة في بعض العمليات التي تقوم بها الطائرات دون طيار بدلا من وكالة المخابرات المركزية 'سي. اي. ايه'. واضاف أنه لن يتم تنفيذ ضربة بطائرة دون طيار إلا إذا تعذر اعتقال المشتبه في كونه إرهابيا. وقال إن الولاياتالمتحدة سوف تحترم سيادة الدول وستقتصر الضربات علي القاعدة أو الأهداف المرتبطة بها. وهذا من شأنه ان يخضع الهجمات التي تشنها طائرات بلا طيار لمزيد من المراقبة من جانب الكونجرس وان يتولي البنتاجون العمليات التي تقوم بها طائرات بلا طيار في اليمن لا باكستان حيث من المرجح ان يظل البرنامج هناك تحت اشراف السي. اي. ايه. وزاد استخدام الولاياتالمتحدة للطائرات دون طيار في مهاجمة المتشددين من توتر العلاقات بين واشنطن ودول منها باكستان وأثار انتقادات من نشطاء مدافعين عن حقوق الانسان. وكان أوباما قد وعد بمزيد من الانفتاح بشأن هذه القضية. وقال اوباما 'خارج افغانستان لا يجب ان نعرف جهدنا علي انه 'حرب عالمية علي الارهاب' بلا حدود.. وانما كسلسلة من الجهود الحثيثة الهادفة لتفكيك شبكات معينة لارهابيين يستخدمون العنف تهدد امريكا.' ورحبت في الاغلب جماعات مدافعة عن حقوق الانسان بقول أوباما ان الولاياتالمتحدة لا يمكنها ان تظل في حالة حرب متواصلة لكن بعض الناشطين يرون انه لم يذهب الي المدي المطلوب. وحذر معارضون جمهوريون من التسرع في اعلان ان القاعدة أصبحت قوة مستنفدة. وقال السناتور الجمهوري مارك روبيو الذي تردد اسمه كمرشح جمهوري محتمل في انتخابات الرئاسة لعام 2016 في بيان 'الرئيس محق في ابراز النجاحات في الحرب الامريكية علي الارهاب التي حدثت منذ هجمات 11 سبتمبر 2001. 'لكنه أخطأ رغم ذلك في التهوين من الخطر المستمر الذي يتهدد الولاياتالمتحدة او القول بان مستوي الخطر الذي تشكله القاعدة بعد ان ضعفت هي والافرع التابعة لها هو عودة الي المستوي الطبيعي لما قبل 11-9 وان علي الامريكيين ان يقبلوه.' يتبع وقال أوباما في خطابه 'امتنا ما زالت مهددة من الارهابيين.' وتابع 'لكننا يجب ان ندرك ان التهديد تحول وتطور عن ذلك الذي وصل الي شواطئنا يوم 9 سبتمبر.' وفي مواجهة انتقادات بشأن استخدام الطائرات دون طيار وما توقعه من خسائر في الارواح بين المدنيين قال اوباما ان الولاياتالمتحدة لن تستخدمها الا اذا كان التهديد 'مستمرا ووشيكا' في تفريق دقيق عن السياسة السابقة التي كانت تقوم علي شن ضربات ضد تهديد كبير. يتبع وواجه الرئيس الأمريكي ضغوطا من انصاره ومعارضيه للسماح بمزيد من التدقيق في عملية صنع القرار السرية التي يستند إليها استخدام الطائرات دون طيار. وجاء التغير في السياسة بعدما اعترفت حكومته بقتل أربعة أمريكيين في الخارج في ضربات طائرات دون طيار منذ 2009 خلال عمليات لمكافحة الإرهاب في اليمن وباكستان بينهم رجل الدين المتشدد أنور العولقي. ودافع أوباما عن تلك العمليات قائلا إنه عندما يشن مواطن أمريكي في الخارج حربا علي الولاياتالمتحدة ينبغي ألا تكون جنسيته حصنا له. لكن في اعتراف بالجدل الدائر في الكونجرس بشأن إمكانية تنفيذ ضربات داخل الولاياتالمتحدة قال أوباما إن هذا لن يكون دستوريا. وفي مواجهة المعارضة من الكونجرس أصيب أوباما بخيبة الأمل لعدم قدرته علي تنفيذ وعد انتخابي قطعه في عام 2008 بإغلاق سجن جوانتانامو. وزاد الضغط عليه للتحرك بعد إضراب عن الطعام قام به 103 بين 166 معتقلا في السجن. وقال أوباما 'لا يوجد مبرر غير السياسة لدي الكونجرس لمنعنا من إغلاق منشأة ما كان ينبغي لها أن تفتح أصلا.'.