أكد تقرير هيئة مفوضي الدولة بمجلس الدولة أن توصيته القانونية المرفوعة للمحكمة الإدارية العليا، بإلغاء حكم محكمة القضاء الإداري 'أول درجة' في قضية قطع خدمات الاتصالات والإنترنت إبان أحداث ثورة 25 يناير، جاءت في ضوء أن حكم أول درجة قد خرج عن نطاق طلبات مقيمي الدعوي الأصلية، بما يجعله باطلا بطلانا أساسيا. وأوضح التقرير أن مقيمي الدعوي لم يطلبوا بتعويض للخزانة العامة للدولة، حيث لا صفة لهم في ذلك، وإنما جاءت طلباتهم الختامية بتعويضات شخصية لهم، جراء "الأضرار المادية والأدبية التي أصابتهم من وراء قرار قطع الاتصالات". وأضاف التقرير، الذي أشرف علي إعداده المستشار مصطفي حسين السيد، نائب رئيس مجلس الدولة، وقرره المستشار إبراهيم عبد الغفار، أنه ما كان يجوز لمحكمة أول درجة أن تحكم علي مبارك ونظيف والعادلي بما لم يطلبه مقيمو الدعوي، وهو تعويض للخزانة العامة للدولة، مشيرا إلي أن حكم القضاء الإداري صدر علي نحو لا يلبي مطالب المحامين مقيمي الدعوي بالحصول علي تعويضات شخصية لهم، بغية إنشاء مؤسسة أهلية يقومون علي إدارتها، بغرض تطوير التعليم والبحث العلمي في مصر، مشددا 'التقرير' علي أنه شتان بين الحكم بالتعويض لخزانة الدولة العامة، وما حدده المدعون من أوجه إنفاق التعويض الذي يستحقونه. وكانت محكمة القضاء الإداري ألزمت كلا من الرئيس السابق حسني مبارك ورئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، بأن يدفعوا من مالهم الخاص إلي الخزانة العامة للدولة بالتضامن فيما بينهم مبلغ 540 مليون جنيه عن الأضرار التي تسببوا فيها بالاقتصاد القومي 'قطاع خدمات الاتصالات والإنترنت'، توزع فيما بينهم بإلزام العادلي بتعويض قدره 300 مليون جنيه، ومبارك بتعويض قدره 200 مليون جنيه، ونظيف بتعويض قدره 40 مليون جنيه. وأكد تقرير هيئة مفوضي الدولة أن الصفة في المطالبة بالتعويض لصالح الخزانة العامة للدولة عن الأضرار التي تسبب فيها قطع خدمات الاتصالات والإنترنت- تكون إلي النائب القانوني عن الدولة، ألا وهو 'هيئة قضايا الدولة'، ومن ثم تصبح الطلبات التي أبداها المتدخل، إلي جانب مقيم الدعوي، من تعويض المواطنين المتضررين، علي أن تصرف مبالغ التعويض لصالح خزانة الدولة، دونما إنابة له من جانب هؤلاء المتضررين، أو من جانب الدولة في ذلك، والتي تمثلها قانونا هيئة قضايا الدولة. وأشار تقرير هيئة مفوضي الدولة إلي أن حكم القضاء الإداري أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، ما يجعله جديرا بالإلغاء، لافتا إلي أن لا يغير من ذلك الرأي استناد الحكم إلي الأوراق والتقارير التي تفيد وقوع خسارة بالاقتصاد القومي، باعتبار أن المصلحة المالية للدولة تختلف عن المصلحة المالية لمقيمي الدعوي، وذلك لاختلاف الذمتين الماليتين. وأضاف التقرير، أن تحقيق الاقتصاد القومي لخسائر لا يعني بحكم الضرورة إصابة رافعي الدعوي في مصلحة مالية لهم، مشددا علي أن مثل هذه الأمور لا يؤخذ فيها بالظن، بل يجب إثباتها وفقا للمستقر عليها قضاء. وأكد تقرير هيئة مفوضي الدولة أن جميع أوراق الدعوي خلت من ثمة دليل يفيد وقوع الضرر المادي والأدبي علي مقيمي الدعوي، والمساس بمصالحهم جراء قطع خدمات الاتصالات والإنترنت، وعناصر هذا الضرر ومداه. وأضاف التقرير، أن المتضرر هو الذي يقع عليه عبء إثبات ما أصابه من الضرر، ومن ثم فإنه لا يستطيع أن يتطرق إلي المسئولية عن الضرر قبل أن يثبت حجم الأضرار التي لحقت به وطبيعتها، مشيرا إلي أن عبارات مقيمي الدعوي في شأن تحديد الأضرار التي أصابتهم، جاءت مرسلة وعارية من الدليل، علي نحو يتعين معه رفض طلب تعويضهم. ورفض تقرير هيئة مفوضي الدولة ما أبداه دفاع مبارك ونظيف والعادلي من أن قرار قطع خدمات الاتصالات من أعمال السيادة التي تخرج عن نطاق رقابة واختصاص القضاء بصفة عامة، مشيرا إلي أن الجهة الإدارية 'ممثلة في رئيس الوزراء والعديد من الوزراء' اتخذت قرار قطع الاتصالات إعمالا لنص المادة 67 من قانون تنظيم الاتصالات، وبوصفها سلطة إدارية في الشكل الذي يتطلبه القانون، وعن إرادتها الملزمة، بما لها من سلطة عامة بمقتضي القوانين واللوائح، وهو الأمر الذي يشكل قرارا إداريا مكتمل الأركان، صادرا عن سلطة وطنية وفقا للتشريعات المنظمة له، وبالتالي فإنه يخضع للرقابة القضائية لمحاكم مجلس الدولة. وأكد التقرير أن أوراق القضية خلت تماما من ثمة وقائع تشير إلي أن هذا القرار صدر في ضوء تعرض مصر لما يهدد أمنها القومي، ما تنتفي معه الادعاءات بأن القرار يعد عملا من أعمال السيادة، وأشار التقرير إلي أنه انتهي إلي بطلان تقريري الطعنين المقدمين من مبارك ونظيف علي حكم القضاء الإداري، وذلك في ضوء ما تبين له من عدم التوقيع عليهما من محام مقبول أمام المحكمة الإدارية العليا، علي نحو يشكل مخالفة إجرائية لنصوص وأحكام التقاضي المنصوص عليها أمام محاكم مجلس الدولة. يذكر أن دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار مجدي العجاتي، نائب رئيس مجلس الدولة، قد نظرت بالأمس الاثنين أولي جلسات طعن مبارك ونظيف والعادلي علي حكم القضاء الإداري، وتأجلت الجلسة إلي 3 أكتوبر المقبل حتي يتسني لأطراف القضية الإطلاع علي تقرير هيئة مفوضي الدولة في شأن الطعون وإعداد الردود عليه.