لا يعرف فضل رمضان الحقيقي , ولا تجليات روحانياته السابحة في نور القلوب العامرة بنور المولي سبحانه وتعالي ,إلا من ذاق طعم نفحاته الدفاقة التي تستقر بالقلوب, فتسمو بالنفوس , وتطهر حنايا الصدور من أدران الحياة اليومية وانشغال النفس عن الجوهر, وجريها طوال العام وراء المظهر , واليومي , والعابر.. وما أن يأتي رمضان الكريم بنفحاته النورانية حتي تجد النفس نفسها , وتلمس الروح روحها وتتجسد تجلياته في قلوب عامرة بأنوار نورانية, فتستقر بعد تقلبها وترتاح الأرواح الحائرة بعد طول قلقها, تبحر في نفحات مرساها بعد طول إبحار وفي نورانياته ملاذها بعد طول انتظار, فيسترد الإنسان انسانيته التي فطر عليها , ويلمس بنفسه عين نفسه , التي كانت تراوغه , وتتحقق صفاته التي هي ظلال لصفات خالق الكون,فيصبح أكثر كرما, وتراحماً , وتحملاً, فتتفتح في قلبه شرايين العطاء , ويشرق في وجدانه نور المحبة الدائمة المتدفقة الذي ما أن ينير الصدور حتي تتألق نفوس البشر بالبِشر , وتتوهج قلوب الناس بمحبةٍ وهبها المولي لكل الناس عندما نفخ في أبينا أدم من روحه , فظل متألقاً وهاجاً في النفوس التي تحاول أن تزيل عن نفسها صدأ الحياة اليومية لتحافظ أبداً علي الوهج الوهاج الذي سيظل في قلوب ونفوس كل من تتفتح روحه لأنوار رمضان النورانية التي تطهر القلوب من أحزانها وأدرانها وتغسلها لتظل بواحة وفواحة بأريج عطر المحبة الخالدة التي زرعها الله سبحانه وتعالي في قلوب بني آدم .. فتحيل الدنيا نورا وفرحة وحبا وألقا ومودة ورحمة واحتفالا بالمعني الإنساني الكامن في التوحد مع نور الحق سبحانه فتشف النفوس وتتضوأ الصدور بنور نوره الأخذ الذي من قبسه تضاء انوار الكون كله . ويكتشف الناس معني جمال التحلي بالصبر وروعة الإرادة ولذة الصفاء وطعم جمال الإخاء والتلاحم مع الضعفاء والغرباء والبسطاء ففي رمضان تتجلي اسمي آيات الشعور بالآخرين ويصبح الكرم ايقاع الحياة المتناغم مع نور الروح الفياضة بالنور والشفافية التي تتجلي كل رمضان تنقي العباد وتطهرهم لتكتمل دائرة النور النورانية فتتحقق إنسانية الإنسان .