في حواره للوطن المصرية لم يخف اللواء سامح سيف اليزل الخبير الأمني والعسكري، رئيس مركز الجمهورية للدراسات الاستراتيجية قلقه الشديد بسبب ما يجري علي أرض سيناء، وبخبرته الأمنية، يرصد تعرضها لخطر حقيقي، يتمثل في بيع مناطق كثيرة منها، لمواطنين فلسطينيين، في خطوة تخدم مشروعات التوطين التي تستهدف إسرائيل تحقيقها، لتخفيف العبء الواقع عليها في غزة. ويناشد 'اليزل' في حواره ل'الوطن' القيادة المصرية وضع مصلحة مصر فوق أي اعتبار، ويحذر بشدة من وجود مخيمات في سيناء لاستقبال الفلسطينيين لتتحول فيما بعد إلي كتله سكانية. * ما حقيقة بيع مساحات كبيرة من أراضي سيناء لفلسطينيين.. وكيف يجري ذلك؟ 80% من الأراضي الواقعة بين رفح والعريش، وتحديدا في منطقتي الطويل والسكاسكة، بيعت فعليا إلي مواطنين فلسطينيين، بعقود عرفية، وهذا الكلام مبني علي معلومات، ويمكن سؤال مشايخ سيناء 'الوطنيين' وليس أصحاب المصالح في بيع هذه الأراضي، فهذه حقائق علي أرض الواقع، وجري البيع من ملاك مصريين إلي فلسطينيين بعقود عرفية، وحصل المشترون علي أوراق تضمن الأموال التي دفعوها، وهناك سماسرة معروفون بالاسم متخصصون في إدارة هذه العملية ومعروفون لدي المشايخ، وهو أمر يجب أن يسترعي انتباه الدولة بشدة. * وكيف ترصد الأنباء التي تتحدث عن وجود مخيمات في سيناء لاستقبال الفلسطينيين حال حدوث نزوح جماعي من غزة هربا من العدوان الإسرائيلي علي القطاع؟ - الفلسطينيون إخواننا وعلي رأسنا، ونحن نقدر حجم المأساة التي يعيشونها ولا نقبل بأي حال أعمال القتل وتدمير البنية التحتية وهدم المساكن واستخدام القوة الغاشمة من قبل الاحتلال الإسرائيلي ضدهم، لكن هناك حقيقة راسخة علينا جميعا أن نعيها وهي أن مصر هي وطننا وبلدنا ومصلحة مصر يجب علينا أن نضعها فوق أي اعتبار وأري أن وجود مثل هذه المخيمات ليس من المصلحة العليا للبلاد. * ولماذا يقلقك وجود مثل هذه المخيمات في سيناء، طالما أنها مؤقتة؟ - لأن تاريخ المخيمات الفلسطينية في الدول العربية التي استضافتها، يقول إنها تبدأ صغيرة، ثم تكبر وتتحول لكتلة بشرية، بلا عودة، وهناك معسكرات للاجئين في الأردن ولبنان ما زالت موجودة منذ 40 عاما حتي الآن، ووجود مثل هذه المخيمات في سيناء ليس في مصلحة مصر علي الإطلاق، وعلي صاحب القرار أن يعي خطورة ذلك علي أمن مصر القومي، والأخ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس أعلن في مؤتمر صحفي من نقابة الصحفيين أنه يضمن عدم نزوح الفلسطينيين إلي سيناء، وفي نفس الوقت مصادر متعددة فضلا عما أعلنته القناه الثانية في التليفزيون الإسرائيلي تقول إن هناك استعدادات لاستقبال الفلسطينيين في سيناء، والأمر برمته يجب معالجته وفق ما تقتضي مصلحة مصر العليا بغض النظر عن أي اعتبارات أخري. * هناك أحاديث إسرائيلية متكررة عن تحويل سيناء إلي وطن بديل للفلسطينيين، فإلي أي مدي يمكن أن يدخل هذا المخطط حيز التطبيق فعليا؟ - بكل أمانة أري أن علي مصر أن تتوقع أي شيء في هذا المجال، وأن تكون جاهزة للتعامل معه، وبالفعل هذا المخطط الإسرائيلي ليس سريا، لكنه معلن وواقعي، ويبدو أن إسرائيل لديها إصرار علي تهجير الفلسطينيين أو أكبر عدد منهم من غزة، حتي ترتاح من الأزمة التي يشكلها لها القطاع، وبالتالي فهم يتحدثون عن سيناء كوطن بديل للفلسطينيين، وبالتالي يكون فعليا قد جري تصفية للقضية الفلسطينية التي بدأ النضال من أجلها منذ عام 1948، وحتي اليوم، لكن يبقي الأمر كله في يد الدولة المصرية والإدارة المصرية التي أكرر دوما أن عليها وضع المصلحة العليا لمصر فوق أي اعتبار. * هل حركة حماس تُحكم قبضتها تماما علي الفصائل النشطة بغزة أم لا؟ - هناك بالفعل فصائل فلسطينية أخري داخل القطاع، ولها أجنحة عسكرية تؤدي أعمالها دون تنسيق مع حركة حماس، ويبدو واضحا أن كل فصيل لا يعطي أو يطلع الفصيل الآخر علي خططه، وبالتالي القطاع أصبح مسرحا للكثير من الحركات ليس بينهم تنسيق أو رؤية موحدة للأهداف، ولمدي العملية الجارية وهو أمر خطير، وليس خافيا أن بعض هذه الفصائل تتحرك وفق تعليمات من بعض القوي الإقليمية بشكل مباشر. * هل تقصد بهذه 'القوي' إيران؟ - بالتأكيد إيران لها مصلحة الآن في إعادة صياغة المعادلات الإقليمية، وصرف أنظار الرأي العام العالمي عما يحدث في سوريا. * وكيف تري سيناء في خضم هذه المعادلة؟ - أشعر بخطر حقيقي، ولدي قلق شديد جدا علي سيناء، وأطالب الإدارة والقيادة السياسية بضرورة التصدي للحقائق، وإعلانها وإطلاع الشعب عليها، دون تقليل من حقيقة الأزمات وعدم المكابرة في معالجة وإدارة الأزمات، لأن هذه المكابرة قد تصل بنا إلي مواقف قد نندم عليها.