أكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن إدارته لا تستخدم ضربات الطائرات بدون طيار إلا في أضيق الحدود وتستخدم التكنولوجيا لتقليل الضحايا بأقصى قدر ممكن، في ظل تطبيق قيود خاصة على استخدامها ، منوهًا بأن الولاياتالمتحدة تفضل القبض على الإرهابيين ومحاكمتهم بدلاً من قتلهم. جاء ذلك في خطاب الرئيس الأمريكي اليوم لعرض استراتيجيته لمكافحة الإرهاب، والذي ألقاه في جامعة الدفاع الوطني، والذي قاطعته خلاله سيدة أمريكية أكثر من مرة لمطالبته بصفته القائد الأعلى للبلاد بالأمر بإغلاق معتقل جوانتانامو، وسألته عما إذا كانت الولاياتالمتحدة ستدفع تعويضات لمن تم سجنهم فيه بدون دليل. وشدد على أن الولاياتالمتحدة يمكنها محاكمة المشتبه بهم في قضايا الإرهاب أمام محاكم مدنية، مشيرًا إلى أنه سمح بترحيل من تمت تبرئهم إلى دول أخرى، ولكنه توقف عن ذلك عندما فرض الكونجرس قيودًا على ذلك. وأوضح أنه طلب من وزارة الدفاع توفير مكان تقيم فيه محاكمات عسكرية للمشتبه فيهم وتخصيص مسئول يتولى نقل المساجين الذين تمت تبرئة ساحتهم من جوانتانامو، خاصة المساجين اليمنيين، مشددًا على أن إدارته ستصر على أن تكون هناك مراجعة مستمرة لكل محتجز. ونوه أوباما باستعداده لإشراك الكونجرس في الخيارات المتاحة بشأن إغلاق معتقل جوانتانامو، مؤكدًا أن القوة وحدها لا يمكنها أن تجعل الولاياتالمتحدةالأمريكية أكثر أمنًا خاصة من جانب الأماكن التي توجد لديها أيديولوجيات خاصة ، مشددًا على ضرورة مكافحة الفقر والكراهية. وأوضح أن معتقل جوانتانامو يكلف بلاده سنويًا 166 مليون دولار، أي مليون دولار عن كل معتقل ، كما أن وزارة الدفاع تطلب 200 مليون دولار أخرى من العام القادم لهذا الغرض. كما أوضح أن الولاياتالمتحدة ليست في حرب مع الإسلام، مشيرًا إلى أن المسلمين جزء من نسيج المجتمع الأمريكي ، مشددًا على أن وصف المسلمين بالإرهاب ما هو إلا كذبة وليس أمرًا حقيقيًا ، مشيرًا إلى أن أعداد الضحايا المسلمين من الإرهاب هي الأعلى. وحدد الرئيس الأمريكي بارك أوباما في خطابه أمام جامعة الدفاع الوطني اليوم معالم استراتيجيته لمكافحة الارهاب في عدد من العناصر تشمل الانتهاء من عملية هزيمة تنظيم القاعدة الأصلي في افغانستان وتدريب قوات الأمن الأفغانية بما لا يسمح للقاعدة بالظهور مرة أخرى، والتركيز على ضربات محددة، دون اللجوء إلى حرب شاملة، تستهدف أفرع القاعدة والتي قال إن أخطرها هو تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية واليمن والصومال وشمال أفريقيا والتي تتخذ لنفسها مقرات في الاماكن النائية والصعبة التضاريس في أماكن مثل اليمن والصومال. وشدد أوباما على الاصرار على تفكيك الشبكات التي تشكل تهديدا للولايات المتحدة باتخاذ قرارات تعتمد على الحكمة وليس الخوف، مشيرا إلى أن حرب الولاياتالمتحدة على الارهاب كلفتها أكثر من تريلون دولار على الحروب التي خاضتها بسببه. وأشار إلى المخاطر التي نجمت عن الربيع العربي، مع ضرورة التأكد من عدم تمكن الارهابيين من العثور على موطئ قدم لهم بسببها، ونوه بأن حزب الله في لبنان نشط في هذا المجال ولابد من وقفه.
كما أشار أوباما إلى ضرورة التصدي للأشخاص المتشددين داخل الولاياتالمتحدة، مشيرا إلى أن الضحايا هم من الأمريكيين وتستهدفهم أفكار جهادية مثل حالة جوهر تسارناييف في ماراثون بوسطن، ودعا إلى مبادرة مع المجتمع الاسلامي الذي يرفض العنف في أمريكا للتصدي لهذه الافكار المتطرفة.
وأوضح أن الوصول إلى الارهابيين في الأماكن النائية، في ظل عدم قدرة الحكومات المعنية على التعامل معهم، يقتضي الاعتماد على التكنولوجيا والضربات الجوية بدون طيار وفقا لقواعد محددة تحافظ على حماية الأمريكيين والقيم الأمريكية في نفس الوقت. وأكد أوباما أهمية الاعتماد على المعلومات الاستخباراتية والتعاون الدولي في هذا المجال. وأوضح أن الولاياتالمتحدة دخلت الحرب على الارهاب دفاعا عن النفس عندما قتل الارهابيون الآلاف من المدنيين في 11 سبتمبر 2001، مشيرا إلى أنه لا يمكن الاستمرار في محاربة المتفجرات بالمتفجرات، ونوه بضرورة عدم إساءة استخدام القوة. وقال إن مستقبل الارهاب يعتمد على هجمات ضعيفة ولكنها مميتة، وبالتالي فلابد من ضربات موجهة تستهدف هذه الهجمات المتفرقة دون الاعتماد على حرب شاملة مكلفة وغير مجدية. وأوضح أوباما على أن الهدف من ضربات الطائرات بدون طيار تستهدف الارهابيين الذين لا تستطيع الحكومات المعنية التعامل معهم وليس مضايقة المدنيين، ولفت إلى أن هناك فروقا كبيرة في التقديرات الأمريكية وتقديرات الجهات الأخرى فيما يتعلق بضحايا هذه الضربات، وشدد على ضرورة المواءمة بين هذه المآسي مقابل الخسائر المدنية الأكثر بكثير للارهاب، ليس في أمريكا فقط ولكن في الكثير من أنحاء العالم. وأعلن أنه وقع مذكرة جديدة تحدد الظروف التي تستطيع خلالها الولاياتالمتحدة استخدام الطائرات من دون طيار في الخارج. وتنص المذكرة على أن الأشخاص المستهدفين بهذه الضربات ينبغي أن يشكلوا خطرا ''وشيكا'' على الأمريكيين، وأن هذه الضربات لا يمكن أن تتم إلا إذا كان من الصعب اعتقال الشخص المشتبه فيه. وأشار أوباما إلى أن بديل استخدام الصواريخ لاستهداف الارهابيين في الأماكن النائية غير مجد لأنها أقل دقة من الطائرات وخسائرها أكثر من حيث الضحايا المدنيين. كما أن وضع الجنود الأمريكيين على الأرض مكلف، ورغم أنه يؤدي إلى خسائر أقل بين المدنيين إلا أنه يؤدي إلى مواجهات أكثر مع السكان في الدول بالخارج، وخاصة المسلمين. وشدد أوباما على دور المساعدات الأمريكية في مواجهة الارهاب، مشيرا إلى أنها تمثل في المائة فقط من ميزانية الخارجية الأمريكية، رغم أن الكثير من الأمريكيين يعتقدون أن نسبتها تصل إلى 25 في المائة، وأوضح أن تكلفة عمليات شهر واحد في العراق كان يمكن أن تستخدم في الكثير من المجالات لتقديم المساعدات مثل تدريب القوات النظامية المحلية في أماكن مثل باكستان وليبيا وغيرهما. وأوضح أن هذه المساعدات اساسية لتحقيق الأمن القومي الأمريكي.. كما شدد على ضرورة الموائمة بين الأمن والدبلوماسية.. مشيرا إلى أن أفضل طريقة لمنع التشدد العنيف هي العمل مع المجتمعات المحلية والشراكات مع دول العالم. كما شدد أوباما على ضرورة الموازنة بين الأمن والحريات، مشيرا إلى أنه طلب من الكونجرس مراجعة قانون يوفر حرية الصحفيين في العمل مع الحفاظ على سرية البيانات الحساسة. وأوضح أوباما أن أصعب قرار يتخذه هو قرار شن هجمات حتى على الأعداء، مشيرا إلى أن مهمته في المقام الأول هي حماية الشعب الأمريكي. وأكد أوباما على استعداده لإشراك الكونجرس في الخيارات المتاحة لمكافحة الارهاب وفي ظل مناقشات موسعة، مشددا على أن القوة وحدها لا يمكنها أن تجعل الأمريكيين أكثر أمنا وسلامة، وشدد على ضرورة معالجة الأسباب التي تفضي إلى التطرف، وخاصة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفي هذا الصدد أكد أوياما على ضرورة وأهمية التوصل لحل للخلافات بين الفلسطينيين والإسرائيليين من خلال المفاوضات والترويج لتحقيق السلام بينهما وتحقيق آمال الشعوب. وشدد أوباما على ضرورة التغلب على الفقر والكراهية وتعزيز الديمقراطية، وخاصة في دول مصل مصر وليبيا وتونس وغيرهم.. كما شدد على ضرورة تقوية المعارضة السورية وعزل العناصر المتشددة. وفيما يتعلق بمعتقل جوانتانامو، أعلن الرئيس أوباما أنه سيرفع القيود عن نقل معتقلين في هذا السجن في كوبا إلى اليمن، منبها إلى أن كلا ملف من ملفات هؤلاء السجناء ستتم دراسته على حدة. وكرر أوباما عزمه على إغلاق جوانتانمو نهائيا، لافتا إلى انه سيعين موفدا خاصا للإشراف على نقل السجناء، ودعا وزارة الدفاع إلى تحديد موقع داخل الأراضي الأمريكية لتتم فيه إجراءات المحاكمات العسكرية الاستثنائية للمعتقلين الذين صدرت اتهامات بحقهم.