شارك 22 منظمة مدنية سودانية ومصرية وغربية، تقريرا يصف الوضع في السودان، أكبر دولة أفريقية 'سابقا'، بأنه 'أقرب إلي الحرب من أي وقت منذ توقيع اتفاقية السلام الشامل في يناير 2005'، منبها إلي أنه دون 'مشاركة رفيعة المستوي' من المجتمع الدولي تتضمن 'إجراءات صارمة' تضم 'عقوبات موجهة'، فإن احتمالات الاستقرار بين شمال البلاد وجنوبها تبدو 'قاتمة'. وقال مدير مركز الخاتم عدلان للاستنارة، الباقر مختار، في حديث ل'الشروق': إن الرئيس السوداني عمر 'البشير متوتر، ولا يستبعد الحرب، وهو ما ظهر في تصريحاته الأخيرة حول تقاسم عوائد النفط'. وستتأثر ميزانية السودان سلبا مع انفصال الجنوب المنتج للنفط، حيث تعتمد حكومة الخرطوم علي عائدات البترول بنسبة 65% من إيراداتها، مقابل 98% في الجنوب. ويشهد السودان الآن حروبا دامية في دارفور، التي نزح منها 70 ألف مواطن، إثر 80 ضربة جوية نفذها سلاح الجو الحكومي، في الربع الأول من العام الجاري. في الوقت نفسه، تعيش ولاية جنوب كردفان، وسط البلاد، حربا تأثر بها 1.4 مليون نسمة، فيما فر من القتال 61 ألف شخص منذ يونيو الماضي. وليس الوضع بالأفضل حالا في أبيي المتنازع عليها بين طرفي البلاد، التي هجرها عقب سيطرة جيش حكومة الشمال أكثر من 113 ألف قروي. هذا بخلاف الصراعات القبلية بين مكونات الدولة المرتقبة في الجنوب، الذي شهد نزوح 117 ألفا ومقتل نحو 1400، خلال الشهور من يناير، تاريخ الاستفتاء علي استقلال الإقليم عن الشمال، حتي مايو الماضي. وفي جميع أنحاء السودان، مازال 4.27 مليون نسمة مجبرين علي نزوح داخلي، بحسب النداء العالمي للمفوضية العليا لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. وقال مدير الشبكة السودانية للمراقبة علي الانتخابات، منظمة مدنية بجنوب السودان، أدموند ياكيني، إن التنوع القبلي دون صيغة مقبولة للمشاركة السياسية يعني 'استنساخ نموذج الخرطوم'. يُذكر أن جميع أطراف السودان ظلت، ولوقت طويل، تتهم النخبة المسيطرة علي البلاد، بتهميش قوميات البلاد، سياسيا، عبر إقصائها من السلطة، واقتصاديا، عن طريق إفقار الأقاليم وعدم تنميتها، وثقافيا بفرض الثقافة العربية الإسلامية هوية وحيدة للدولة والمجتمع. ويتهم تقرير منظمات المجتمع المدني حكومة الشمال ب'انتهاكات صريحة لاتفاق السلام'، أما في الجنوب فهناك 'انتهاكات حقوق الإنسان'. وإزاء هذا الوضع، يوصي التقرير، الصادر أوائل الشهر الجاري، بوقف إطلاق النار، لاسيما في جنوب كردفان وأبيي، وإيجاد مناطق منزوعة السلاح بين الشمال والجنوب، والضغط لمنع العدوان العسكري، عبر 'زيادة العقوبات الموجهة، وعدم تخفيف الديون، ووقف تطبيع العلاقات مع الولاياتالمتحدة'. وشدد مختار علي أن ما يحدث في السودان يؤثر سلبا علي الأمن القومي لمصر، التي عليها أن تغير طريقتها القديمة، وهي 'اعتبار حكومة الخرطوم هي المصدر الوحيد لمعلوماتها عن السودان. طوال خمسين عاما، هي عمر الصراع بين الشمال والجنوب، ظل السودان يهدد مصر بأن الجنوبيين لهم علاقات مع إسرائيل، دون أن تسمع منهم 'أي من الجنوب' مظالمهم التاريخية'. وشدد علي أنه 'إلي جانب الوضع الاقتصادي السيئ، هناك مخاوف من تحول الحركة الشعبية إلي حزب أفريقي حاكم، وديكتاتوري'. من المعروف، أن أحزاب الاستقلال الأفريقية، تحولت مع تأسيس دولها في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي إلي أحزاب شمولية ديكتاتورية، اعتمدت علي كاريزما زعماء الاستقلال، وقواعدهم القبلية. وأشار مختار إلي أن 'الأوضاع متطابقة بين الشمال والجنوب، لأن هناك تيارين في الحزب الحاكم في الخرطوم، الأول يري أن النظام عليه التواضع والجلوس مع معارضيه للوصول لصيغة تحافظ علي ما تبقي من البلاد، والثاني يري أن التنوع ليس موجودا في الشمال بعد الانفصال، لذا يجب تطبيق الشريعة الإسلامية بأكثر الصور تشددا'. أما ياكيني فقال: 'الآن نعيش أزمة في الجنوب، بين المطالبين باللا مركزية من أبناء القبائل الصغيرة، وعلي رأسهم رئيس البرلمان، والمطالبين بالمركزية من أبناء الدينكا كبري القبائل الجنوبية، منهم رئيس الجنوب سيلفاكير ميارديت'.