رحلت عن عالمنا المهندسة المعمارية العراقية زها حديد أمس الخميس 31 مارس 2016 ، قبل أيام من الذكرى الثالثة عشر لغزو بغداد فى عام 2003، وتركت تاريخا معماريا يشهد على إبداعها وتميزها فى مجال الهندسة المعمارية فهى تعد من أهم المهندسين المعمارين فى العالم. ولدت زها فى 31 اكتوبر 1950 ببغداد ، وهى ابنة وزير المالية الأسبق محمد حديد ، الذى أسس مع مجموعة من الديمقراطيين المتنورين مطلع ثلاثينيات القرن الماضي، أول حركة مجتمع مدني أطلقت على نفسها الحزب الوطني الديمقرطي، كافحت الحكم الملكي إلى أن أسقطه العسكر في الرابع عشر من يوليو 1958، وفتحت الطريق امام سلسلة انقلابات أوصلت العراق الى الاحتلال. و درست فى بغداد حتى انتهت من دراسة الثانوية وحصلت على شهادة الليسانس فى الرياضيات من الجامعة الأمريكية فى بيروت ، ولها شهرة واسعة فى الأوساط المعمارية الغربية، و كانت تحلم بإعمار العاصمة التى دمرتها الغزوات الأمريكية المتواصلة عليها وخربتها بالقنابل والصواريخ، ولكنها لم ترغب فى دخول الوطن المحتل بالعنف والعسف والإرهاب والتشتت بين الطوائف السياسية المتنازعة على السلطة. وتميزت تصميمات زها حديد بالإبداع والإبتكار مما جعلها فريدة فى عالم الهندسة المعمارية ، وقد اتهمها البعض بأن مشروعاتها خيالية ويصعب تنفذيها لكن مشروعاتها أثبت مدى كفاءتها وإبداعها . وأهم اعمالها : محطة إطفاء الحريق بألمانيا من 1991 إلى 1993، محطة البواخر في ساليرنو عام2000 ، مركز الفنون الحديثة في سينسيناتى بأمريكا عام 1939 ،جسر أبوظبي في الإمارات العربية المتحدة ، مشروع القبة الألفية بلندن عام 2000 بمناسبة دخول اللفية الثالثة ، محطة قطار ستراسبورج بألمانيا عام 2001 ، مركز العلوم فى ولسبورج بألمانيا ، منصة التزحلق فى أنسبروك ، مركز الفنون الحديثة بروما ، مركز حيدر عليف فى مدينة باكو عاصمة أذربيجان ، برج الإبتكار بهونج كونج ، جناج جسر فى قرقسطة بأسبانيا . فقد حصلت زها حديد على جائزة برتيزكر المشهورة في مجال التصميم المعماري، حيث تعادل في قيمتها جائزة نوبل، وبذلك تصبح زها أول امرأة تفوز بها منذ بدايتها التي يرجع تاريخها لنحو 25 عاماً كما انها أصغر من فاز بها سناً ذلك عام 2004 ، حصلت أيضاً على جائزة الدولة النمساوية للسياحة عام 2002 ، واختيرت كرابع أقوى امرأة فى العالم عام 2010 حسب تصنيف مجلة تايمز ، وحصلت على وسام التقدير من الملكة البريطانية واختيرت كأفضل الشخصيات فى بريطانيا عام 2012 ، وفازت بالميدالية الذهبية للعمارة لعام 2016 وكانت زها أول امرأة تحصل على هذه الجائزة التي هي أعلى تكريم يقدمه المعهد الملكي البريطاني نظراً لما قدمته من إنجاز في مجال الهندسة المعمارية. ولها العديد من المشاريع المستقبلية التى مازالت قيد الإنشاء وهى مشروع اوبرا دبى ، المبنى العائم بدبى ، استاد الوكرة فى قطر ، مركز الثقافة باليابان ، اكسبو سيتى فى القاهرة. ومن أبرز ما صممته هو مبنى " مركز أبحاث الشرق الاوسط" بجامعة اوكسفورد والذي افتتح قبل أسابيع من رحيلها، اويقاربُ المبنى شجرة "السكويا" العملاقة المحاذية، التي تُعتبر أضخم وأطول الأشجار في الطبيعة، حيث يبدو من الداخل مثل فناء منزل عراقي تقليدي، ويمتد تحت الأسس نظام الصرف الصحي لتأمين الرطوبة والتهوية للشجرة كثيفة الجذور، ويوجد تحت السراديب شبكة تهوية أرضية تصون صالات المخطوطات، والصور الفوتوغرافية النادرة. كانت زها حديد أسطورة فى عالم الهندسة المعمارية فكانت فخر للعراق والعرب ، وأثبتت أن المرأة قادرة على التميز والإبداع والإبتكار، فكانت من أهم نماذج العرب التى نبغت فى البلاد الغربية ، فوحدها أبدعت وساهمت فى تطوير مجال الهندسة المعمارية حيث إعتبرتها الأوساط المعمارية أنها أكبر مهندسة معمارية فى العالم.