قام مركز سواسية لحقوق الإنسان ومناهضة التمييز بصياغة تقريرا في مراقبة الانتخابات التشريعية الحالية ورصد التجاوزات والانتهاكات التي تحدث بها، من خلال رصد أهم التجاوزات التي حدثت خلال عملية التقدم بالأوراق، وفيما يلي عرض تفصيلي بتلك التجاوزات وأهم التوصيات التي توصل اليها المركز. رصد المركز التجاوزات التي حدثت خلال عملية التقدم بالأوراق وجود حالة من الفوضي وسوء التنظيم أمام بعض لجان تلقي الطلبات أدت لتأخر المرشحون المستقلون والحزبيون في تقديم أوراقهم. والبطء الشديد في قبول الأوراق، وهو ما يمثل مخالفة لما سبق وأن صرحت به اللجنة العليا للانتخابات التي وعدت بتسهيل الإجراءات من خلال وضع تنظيمًا إداريًّا جيدًا بالإضافة إلي زيادة عدد الموظفين، وتسهيل الإجراءات كما هو منصوص عليه في القانون.وتعنت بعض لجان تلقي الطلبات في قبول أوراق المستقلين مثلما حدث في الفيوموالمنياوسوهاجوالإسكندرية، وإصرار تلك اللجان علي أن تسير الإجراءات ببطء شديد لتفويت فرصة التقديم علي الكثير منهم وذلك لمدة يومين متتاليين، وقد دفع ذلك بعض المرشحين ومنهم "كريم مصطفي كمال محروس "مرشح حزب الخضر المصري عن دائرة باب شرق فئات بالإسكندرية، للتقدم بشكوي إلي اللجنة العليا للانتخابات ووزير الداخلية يشكو فيها ما أطلق علية مماطلة المسئولين في قبول أوراق ترشحه وعرضها أمام اللجنة المختصة، بالإضافة إلي حدوث حالة من الفوضي وعدم النظام أمام مكاتب قبول الأوراق، جعلت البعض يعجز عن التقدم بأوراق ترشحه. ,عدم قبول لجنة تلقي الطلبات لأوراق الترشيح الخاصة بعدد من المستقلين في الإسكندرية في أول أيام الترشيح، بالرغم من أن بعضهم نواب سابقين في المجلس، مثل الدكتور "حمدي حسن" المرشح عن دائرة مينا البصل، و"مصطفي محمد مصطفي "عضو مجلس الشعب عن نفس الدائرة علي مقعد العمال، و"صابر أبو الفتوح "عضو مجلس الشعب عن دائرة باب شرق، الأمر الذي دفعهم لتنظيم مظاهرة للمطالبة بحقهم في الترشح والحصول علي الرمز الانتخابي.وجود حشود أمنية كثيفة أمام بعض لجان تلقي الطلبات لمنع المرشحين من الوصول إلي اللجان وتقديم أوراق ترشحهم، مثلما حدث مع "طاهر عبد المحسن" المرشح عن دائرة غربال، و"محمود عطية" المرشح عن دائرة كرموز، وكذلك مع "بشري السمني"مرشحة جماعة الإخوان علي مقعد الكوتة.وقيام الأجهزة الأمنية باختطاف المرشحين وبعض أنصارهم مثلما حدث في كفر الزيات مع أحد أنصار المرشح المستقل "حسنين الشوري"، ومثلما حدث في سوهاج مع المرشح "محمد الأنصاري" الذي تم اختطافه من أجل تفويت الفرصة عليه في التقدم بأوراق ترشحه .فضلا عن سحل أنصار مرشحي الإخوان بالفيوم والاعتداء الجسدي عليهم داخل أقسام الشرطة واحتجازهم احتجازا تعسفيا بالمخالفة للقانون . و غلق بعض اللجان في الساعة الواحدة ظهراً بالرغم من وجود أعداد هائلة من المتقدمين بأوراق ترشحهم، وزعم مسئولي تلك اللجان بأن قرار وزارة الداخلية الخاص بغلق اللجان في الساعة الخامسة عصراً لم يخصهم وإنما يخص محافظات أخري، مثلما حدث في سوهاجوالمنيا والغربية، حيث قامت اللجنة بغلق أبوابها في الساعة الواحدة مما أدي بعشرات المرشحين لأن ينتظروا لليوم التالي حتي يتقدموا بأوراقهم.و وجود حالة من التخبط داخل بعض لجان تلقي الطلبات، حيث قامت اللجنة في سوهاج بتوزيع استمارات علي الحضور لتنظيم عملية استلام الأوراق، وحتي يحصل كل فرد علي حقه، إلا أنها لم تقم بذلك ولم تستدعي سوي عشرة مرشحين أغلبهم رجال شرطة سابقين، وآخرين من بينهم المرشح القبطي "ريمون فرانس "الذي أكد أنه لم يتمكن من تقديم أوراقه، كما أشار البعض الآخر إلي أنه قدم أوراقه ولم يتسلم أي أوراق تثبت ذلك.وقيام بعض لجان تلقي الطلبات بوضع عراقيل غير قانونية أمام بعض المرشحين مثلما حدث في المنيا مع الدكتور "محمد سعد الكتاني"، حيث رفضت لجان تلقي الطلبات تسلم الأوراق إلا بعد تقديم مستندات تثبت عدم منعه من ممارسة الحقوق السياسية، ومستند آخر عبارة عن شهادة الميلاد الإليكترونية للأب، بالرغم من كونه عضو حالي في مجلس الشعب. كما رفضت اللجنة كذلك استقبال أوراق كل من "بهاء عطية" و"محمد عبد العظيم "و"عبد الرحيم علي" و "أبو بكر العيلي" لنفس السبب السابق، وهذا أمر غير قانوني لأنه لا يحق للجنة تلقي الطلبات أن تحدد شرطاً غير موجود في شروط التقدم . والتعسف مع مرشحة الكوتة بالجيزة المهندسة" آمال عبد الكريم" وعدم قبول أوراقها إلا بعد إحضار ما يثبت أنها مقيدة بالدائرة وأن بطاقتها الانتخابية صالحة، وذلك بالرغم من عدم وجود أي نص قانون يعطيهم الحق في ذلك.وعدم قيام بعض اللجان بإعطاء المرشحين رموز انتخابية بالرغم من قبول أوراقهم وقد حدث ذلك في أكثر من محافظة منها محافظة كفر الشيخ التي تم فيها قبول أوراق المرشح "عبد الله مصباح "'عن دائرة بندر كفر الشيخ - فئات' و"محمد شاكر سنار" 'عن دائرة الرياض - فئات' و"موسي زايد "'عن دائرة بندر دسوق - فئات' و"محمد الحليسي" 'عن دائرة العجوزين - فئات' و"علي الششتاوي" 'عن دائرة الحامول والبرلس - عمال' و "فاطمة موسي "'عن مقعد الكوتة - فئات'، دون أن يحصل أي من هؤلاء علي الرمز الانتخابي الخاصة به, وفي محافظة البحيرة تكرر نفس الأمر حيث تقدم النائب الحالي "زكريا الجنايني" بأوراق ترشيحه، وكذلك "حسني عمر" عن دائرة مركز دمنهور، و"منال إسماعيل" مرشحة الكوتة عن البحيرة ولم يحصل أي منها علي الرمز الانتخابي، حيث تم تحديد يوم 7/11/2010 لاستلام تلك الرموز، وقد تكرر الأمر نفسه مع النائب هشام القاضي في محافظة قنا ، دون أن يعرف السبب الحقيقي وراء ذلك.وقيام الأجهزة الأمنية بإرهاب أنصار بعض المرشحين حتي لا يتمكنوا من تقديم أوراقهم، حيث قامت قوة من مباحث قسم شرطة أبو حمص في الساعات الأولي من صباح اليوم الأول لتقديم أوراق المرشحين بمديرية امن البحيرة باختطاف المواطنين"عوض شحاتة" و "إبراهيم مصطفي"، و"ماهر السرساوي"، وترحيلهم لمقر مباحث أمن الدولة بكفر الدوار و تقدم ثلاثة مرشحين بحلوان بشكوي إلي اللجنة العليا للانتخابات، اعتراضاً علي رفض اللجنة قبول أوراقهم بزعم عدم استيفائهم بعض البيانات والأختام، ومن هؤلاء "إبراهيم إسماعيل" المرشح علي مقعد العمال بحلوان. "وعلاء الدين إبراهيم"، المرشح علي مقعد الفئات بالمعادي. وجاءت أهم التوصيات من خلال أولاً يطالب المركز اللجنة العليا للانتخابات الاضطلاع بمسؤولياتها كاملة والتي حددها القانون رقم 56 لسنه 1973 والمعدل بالقانون رقم 173 لسنة 2005، والذي نص في المادة 3 مكرر فقره ج علي " أن تتولي اللجنة الاختصاصات الآتية : وضع قواعد إعداد جداول الانتخاب ومحتوياتها وطريقة مراجعتها وتنقيتها وتحديثها، ووضع القواعد العامة لتنظيم الدعاية الانتخابية، ومتابعة الالتزام بمواثيق الشرف المتصلة بالانتخابات". وكذلك بضرورة رفع يد السلطة التنفيذية ممثلة في وزارة الداخلية ومديرية الأمن عن إدارة العملية الانتخابية بداية من وضع قواعد إعداد جداول قيد الناخبين ووضع قواعد الدعاية ووصولا للمرحلة الأهم وهي يوم الاقتراع ،وذلك من أجل إجراء عملية انتخابية تتمتع بالشفافية والنزاهة يقوم بإدارتها جهة مستقلة تتمتع بالحيدة والنزاهة غير ذي مصلحه في العملية الانتخابية. وبزيادة أعضاء اللجنة العليا للانتخابات، حتي تستطيع البت في الشكاوي الكثيرة المقدمة إليها، خاصة في ظل العمل بالنظام الفردي للانتخابات. واللجنة العليا للانتخابات بعدم الاستعانة في مراقبة الأداء الإعلامي لوسائل الإعلام المملوكة للدولة بأي شخصيات حكومية، إذ من شأن ذلك أن يشكك في مصداقيتها . وبضرورة إجراء تعديل لقانون مباشرة الحقوق السياسية رقم 73 لسنة 1956 المعدل بالقانون رقم 18 لسنة 2007، حتي يسمح لمنظمات المجتمع المدني بمراقبة سير العملية الانتخابية داخل وخارج اللجان، مع ضرورة أن تكون عملية الفرز "علانية"، وتمكين المرشحين ووكلائهم والمنظمات من حضور فرز كل صندوق علي أن يتم الفرز بالمقر الانتخابي، وتسليم نسخة من كشف فرز كل صندوق إلي المرشحين ووكلائهم. وضرورة وضع ضوابط ملزمة لرجال الأمن، حتي لا يتدخلوا في سير العملية الانتخابية، وهو ما يتطلب تحديد ضوابط لتنفيذ المادة 26 من قانون مباشره الحقوق السياسية، والتي تنص علي" أن حفظ النظام في جمعية الانتخاب منوط برئيس اللجنة وله في ذلك طلب رجال البوليس أو القوة العسكرية عند الضرورة علي انه لا يجوز أن يدخل البوليس أو القوة العسكرية قاعة الانتخاب إلا بناء علي طلب رئيس اللجنة". والسماح للمصريين العاملين في الخارج بالتصويت ، وذلك حسب نص المادة '12' من قانون مباشرة الحقوق السياسية، إذ تنص تلك المادة علي أنه "يعتبر الموطن الانتخابي للمصريين المقيمين في الخارج المقيدين في القنصليات المصرية، في آخر جهة كانوا يقيمون فيها عادة في مصر قبل سفرهم، أما المصريون الذين يعملون علي السفن المصرية فيكون موطنهم الانتخابي في الميناء المقيدة به السفينة التي يعملون عليها". وبضرورة الفصل بين مؤسسات الدولة والحزب الحاكم لمنع استخدام المال العام من مباني ومنشآت ووسائل نقل خاصة بالمؤسسات والهيئات الحكومية والمصانع التابعة للدولة أثناء الانتخابات. وإجراء الانتخابات في صناديق زجاجية مصنوعة من مادة بلاستيكية تشبه الزجاج في شكلها ولونها، إذ من شأن ذلك أن يعطي للعملية الانتخابية مزيد من الشفافية والحياد. وإزالة التناقض الحادث بين قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم 73 لسنة 1956م والمعدل بالقانون 18 لسنة 2007م والقانون المنظم لعمل مجلسي الشعب والشوري والذي يسمح لوزارة الداخلية بالإشراف علي مراحل مهمة في العملية الانتخابية، وهي تنقية الجداول الانتخابية وفتح باب الترشيح والإشراف علي أوراق الترشيح، إذ من شأن ذلك أن يسبَّب العديد من المشكلات في مختلف الدوائر الانتخابية؛ حيث انفردت وزارة الداخلية بتقسيم تلك الدوائر وعرضها علي المجلس التشريعي دون استشارة اللجنة العليا للانتخابات, وهو ما يعني أن مراحل مهمة في العملية الانتخابية تحدث فيها العديد من المخالفات والانتهاكات لا سلطة للجنة العليا عليها. وعلي اللجنة العليا للانتخابات توضيح موقفها فيما يتعلق بمراقبة المنظمات الحقوقية الوطنية لمجريات العملية الانتخابية، والسماح لمنظمات المجتمع المدني بمراقبة العملية الانتخابية والتواجد داخل وخارج اللجان الانتخابية حتي يمكنهم نقل صورة صحيحة ومحايدة لما يحدث من مخالفات وانتهاكات قد تشوب العملية الانتخابية, وذلك حسب ما نص عليه قانون مباشرة الحقوق السياسية في المادة "3′′ مكرر فقرة "ج" والذي "يعطي للجنة العليا الحق في إعطاء منظمات المجتمع المدني التصاريح الخاصة بمراقبة الانتخابات". وقيام اللجنة العليا للانتخابات باتخاذ إجراءات من شأنها أن تسهل عملية التصويت، بالإضافة لتخصيص لجنة فرعية بكل لجنة عامة لذوي الاحتياجات الخاصة، علي أن يكون موقعها بالدور الأرضي حتي يتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات خاصة أن عددهم يشكل كتلة تصويتية كبيرة. وعلي وزارة الداخلية بضرورة التركيز في الجوانب الأمنية المنوطة بها والتي من شأنها أن تضمن سلامة ونزاهة العملية الانتخابية، مع عدم تخطي هذا الدور بأي شكل من الأشكال ومثلما هو متبع حالياً من قيام بعض الأجهزة الأمنية بخطف وإرهاب المرشحين تحقيقاً لأجندة سياسية خاصة، حتي لا تفقد الوزارة ورجالها الثقة الجماهيرية، مما قد يؤثر علي سير العملية الانتخابية ويدفع الجماهير للعزوف عن العملية الانتخابية والسياسية، ومن ثم تزداد الاتهامات والملاحقات للوزارة مما قد يؤثر في أعمالها وبالتالي يؤثر علي الأمن والاستقرار في مصر، خاصة وأنه يتوقع أن تشهد تلك الانتخابات معارك ومنافسات شرسة، وذلك بعد أن قام الحزب الوطني بالإعلان عن وجود أكثر من مرشح علي المقعد الواحد في الكثير من الدوائر الانتخابية، وهي عملية في غاية الخطورة لأنها قد تتسبب في مصادمات شرسة بين الفصيل الواحد، وهو ما قد يضر بالأمن في البلاد، الأمر الذي يتطلب من وزارة الداخلية أن تكرس جهودها لتحقيق الأمن ومنع حدوث تجاوزات، والضغط علي الجميع من أجل احترام قواعد العملية الديمقراطية. وعلي اللجنة العليا للانتخابات بضرورة التحرك الجاد لإدارة العملية الانتخابية والتحكم في كافة فعالياتها ومنع التدخلات الأمنية في مجرياتها، وذلك من أجل كسب ثقة الناخب والمرشح، خاصة وأن هناك انتقادات كثيرة موجهة للجنة العليا للانتخابات منذ انتخابات مجلس الشوري السابقة، ومن شأن استمرار تلك الانتقادات أن يفقد تلك اللجنة الثقة، ويجعلها عاجزة عن الاضطلاع بالمهام الموكولة إليها, وهو ما قد يؤثر علي عملية التحول الديمقراطي الذي تشهده مصر حالياً.