موجات حر متتالية ومعدلات تفوق الطبيعى أصبحنا نراها بشكل دائم ومستمر. فبعد أن كانت كلمة تغيرات المناخ تشكل جملة غامضة حاول المسئولون تجاهلها طوال فترات طويلة رغم حرصهم على حضور المؤتمرات العلمية فى دول عديدة ليعودوا بتوصيات يتركونها فى أدراج مكاتبهم. لتجبرهم التغيرات القاسية فى ظروف المناخ على أن يبدأوا للبحث عن حلول لظاهرة باتت واضحة للعيان من الإجهاد الحرارى الذى راحت ضحيته سيدة فى الثلاثين من عمرها بمحافظة المنيا مرورًا بلسعات قناديل البحر التى غطت معظم الشواطئ المصرية وحتى أسماك القرش التى وجدت فى مياه البحار لدينا مكانًا للإقامة بعض الوقت قبل رحلة الهجرة للمحيطات. ولعل تقرير البنك الدولى حول تأثير التغيرات المناخية على العالم العربى ينذر بمخاطر لابد أن نضعها فى الحسبان، خاصة بعد أن أشار إلى أن تأثير تغير المناخ بدأ بالظهور أكثر وأكثر.. من موجات الحرارة المتطرفة إلى الجفاف والفيضانات التى تمتد فى عواصم ومناطق عدة فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأن الشرق الأوسط هو أكثر المناطق عرضة لتأثيرات التغير المناخى، حيث ستشهد المنطقة ارتفاعًا فى معدل درجات الحرارة وقد تصل إلى ست درجات مئوية بحلول العام 2050، وسيؤدى بالتالى إلى نقص حاد فى الأمطار وإلى انتشار كبير لظاهرة الجفاف، مع تأثيرات ذلك على الأمن الغذائى، بل يعتقد بعض العلماء أن الحرارة سترتفع لتقضى على الحياة البحرية، ومنهم من يذهب إلى حد أقصى ويعتقدون أن منطقة الخليج ستصبح غير قابلة للعيش. الإجهاد الحرارى تحذيرات خطيرة من الجهات الدولية وظواهر غريبة أصبحنا نراها بأعيننا، ففى الأسبوع الماضى كانت هناك ثلاث لقطات ترتبط كلها بمتغير واحد وهو «تغير المناخ»، اللقطة الأولى كان مسرحها مدن الصعيد وبدأت من محافظة المنيا عندما أعلنت وزارة الصحة فى خبر ربما لم يلفت نظر الكثيرين عن وفاة أربع حالات اجهاد حرارى فى مصر هذا العام بسبب هبوط حاد بالدورة الدموية نتيجة الإجهاد الحرارى وارتفاع نسبة السكر بالدم لسيدة عمرها 30 عامًا بمستشفى حميات المنيا بمحافظة المنيا، حيث جاءت للمستشفى فى حالة صحية متأخرة مصاحبة بتشنجات وغيبوبة وارتفاع بدرجة الحرارة نتيجة التعرض لأشعة الشمس، وشهدت بنى سويف وفاة مريض نفسى يخرج دائمًا من منزلة ليعيش هائمًا على وجهة ليتم العثور على جثته بعد توقف مفاجئ لعضلة القلب لتعرضه لإجهاد حرارى، وفى أسوان تم الإعلان عن وفاة شاب من نصر النوبة وعمره 19 عامًا، دخل المستشفى متوفى، وكذلك سيدة أسوانية قادمة من الإسكندرية وتبلغ من العمر 39 عامًا، حيث توفيت أثناء استقبالها بالمستشفى، حيث أكدت التقارير تعرضهما للشمس بشكل مباشر، مما تسبب فى وفاتهما، ليصبح الإجهاد الحرارى سببًا جديدًا للوفاة؟ تردد مؤخرًا خلال العامين الماضيين ويحذر منه الأطباء لأن هناك حالات قد يكون مصيرها الوفاة إذا تعرضت لحرارة الشمس بشكل مباشر وبحسب نشرة الطب الوقائى بوزارة الصحة فإن علامات الإجهاد الحرارى تتضمن التعرض لدرجة الحرارة العالية فترة طويلة يترتب عليها ارتفاع شديد فى درجة حرارة الجسم واحمرار فى الوجه وجفاف فى الجلد والتهاب فى العين وإجهاد عام يصاحبه صداع قد يتحول إلى تقلصات عصبية، حيث يشعر الإنسان بدوار وهذيان يؤدى لفقدان الوعى وضعف فى نبضات القلب وقىء وتضعف قواه ليصبح غير قادر على الوقوع أو التحكم فى نفسه، لذلك كانت النصائح لكبار السن والأطفال ومرضى الأمراض المزمنة بعدم التعرض بشكل مباشر إلى الشمس والبقاء فى المنزل قدر الإمكان فى فترات الذروة والتوجه لمستشفى الحميات فى حالة حدوث أية أعراض، كما يشير د. هانى الناظر أستاذ الأمراض الجلدية الذى أكد ضرورة الإكثار من شرب المياه وتناول السلطات الخضراء وارتداء الملابس القطنية فاتحة اللون واستعمال شمسية أثناء السير فى الشمس أو غطاء رأس ودهان المناطق المعرضة للشمس بكريمات حماية، والاستحمام بالماء البارد مرتين يوميًا ونصح كبار السن والأطفال بعدم التواجد فى الشمس خلال الفترة من 10 صباحًا حتى 3 عصرًا. مبادرات مجتمعية الأجمل فى هذه التغيرات هو تبنى مبادرات مجتمعية تفيد الناس منها مبادرة د. هانى الناظر لحملة أسماها «شنطة الحر» لتبدأ حملة انضمت لها بعض الشركات تحت عنوان: «صحتك تهمنا» بدأت فى توزيع الآلاف من شنط المصيف المجانية لتشمل المواطنين المتوجهين للشواطئ العامة وقبل الخاصة فى جمصة وبلطيم وبورسعيد والإسكندرية ومرسى مطروح وتوزيعها فى الأماكن الشعبية والأكثر احتياجًا فى القاهرة والمحافظات، حيث قامت إحدى شركات الدواء الوطنية، كما يقول الناظر بتبنى فكرتى وقامت بإعدادها، حيث تحوى كريمًا واقيًا للشمس ومطهرًا للجلد وكريمًا مضادًا للالتهابات وزجاجة خل وصابونة جلسرين لعلاج لسعات القنديل التى جاءت صرخات المصطافين قوية من الشواطئ بسببها. قناديل البحر ومن الإجهاد الحرارى إلى قناديل البحر كانت الصرخات القادمة من الشواطئ مبررًا قويًا دعا وزارة البيئة إلى عقد ورشة عمل تتحدث عن القناديل وتفسر ما يحدث فى شواطئنا بصورة تلفت الانتباه، حيث أكد د. خالد فهمى وزير البيئة أن وزارة البيئة رفعت حالة الطوارئ وتقوم حاليًا بإجراء مسح شامل لساحل البحرين المتوسط والأحمر، لرصد القناديل المنتشرة عن طريق مجموعة عمل علمية متخصصة فى مجال علوم البحار، مع توزيع فرق عمل ميدانية من محبى الطبيعة وحماتها للمرور على الشواطئ فى الساحل الشمالى الغربى لجمع أنواع القناديل الموجودة والإجابة عن أسئلة المواطنين، خاصة مع تأكيد وزير البيئة أن الظاهرة غير طبيعية لأن العدد الذى تم رصده فى الشواطئ كبير بسبب التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة التى جعلت القناديل تستقر لوقت أطول فى الشواطئ المصرية. وزير البيئة أكد أن الأنواع الموجودة ليست سامة وخطورتها فقط فى اللسع الذى يمكن علاجه عن طريق ماء البحر والخل والليمون وكريمات الالتهابات، وهى ليست من الأنواع الشرسة كتلك التى توجد فى الساحل الاسترالى، وأنها من المفترض أن تنتهى مع بداية شهر سبتمبر ليكون مقرها السواحل التركية. أضاف الوزير أن هناك رصدًا لحركة القناديل والمتغيرات المناخية التى سببت زيادة عددها هذا العام من خلال شبكة رصد القناديل البحرية بالبحر المتوسط، التى تشرف عليها المفوضية الأوربية لحماية البحر المتوسط، ومقرها موناكو بفرنسا حيث تقوم على دراسة التغيرات المناخية وكل ما يتعلق بالشواطئ ومنها القناديل التى قد يكون كثرة عددها سببه الصيد الجائر للسلاحف البحرية التى كانت تتغذى عليها بشكل رئيس، حيث تم ضبط صيادين يقومون ببيع السلاحف والترسة بعد أن يقوموا بشرب دمائها من جانبه أوضح الدكتور مصطفى فودة مستشار الوزير للتنوع البيولوجى أنه يجرى حاليا دراسة أسباب الامتداد الجغرافى لوجود قناديل البحر بعد أن كانت تتركز فى العريش وبورسعيد ودمياط لتمتد هذا العام إلى الساحل الشمالى الغربى، وهى ظاهرة تستدعى الدراسة. وأشار فودة إلى أن انتشار القناديل يتم فى هذا الوقت من كل عام نتيجة موسم التزاوج فى الربيع وخلال هذه الفترة يكون لديها حساسية شديدة فتقوم بالدفاع عن نفسها بلسع من يقترب منها، ولكنها لا تفرز أى مواد سامة ويمكن مواجهتها بعمل شباك لصيدها بعيدًا عن أماكن السباحة التى يتواجد فيها المصطافون وستنتهى هذه الظاهرة الطبيعية مع نهاية موسم التزاوج فى نهاية أغسطس أول سبتمبر. أما الدكتور محمد سالم رئيس الإدارة المركزية للمحميات بقطاع حماية الطبيعة فقد نفى الشائعات التى ربطت بين ظهور القناديل وقناة السويس، مشيرًا إلى أن مشروع القناة الجديدة تم إعداد دراسة تقييم الأثر البيئى له قبل إقامته و هناك رصد مستمر للتأكد من سلامة نوعية مياه القناة التى من الصعب وجود قناديل بها كما تحرص الهيئة بالتعاون مع الجهات المعنية على اتباع أسلوب الإدارة البيئية. فيما أكد د. طارق تمراز عضو الفريق البحثى لدراسة القناديل من جامعة قناة السويس، أن الأنواع الموجودة فى مصر وهى من نوع «Rhopilema nomadica» وهو من الأنواع المسجلة فى البحر المتوسط منذ عقود، وعلى مستوى إقليم البحر المتوسط وهى غير قابلة للطهو والأكل، وقد بدأ ظهور القناديل يزداد بسبب الصيد الجائر للأعداء الطبيعيين للقناديل وهى السلاحف والترسا، حيث يتغذى قنديل البحر على بيض ويرقات الأسماك والهائمات الأخرى من العوالق البحرية الحيوانية، ويتواجد خلال الصيف نظرًا لوفرة الغذاء، كما أنه يعتبر غذاء لبعض الكائنات الأخرى مثل السلاحف البحرية وبعض الأنواع القليلة من الأسماك، ويتم رصد كل ذلك بالتعاون مع الهيئات الدولية. القرش والحوت ثالثة اللقطات كانت فى ظهور أسماك القرش والحوت داخل المياه المصرية وبجوار الشواطئ إما نافقة وإما تعوم فى مسافات قريبة بصورة أدت إلى الذعر والرعب. وكما يقول الدكتور مجدى علام الخبير البيئى فقد هاجم سمك القرش شواطئ شرم الشيخ مرتين والعين السخنة، ثم ظهر حوت بالساحل الشمالى ومعه القناديل. ويرى علام أن تبريرات البيئة والحكومة للأمر بأنه ظاهرة عادية نتيجة تغيرات المناخ أمر مرفوض، حيث كان يجب أن يخبرنا الجميع عن الإجراءات الاحترازية التى اتخذوها للمواجهة، واتهم علام وزارة البيئة بأنها أصبحت لا تملك أى أدوات علمية لمواجهة أى ظاهرة بيئية، وأن هناك 6 حوادث بيئية كان هناك فشل فى مواجهتها لغياب 6 وحدات علمية نسيتها وزارة البيئة منها الوحدة البحرية: وتشمل القرش والحيتان والقناديل، ووحدة النباتات: وتشمل الفونا والفلورا ورصد التصحر، ووحدة الحيوانات البرية: )مثل السلعوة واختفاء وظهور حيوانات برية(، ووحدة الهوام والحشرات والفراشات، ووحدة الطيور )حيث عاد تكاثر النورس البحرى، والغراب وأبوقردان بشكل لافت للنظر(، ووحدة الفيروسات التى أنشأها الوزير ماجد جورج، والتى لعبت دورًا مهمًا فى مقاومة نقل فيروس إنفلونزا الطيور من موجات الطيور المهاجرة.