تعالت الأصوات المطالبة بهيكلة وزارة الداخلية منذ ثورة 25 يناير المجيدة ...وإستمرت المطالبات بالتغيير دون رؤية أو تصور بماهية تلك الهيكلة...وكيفية تطبيقها علي من ضحوا بأرواحهم في سبيل الدفاع عن الوطن! الحقيقة..أنها كانت معادلة صعبة.. ولاسيما أن أهم مدخلاتها ..المواطن المقهور ورجل الشرطة المتعسف والمتعالي... معادلة رفضها الواقع الجديد و عكسها إحتقان الشارع ضد رجل الشرطة.. نتج عنه أحداث مروعة ومشاعر سلبية كانت دليلاً علي حقيقة وجود مشكلة في كيفية تقديم خدمات الأمن الشرطي المصري !! مضت سنوات ورغم إنخفاض حدة الإحتقان لكننا لانستطيع أن نُجزِم أن العلاقة باتت سوية. ولم تتلاشي صورة رجل الشرطة (البعبع) الذي كان المواطن العادي يخشي أن يلجأ إليه أوحتي يقترب من قسم الشرطة للإبلاغ عن مشكلات يتعرض لها ويؤثر الإستسلام للغُبن بديلاً عن التعامل مع مرفق الشرطة. التضحيات التي قدمها ويقدمها رجال الداخلية الشرفاء منهم والمخلصين...لم تنهي إشكالية رجل الشارع مع الشرطة ولاسيما أن الهيكلة كانت مطلب رئيسي من مطالب الثورة ! مناقشات عقيمة..جدال..تغييرات في المواقع...لم تكن ذات جدوي؟ ولايمكن أن نركن إلي واقع بردود فعل وقتية وحظر مُفتعل من أبناء الوطن نتيجة مخاطر آنية...فمع الوقت والتعود...جد طبيعي أن تعود ( ريما لعادتها القديمة)!! ماأقصده....هو ضرورة تبني سياسة بعينها والتأكيد عليها من القيادات وهي إحترام آدمية المواطن في التعامل معه بصفة عامة وأثناء العقوبة بصفة خاصة. فمن لايَرحم..لايُرحم ومن هنا يبدأ السلام الاجتماعي ومن هنا يستطيع أن يتعلم المواطن حب الوطن! لن نتجاهل أسباب رئيسية لتدهور العلاقة بين رجل الشرطة والمواطن قد تكون في بعض الأحيان ليست من سجاياه كالعنف والغضب والإنفعال المتكرر ... وإنما إكتسبها نتيجة للضغوط وتحميله بمالايطيق لاشك في ضرورة توفير الراحة بصورة متوازنة لتفريغ الشحنات السلبية والمتاعب النفسية التي يولدها التعامل في ظروف أقل ما توصف به أنها ظروف صعبه.... ولاسيما الظروف السياسية التي طالما ألقت بعبئ تدارك أخطائها علي هذا القطاع تحديداً.... الثغر...يعيش تجربتة الفريدة مع عددٍ من قياداته الأمنية الذين إستطاعوا فك طلاسم المعادلة الصعبة ؟ فقد سجلت بعض القيادات بمديرية أمن الأسكندرية نماذج يُحتذي بها.. حين ترك اللواء" عادل التونسي" مدير أمن الأسكندرية السابق بصمات المودة والمشاركة المجتمعية لرجل الشارع في مواجهة تحديات ظروفه الحياتية مكنه منها تواصله مع المجتمع المدني. وكذلك كان اللواء "هشام لطفي" مساعد وزير الداخلية الذي إنتقل مؤخراً إلي محافظة أسيوط ...القامتين والقيمتين ومن حذا حذوهما لازال أبناء الثغر يتواصل معهما . تجربة الثغر النموذجية....في تفاعل المجتمع السكندري مع أحد القيادات الأمنية بصورة لم نعرفها أو نسمع عنها...اللواء "ناجي أنس" مدير العلاقات العامة بمديرية أمن الأسكندرية الذي أصبح صديقاً شخصياً لكل رجل وسيدة من أبناء المجتمع المدني وإستطاع أن يجمع كلمتهم علي إحترامه و مودته... العلاقة التي نلفت إليها في "تجربة الثغر"...كونها علاقات ليست فردية لشخوص بعينها ولا لخدمات مُقدمة لرجال الأعمال كانوا أوتنفيذيين أوسياسيين نافذين....ولا مقابل تبادل هدايا ومصالح بين قامات لايجد رجل الشرطة مناص من التعاون معها وتقديم الخدمات لها بكل ود و إحترام سواء قدمت أم لم تقدم له الشكر والمقابل !! إن تجربة الثغر في تبادل المودة والتعاون والإهتمام بين رجل الشرطة وأبناء المجتمع البسطاء والمهمشين من منطلق أن الشعب والشرطة في خدمة الوطن. لقد تجلت نتيجة تجربة الثغر في مظاهرة حب لحضور حفل توقيع مؤلفاً للواء "ناجي أنس" بمكتبة الأسكندرية...شخصيات شرطية ناجحة إستخدمت الإنسانية والتواضع لفك طلاسم المعادلة الصعبة. نماذج الثغر الشرطية نهج ومنهج يمكن أن يُدرس بكلية الشرطة ضمن المناهج التي لاتخلو منسرد طبائع المجرمين ،وأنماط المواطنين وسبل التعامل معهم.. حتي يمكن أن يبلور طالب الشرطة ماهية سمات الشخصية الإنسانية التي يجب أن يكون عليها حتي يمكنه تحقيق المعادلة الصعبة في الجمع بين هيبة رجل الشرطة ، وإحترام المواطن طالب الخدمة،في سبيل إستتباب الأمن وترسيخ علاقات آمنة ومثمرة في بيئة العمل.