طالبت المنظمات غير الحكومية، وخبراء دوليون، الأمم المتحدّة والمجتمع الدولي بالتحقيق في جرائم الإحتلال الأمريكي في العراق. جاء ذلك في بيانات ولقاءات خلال إنعقاد الدورة الخامسة عشرة لمجلس الأمم المتحدّة لحقوق الإنسان في الفترة من 13 أيلول/سبتمبر لغاية 1 تشرين الأول/أكتوبر 2010، في جنيف. وأكدّت أن العراق ما يزال محتلاً من الناحية الواقعية مما يتوجب علي المجلس أن يضع باستمرار مناقشة حالة العراق كبلد واقع تحت الإحتلال، وأن قوات الإحتلال الأمريكي ما تزال ترتكب الجرائم ضد أبناء الشعب العراقي وبما فيها جرائم أرتكبت بعد الإعلان الرسمي عن إنسحاب القوات الأمريكية من العراق. كما أشارت في بيانات ولقاءات مع الصليب الأحمر الدولي والبعثات الدبلوماسية في جنيف وهيئات حقوق الإنسان الي وضع الأسري المعتقلين العراقيين في السجون الأمريكية وسجون السلطات العميلة. وأوضحت أنهم يتعرضون لمعاملة غير إنسانية، وأنهم محرومون من أبسط حقوقهم. وذكّرت بما يتعرّض له المعتقلون من قادة الحكم الوطني في العراق والقادة العسكريون من محاكمات غير شرعية ولا تتوفر فيها أبسط معايير المحاكمات العادلة حيث منعوا من الإستعانة بمحاميهم. وبيّنت أن كل الأحكام التي صدرت ضد المعتقلين كانت أحكاماً إنتقامية سبق أن أدانها المقرّر الخاص عن إستقلال القضاء والمحامين وأدانتها الكثير من الدول ضمن الإستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان في العراق في شباط/2010، وطالبت بضرورة العمل علي إلغاء هذه الأحكام وإطلاق سراح جميع الأسري والمعتقلين من السجون الأمريكية والحكومية. وعلي صعيد آخر قال الخبير البريطاني المستقل البروفيسور كريس بازبي، في ندوة علي هامش الاجتماعات ولقاءات مع مسؤولين في الأممالمتحدة، أن القوات الأمريكية استخدمت أنواعاً جديدة من الأسلحة في حربها ضد العراق لم تستخدمها في أي مكان آخر. وأن التأثيرات الخطيرة الناجمة عن استخدام تلك الإسلحة فاقت بأضعاف التأثيرات الناجمة عن القنبلة الدرية التي القيت علي هيروشيما. واعتبر دلك جريمة كبري يتوجب علي المجتمع الدولي معاقبة مرتكبيها. ونقلت شبكة البصرة انه أثناء دورة مجلس حقوق الإنسان قدّم الفريق العامل المعني باستخدام المرتزقة كوسيلة لإنتهاك حقوق الإنسان وإعاقة ممارسة حق الشعوب في تقرير مصيرها، تقرير الدوري عن أنشطة الفريق خلال الفترة الماضية. وأوضح الفريق خطورة التوسع بإستخدام الشركات الأمنية الخاصة علي السلام في مناطق كثيرة من العام. وذكّر الفريق العاملً الدول بمسؤولياتها عندما تتعاقد مع مثل هذه الشركات وبالآثار السلبية الممكنة عندما تعمل تلك الشركات في مناطق نزاع دون أن يكون ثمة إطار قانوني أو آلية قانونية تكفل احترام تلك الشركات لقانون حقوق الإنسان الدولي وللقانون الإنساني الدولي. وأوصي الفريق العامل بحظر الاستعانة بشركات الخدمات العسكرية والأمنية الخاصة للقيام بوظائف تكون بطبيعتها حكراً علي الدولة وفقاً لمبدأ احتكار الدولة للأستخدام المشروع للقوة. وبين الفريق العامل، أن أفغانستان والعراق تمثلان أكبر مسرح لعمليات كل من شركات الخدمات العسكرية والأمنية الخاصة وأن الولاياتالمتحدةالأمريكية، التي لها أكبر حضور عسكري ودبلوماسي هي المستخدم الرئيس لتلك الشركات. وأورد الفريق العامل أنه زار الولاياتالمتحدةالأمريكية في الفترة من 20 تموز/يوليه إلي 3 آب/أغسطس 2009، وتبيّن له أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تعتمد إعتماداً كثيراً علي القطّاع العسكري والأمني الخاص في تنفيذ عملياتها العسكرية في كل أنحاء العالم. وأن شركات الخدمات العسكرية والأمنية الخاصة الأمريكية تهيمن علي هذا القطّاع الجديد الذي يدر دخلاً قد يصل إلي مائة مليار دولار سنوياً. وأن قوات القطاع الخاص تشكل قرابة نصف مجموع القوات الأمريكية المنتشرة في أفغانستان والعراق. وواصل الفريق العامل تقريره بالقول، أنه لاحظ شح وغموض المعلومات المتاحة بشأن نطاق ونوع العقود التي تبرمها حكومة الولاياتالمتحدة مع شركات الخدمات العسكرية والأمنية الخاصة. ويتفاقم انعدام الشفّافية بوجه خاص عندما تقوم الشركات بالتعاقد من الباطن مع شركات أخري. ويكون الوضع مبهماً بشكل خاص عندما تتعاقد وكالات الاستخبارات الأمريكية مع شركات الخدمات العسكرية والأمنية الخاصة بذريعة اعتماد السرية حفاظاً علي ألامن القومي. وأوضح أنه أرسل خلال الأشهر القليلة الماضية رسائل الي خمسة عشر بلداً يعلمها بتورط عناصر من مواطنيها بأعمال ضمن تلك الشركات. وقال الفريق العامل ان هنالك تغييرات خطيرة في أعمال هذه الشركات ومنها دورها في نزاعات محلية وتغيير ولاءاتها. وأشار في هذا الصدد الي أن بعض الشركات العسكرية والأمنية الخاصة التي تعاقدت معها الحكومة الأمريكية للعمل في أفغانستان قد بدأت تتعاون مع طالبان ومع بعض المتمردين. وفيما يتعلق بالعراق، أكدّ الفريق العامل قلقه من نشاطات الشركات الخاصة ومن عدم أمكانية محاكمتهم. وفي هذا الصدد أورد بعض ما قامت به بلاك ووتر من جرائم في العراق ومنها جريمة ساحة النسور التي أدت إلي إستشهاد سبعة عشر مدنياً عراقياً وجرح أكثر من عشرين آخرين، مبيناً خشيته من أن يتحول قرار المحكمة الفيدرالية الأمريكية بعدم توجيه إتهام لحراس الشركة عن الجريمة المذكورة إلي وضع لا يمكن فيه مساءلة أحد عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. وأوضح الفريق العامل في تقريره أنه من خلال دراسته للمعلومات المقدّمة عن شركة بلاك ووتر التي تعمل حاليا باسم 'إكس إي/بلاك ووترXe/Blackwater' تبين له ان حراس هذه الشركة كان اول من اطلق النار في ثمانين بالمائة من حوادث اطلاق النار في العراق منذ عام 2005. وافاد الفريق العامل بتورط شركتين اخريتين مقرهما في الولاياتالمتحدةالامريكية هما 'CACI' و 'L-3 Services' 'سابقا Titan Corporation'، في تعذيب سجناء عراقيين في سجن أبو غريب، وأن الشركتين كانتا متعاقدتين مع الحكومة الأمريكية وكانت الأولي مسؤولة عن الإستنطاق والثانية عن تأمين خدمات الترجمة في سجن أبو غريب وفي مرافق أخري في العراق حسب ما أورده تقرير الفريق العامل. وفي ختام تقريره قدّم الفريق العامل إقتراحات بشأن إعتماد صك قانوني جديد يتناول شركات الخدمات العسكرية والأمنية الخاصة، من أجل تنظيم نشاطاتها بما يضمن التزامات محدّدة علي الدول المتعاقدة، للحدّ من إفلات هذه الشركات من العقاب. وتضمن النص التزامات محددة علي الدول بموجب قانون حقوق الإنسان الدولي، بما في ذلك اعتماد ما يلزم من تشريعات لإنفاذ تلك الإلتزامات. ويتوجب لهذا الغرض اتخاذ تدابير مناسبة لمنع اي سوء تصرّف والتحقيق فيه والعقاب عليه وتوفير سبل إنتصاف فعّالة منه. وقد واجه هذا الإقتراح خليطاً من المواقف بين رافض له علي أساس أنه يجب منع عمل الشركات الخاصّة نهائياً، وبين من يعتقد بأنه في حالة عدم أمكانية المنع فأن تضييق العمل ووضع قواعد وشروط صارمة له هو الأفضل، وبين من لا يريد تضييق إستخدام هذه الشركات كالولايات المتحدّة الأمريكية. وفي ختام الدورة إتخذ مجلس حقوق الإنسان قراراً يعيد فيه التأكيد علي أن إستخدام أوالتعاقد أو تمويل أو تدريب المرتزقة هو مبعث قلق كبير لجميع الدول ويعد خرقاً للأغراض والمبادئ المكّرسة في ميثاق الأمم المتحدّة، وتدعو جميع الدول لتوخي أقصي درجات الحذر من اي نوع من أنواع التعامل مع المرتزقة والشركات الخاصة التي توفر استشارات عسكرية دولية وخدمات أمنية، وإلي فرض حظر محدد علي تلك الشركات التي تتدخل في النزاعات المسلحة. كما يدين القرار نشاطات المرتزقة في الدول النامية وبخاصة في مناطق النزاعات، وما تشكله من تهديد للوحدة الوطنية وحقّ هذه الدول في تقرير مصيرها بنفسها. ويمدد القرار عمل الفريق العامل لثلاث سنوات أخري، ويطالبه بالإستمرار بمراقبة نشاطات المرتزقة وكل ما له صله بذلك بما فيه نشاطات الشركات العسكرية والأمنية الخاصة في مختلف مناطق العالم، وبما في ذلك أيضاً الحالات التي تقوم بها دول بتقديم حماية الي أشخاص يقومون بنشاطات من هذا القبيل. ويدعو القرار الدول والمنظمات غير الحكومية وكل المدافعين عن حقوق الإنسان الي العمل علي تنفيذه والإبلاغ عن كل الحالات ذات الصلة. كما طالب الفريق العامل بأعداد تقرير شامل عن التنفيذ لكي يعرض علي الجمعية العامة للأمم المتحدّة في دورتها الخامسة والستون، والي مجلس حقوق الإنسان في دورته الثامنة عشرة اللتان ستعقدان العام المقبل. وبنفس الوقت سيستمر المجلس بالنظر في مشروع الصك الدولي خلال الدورات القادمة. وقد رفضت الولايات المتحدّة ومعظم الدول الأوربية هذا القرار. ويواصل عدد من المنظمات غير الحكومية التي تتابع موضوع العراق تزويد الفريق العامل بما يصلها من معلومات محدّدة عن أعمال هذه الشركات وتجاوزاتها من أجل محاكمتها ومحاكمة من يستخدمها مستقبلاً. جريمة إستخدام الجيل الرابع من القنابل الذرية ضد القوات العراقية والمقاومة الوطنية. وعلي صعيد آخر قال الخبير البريطاني المستقل البروفيسور كريس بازبي أن القوات الأمريكية إستخدمت أنواعاً جديدة من الأسلحة في حربها ضد العراق لم تستخدمها في أي مكان آخر. وأوضح بازبي، الذي كان يتحدث في ندوة علي هامش إجتماعات مجلس حقوق الإنسان حضرها دبلوماسيون وموظفون من الأمم المتحدّة وممثلون عن المنظمات غير الحكومية والصحافة، أن كل المؤشرات والنتائج التي أعقبت العمليات العسكرية الرئيسية ضد الجيش العراقي تؤكد بوضوح هذه الإستنتاجات. وقال إن إحدي المعارك التي يمكن التطرق إليها كمثال كانت معركة المطار حيث كانت تدور معارك عنيفة جدّاً مع الجيش العراقي إلي أن عاملاً حاسماً قد دخل فجأة فغير المعادلة لصالح الجيش الأمريكي. وقال أن من خلال ما أورده شهود عيان عن طبيعة ذلك التحوّل الذي تمثل بإستخدام سلاح ذا قوة هائلة تعصف بأقوي الدروع وتخرجها من ساحة المعركة. وأن ذلك السلاح لم يكن قنابل بأحجام كبيرة، أو صواريخ، ولكنه كان عبارة عن حجم أصغر من القنابل تمثل الجيل الرابع من الأسلحة الذرّية التي تجري صناعتها من خلال مواد صغيرة الحجم لكنّها شديدة الفتك وتولد قوة عصف تدميرية هائلة لا تقوي الجيوش النظامية ذات الأسلحة التقليدية علي مجابهتها. وأكدّ البروفيسور بازبي، أن هذا النوع من السلاح، فضلاً عن الأنواع الأخري من الأسلحة الفتّاكة، قد إستخدم ضد المقاومة في مدينة الفلوجة. وأنه قد توصل من خلال الدراسات المختبرية التي أجراها عن وجود اليورانيوم المخصّب في نماذج حصل عليها من المدينة المذكورة مما يؤكدّ أن الولايات المتحدّة قد إستخدمت هذا النوع الصغير من القنابل الذرّية في معركتيها ضد المقاومة الوطنية في الفلوجة في شهري نيسان و تشرين الثاني/2004. وأشار أن دراسته أثبتت أن التأثيرات السلبية الخطيرة الناجمة عن استخدام هده الأسلحة علي السكان تفوق بأضعاف تلك التي نجمت عن إلقاء القنبلة الذرية علي هيروشيما. وأعتبر أن ذلك يشكل بوضوح جريمة كبري ضد الإنسانية ينبغي علي المجتمع الدولي أن يتنبه لها وأن يحاكم مرتكبيها، وان يقوم ما بوسعه لمعالجة آثارها في العراق لأن تركها سيعني دماراً للمنطقة كلها. من جهته قدّم الدكتور محمد طارق الدراجي، مدير شبكة رصد حقوق الإنسان في العراق ورئيس مركز حماية البيئة والمحميات في الفلوجة, تقرير عن جرائم ضد الإنسانية ارتكبت في الفلوجة إضافة الي شهادته الشخصيّة عن الانتهاكات التي قامت بها القوات الأمريكية في الفلوجة منذ دخولها المدينة وخصوصا خلال المعركتين المذكورتين سواء من خلال وجوده الشخصي أو المقابلات التي أجراها مع شهود عيان والشهادات الخطية للضحايا. وعرض خلال الندوة وثائق تؤكد تلك الجرائم. ومن تلك الوثائق شهادات موثقة من الضحايا أو عوائلهم ومن بعض الدوائر الرسمية في مدينة الفلوجة بما فيها المستشفي معزّزة بالصور, كما عرض نماذج من انتهاكات شركات المرتزقة في العراق وخاصة شركة بلاكووتر وسجلها الإجرامي عبر صور فوتغرافية وبتسجيلات فيديوية. وتناول ايضا عمليات التعذيب للأسري والمعتقلين في سجون الإحتلال الأمريكي والسلطات العميلة والمعاملة اللاإنسانية لهم. وباشراف مركز جنيف الدولي للعدالة تم تسليم نسخاً من هذه الوثائق إلي الهيئات الحقوقية المعنيّة لدي الأممالمتحدة لطلب التحقيق ومحاكمة المجرمين. كما عقد الخبراء والمنظمات غير الحكومية اجتماعات منفردة مع ممثلين عن الصليب الأحمر الدولي والمفوضية السامية لحقوق الإنسان وممثلين عن مجلس حقوق الإنسان وقسم الإجراءات الخاصة والدول الأعضاء فيه تناولوا فيه بالتفصيل جرائم الاحتلال الأمريكي في العراق والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في العراق. وطالبوا بإتحاد كل الإجراءات الممكنة لوضع حد لهده الانتهاكات، وناشدوا هده الهيئات أن تضطلع بمهامها بتثبيت كل تلك الجرائم والانتهاكات من أجل ضمان محاكمة مرتكبيها وكل المساهمين بها وكل أولئك الساكتين عنها. كما طالبوا بوضع آلية دائمة لمتابعة أوضاع حقوق الإنسان في العراق بما يضمن التحقيق في كل ما جري فيه من إنتهاكات منذ بدء الغزو والإحتلال الأمريكي عام 2003 وحتي زواله نهائياً